من افتتاحية جريدة تشرين السورية بقلم رئيس تحريرها

يطرح المقال سؤالاً : “وهل نحن أعداء إسرائيل؟”، ثمّ يجيب: “نعم ولا. نعم: لأنّنا قضينا سنوات مديدة ونحن نقول إنّنا أعداء إسرائيل، كما أنّها لا تزال تحتلّ بعض أرضنا. ولا: لأنّ أموراً كثيرة تجمعنا بهذه الدولة الجارة، أهمّها مكافحة الإرهاب، وهي قد تتطوّع لتحسين علاقاتنا مع الولايات المتّحدة التي لا تزال تقيم في بلدنا، وعلينا أن نتعامل معها بما أمكن من إيجابيّة وتفهّم. ومن يدري فإسرائيل قد تنسحب ذات يوم من الجولان وتعيده إلينا”.

“وهل نحن سوريّون؟ نعم ولا. نعم: لأنّنا نحمل اسم هذا البلد الذي ينطبع على جوازات سفرنا، كما أنّه الاسم الذي تستخدمه الدول والمنظّمات الدوليّة والإقليميّة في وصفنا. ولا: لأنّنا ينبغي أن لا نتمسّك كثيراً بهذه الصفة إذ أنّ الدول التي نتعامل معها، والتي قاتلت إلى جانبنا، لا تحبّ مبالغتنا في الاعتزاز بالوطنيّة أو التركيز على الهويّة السوريّة. وإذا سألَنا القارىء العزيز، أو أي مواطن شريف في القطر، عن سبب هذا الجمع المتكرّر بين الـ “نعم” والـ “لا”، أجبناه بالتالي: هناك سببان وراء ذلك: الأوّل أنّ أعداءنا التكفيريّين وحدهم هم الذين يتمسّكون بقناعات جامدة ونهائيّة لا يتزحزحون عنها، ولا يرضون لها بديلاً، بل يصفونها بأنّها مقدّسة. ولأنّنا النقيض التاريخيّة للإرهاب التكفيريّ، فإنّنا نتمسّك بأقصى المرونة والليونة، وندافع عن سيولتنا في الأفكار، وهي وحدها ما يحمي مصالحنا. أمّا السبب الثاني فأنّنا نعيش في عصر دونالد ترامب الذي يغيّر آراءه عدّة مرّات في اليوم الواحد، ولا بدّ أنّ هذا السلوك هو الطريقة الحضاريّة في عالمنا الراهن”.

وسوم: العدد 806