فهمي شراب والأهداف النبيلة

clip_image002_8f6cd.jpg

لا أعرف فهمي شراب ولا يعرفني، لكنّني تابعت نشاطه الإنسانيّ وعمله الدّؤوب للافراج عن المعتقلين لأسباب ماليّة في قطاع غزّة الذّبيح. فقد وضع الرّجل النبيل هدفا نبيلا نصب عينيه، وهو دفع المبالغ الماليّة المترتّبة على بعض النّساء والرّجال، ممّا أدّى إلى اعتقالهم بعد رفع قضايا ضدّهم، وبغضّ النّظر عن "القانون" الذي يجيز اعتقال من جار عليه الزّمن واستدان؛ ليطعم أطفاله، فإنّ ما قام به فهي شراب يستحق أن ننحني اجلالا واحتراما له ولإنسانيّته. ومعروف أنّ قطاع غزة يعاني حصارا شديدا، منذ اختطاف حماس له في منتصف العام 2008، ممّا دمّر الاقتصاد، وجعل حوالي مليوني مواطن فلسطينيّ يعيشون حياة بؤس وفقر وحرمان غير مسبوقة.

وللتّذكير فإنّ الخليفة الثّاني عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لم يقم الحدّ على السّارق في عام الرّمادة، فلماذا يتمّ اعتقال المعوزين والمحتاجين الذين استدانوا لسدّ رمقهم في قطاع غزّة؟

وعودة إلى الانسان الرّائع فهمي شراب، فالرّجل النبيل حقّق هدفه النّبيل كشخص، دفع من جيبه، وفتح باب التّبرّعات، وعمل بشفافيّة زائدة، فقد كان ينشر عن كلّ فلس يتلقّاه، وجاب مراكز الشّرطة في قطاع غزّة من شماله إلى جنوبه، يسدّد ما يترتّب من مبالغ عن معتقلات ومعتقلين، فيتمّ الافراج عنهم في هذا الشّهر الفضيل، ولنبل الرّجل وحفاظا منه على كرامات النّاس فإنّه لم ينشر أيّ اسم أو صورة لمن قام بتسديد ديونهم كما يفعل البعض، فالرّجل عمله إنسانيّ خالص لوجه الله، ولا يبغي منه حمدا ولا شكورا.

وما قام به فهمي شراب من جهد فرديّ للتّفريج عن كرب من جارت عليهم الأيّام والسّنون لم تقم به مؤسّسات رسميّة أو دوليّة، ولا منظّمات غير حكوميّة، ولا جمعيّات خيريّة، ولا مؤسّسات تتدثّر بعباءة الدّين، مع وضع ألف علامة استفهام وراء كلّ هذه "المؤسّسات" التي ترفع شعارات ظاهرها حق وباطنها باطل، واستغلّت أوضاع شعبنا للتّسوّل من جهات أجنبيّة للإثراء الشّخصيّ. وليتها توقّفت عند حدود ذلك بل تعدّته إلى التّشهير بالمحتاجين، من خلال نشر صور ماجدات وأطفال ورجال يصطفّون أمام مؤسّسة ما لاستلام طرد غذائيّ بخس القيمة. وهذا ما لم يفعله النّبيل فهمي شراب، الذي فرّج كرب ما يقارب 1500 امرأة ورجل، وأخرجهم من الاعتقال، ليعودوا إلى أحضان أسرهم.

فطوبى وألف مرحى لك أيّا النبيل فهمي شراب فأنت قدوة تقتدى، " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ."

وسوم: العدد 827