لا يمكن لمن يطبع مع إسرائيل أن يعترض على تطبيع الآخرين معها

اعترض نبيل شعث مستشار رئيس السلطة الفلسطينية للعلاقات الخارجية والدولية على دعوة دولة الإمارات إسرائيل للمشاركة في معرض " إكسبو 2020 " المتظر إقامته في دبي في الفترة بين أول أكتوبر 2020 وأبريل 2021 ، وهو معرض خاص بالابتكارات والتقنيات الجديدة ، وأعلن شعث أنه " سيكون هناك تواصل رسمي مع الإمارات حول الأمر " . وما من عربي شريف إلا ويعترض على أي خطو تطبيعية مع إسرائيل العدو الألد والأخطر للعرب والمسلمين ، والتي لا تتوقف عن قتل الفلسطينيين واعتقالهم وهدم بيوتهم والاستيلاء المتوالي على ما تبقى من أراضيهم في الضفة ، وترفض بتصلب وصلف دفع أي ثمن مهما صغر لأي خطوة تطبيعية عربية معها لقناعتها أن المطبعين العرب أكثر حاجة منها إلى هذا التطبيع لما يجلبه لهم من رضا أميركا عنهم ومن حمايتها لأنظمتهم ، ولزعمها أنهم في حاجة إلى تقنيتها المتطورة في المياه والزراعة والطب والاتصالات ، ولزعمها أيضا أنها تستطيع أن تحميهم خاصة دول الخليج من إيران .  ولا يمكن لمن يطبع مع إسرائيل أن يعترض على تطبيع الآخرين معها . أول مقويات الاعتراض في أي قضية ألا تفعل أنت ما تعترض عليه حين يفعله الآخرون ، وإلا فما حجتك ؟! السلطة الفلسطينية مطبع كبير وشامل مع إسرائيل ، وأخطر تطبيعها هو التنسيق الأمني ، وهم اسم مهذب عمدا لحقيقة رهيبة . ولا حجة ذات قيمة للقول إن هذا التنسيق جزء من اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ، فاتفاق أوسلو ضربة قاتلة للفلسطينيين ، والتمادي فيه تعميق لفوادح هذه الضربة . وباطل كبير زعم السلطة أن التنسيق الأمني مفيد لطرفيه . هو مفيد لإسرائيل فحسب . واتفاق أوسلو منذ إعلانه في سبتمبر 1993 فتح الباب عريضا لإقامة عشرات الدول علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ، وحجة مقيمي هذه العلاقات أنهم لا يستطيعون أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم . وأشاعت أجواء تنفيذ الاتفاق في 1994 أوهاما وأخطاء في كل العالم بأن القضية الفلسطينية حلت أو لم يبق منها إلا القليل . ظهر في هذه  الأجواء مصطلح " دولة فلسطين " ، و " رئيس دولة فلسطين " ، وظهرت حكومة فلسطينية ووزراء فلسطينيون ، ومجلس تشريعي فلسطيني منتخب . ورئيس دولة فلسطين الحالي عباس ، المنتهي الصلاحية منذ 10 سنوات ، أكثر رؤساء العالم زيارات خارجية  ، وسجل له في 2018 ،    109  زيارات دون ذرة فائدة للقضية الفلسطينية ، ومن يحسب تكاليفها على حساب  شعب فقير ؟! والسلطة الفلسطينية تعلم أن اعتراض رموزها على المطبعين العرب لا قيمة له ولا حجة فيه ، والمسألة كلها تسجيل مواقف ، بل نفاق ، وهذا هو البلاء المقيت . المهم تسجيل المواقف ولو نفاقا لعلم المسجلين المنافقين أن الشعوب العربية والإسلامية ترفض التطبيع مع إسرائيل وتحتقر المطبعين . والمسجلون المنافقون يهمهم إرضاء هذه الشعوب بالكلام في الإعلام . وهذا هو الفرق القاتل بين المسئولين العرب والمسئولين الإسرائيليين .المسئول الإسرائيلي لا يمكن  أن يكذب على " الشعب الإسرائيلي " ، هو يعرف أنه لا يمكنه هذا ، وهم يملكون الوسائل لكشفه والآليات لمعاقبته إذا كذب . وإلى أن يخاف المسئولون العرب من قدرة شعوبهم على كشف أكاذيبهم  ومساوئهم المخيفة ومعاقبتهم عليها سيتواصل كل ما فيه خيبة وضرر لنا ، وكل ما فيه نجاح ونفع لإسرائيل .  ولم يستقم حال شعب من الشعوب إلا باستقامة مسئوليه بعد ما صنع هو آليات وضوابط استقامتهم .

وسوم: العدد 822