مسيرة 26 أفريل 2019

صليت الجمعة بمسجد "الكوثر" بحي لالة عودة وهو أسميه بمسجد "الساڤية" قبل أن يتمّ محو آثارها والاستغناء عنها منذ سنوات حين استبدلت البساتين المثمرة التي تركها الاستدمار الفرنسي بالإسمنت. ومن الملاحظات التي وقف عليها المتتبّع وهو يجوب مسيرة 26 أفريل 2019:

1.      للمرّة الثّانية على التّوالي تحدث نفس الفوضى والانقسام بين المشاركين. قسم يريد أن تكون المسيرة في ساحة التضامن وقد أعدّ العدّة من شعارات غالية الثمن وجميلة متقنة، وأغاني وطنية تلهب المشاعر، ومنصّة أعدّت لإلقاء الكلمات.  وقسم فضّل المسير عبر المسيرة كما كان يفعل منذ 10 أسابيع مستعينا بشعارات وهتافات. وكانت الكلمة الأخيرة لأصحاب المسيرة كما كانت من قبل.

2.      هذه الفوضى كانت سببا في انسحاب عدد كبير من المسيرة ماجعل العدد يتناقص بشكل كبير وملحوظ مقارنة بالأسابيع الماضية. وقد سبق لي أن تطرقت لهذا العفن في مقال لي الأسبوع الماضي بعنوان: " مسيرة 19 أفريل 2019"، وبتاريخ: الجمعة 13 شعبان 1440 هـ الموافق لـ  19 أفريل 2019  لمن أراد الرجوع إليه.

3.      بمجرّد ماوصلت البيت عائدا من المسيرة كتبت على صفحتي: " رأيت ديكتاتورية السّلطة مذ كنت طفلا يلهو ويعبث. واليوم رأيت رأي العين ديكتاتورية الشارع تلهو وتعبث"، وأنا أعبّر بحزن بالغ عن مارأيت وما سمعت من هذا الفريق وذاك.

4.      يخطىء من يعتقد أنّ الديكتاتورية تنحصر في السّلطة دون ديكتاتورية الشّارع، فوجب إذن محاربة الاثنين معا وباستمرار ودون ملل لأنّ مواجهة الاثنين وفي نفس الوقت تتطلّب جهدا فوق العادة، وصبرا غير مسبوق، وتحمّل للآثار  المحزنة على المدى القريب، ونفسا طويلا وعميقا، وصدقا وإخلاصا ثابت، وانتظار للنتائج المفرحة على المدى البعيد لأنّ المفسدين الذين يستعملون السّلطة والشارع معا لايمكنهم بحال أن يتخلّوا عن نفوذهم ومصالحهم وسيقاومون بكلّ الوسائل لتثبيت ديكتاتورية السّلطة وديكتاتورية الشارع.

5.      الشارع الذي خرج للحدّ والقضاء على ديكتاتورية السّلطة التي قهرته منذ عقود ونجح في خطوات وقطع أشواطا كنّا نراها إلى ماقبل 22 فيفري 209 بأيام معدودات من المستحيل، فهو مطالب إذن  أن يسعى في نفس الوقت للحدّ والقضاء على ديكتاتورية الشّارع لأنّ التفريق بينهما من الفساد، ومن تمام النجاح والحضارة والقوّة محاربة الاثنين معا والحدّ من الأخطار المنبثقة عنهما.

6.      وأنا أجوب المسيرة قرأت بعض الشعارات المسيئة للجيش الشعبي الوطني، وكانت تلك من أسوء الشعارات التي رأيتها وقرأتها لحدّ الآن ومنذ 10 أسابيع مرّت على أحداث الجزائر. أجبت الشباب الحامل للشعارات حينها وأضيف الآن وأؤكّد: لم ينزل الجيش الدبابة، ولا جنوده للشارع، ولم تطلق رصاصة واحدة، وتمّ حقن دماء الجزائريين، ولم تسفك قطرة دم واحدة، وتمّ تقديم ملفات الفساد والمفسدين للعدالة والإطاحة بكبار المفسدين وأخطرهم على أمن وسلامة الجزائر في انتظار  القادم وتقويم وتصحيح مايجب تقويمه وتصحيحه.

7.      الجيش الشعبي الوطني مؤسّسة دستورية قوية تعهدت بضمان حماية خيار المجتمع ووفّت بعهدها لحدّ الآن، والمطلوب الوقوف إلى جنبها ومساندتها مادامت لحدّ الآن قامت بما يجب من حماية ورعاية وتلبية لمطالب المجتمع باحترافية عالية وسلمية أبهرت الداخل والخارج.

8.      لا أعرف لحدّ الآن مؤسّسة جزائرية في مستوى قوّة واحترافية الجيش الشعبي الوطني ولا يمكن الآن تجاوزها فإنّ ذلك من الانتحار للجزائر والجزائريين.

9.      سبق لبعض الدول العربية أن أساءت لجيشها وقامت بتفكيكه فما زالت إلى الآن تعيش القتل والدمار منذ سنة 2011 ولم تستطع مواجهة مجموعة صغيرة أدّت بهلاك مئات وآلاف من الجنود الجدد غير المدرّبين بعد تفكيك جيشها الوطني، والمطلوب حاليا الوقوف مع الجيش الشعبي الوطني الجزائري ومساندته في سلميته واحترافيته وحقنه للدّماء ومحاربته للفساد في انتظار أن تسترجع الجزائر عافيتها في أسرع وقت ممكن.

وسوم: العدد 822