تقدير موقف حول إمكانية التجديد لولاية "الأونروا"

الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين

الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين

بيروت – الخميس 11 تموز/يوليو 2019

تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتصويت الدوري للتجديد لولاية "الأونروا" كل ثلاثة سنوات، وآخر تجديد كان خلال إنعقاد الدورة الـ 71 للجمعية العامة في شهر أيلول/سبتمبر 2016 بالتصويت لـ 167 دولة لصالح التجديد الذي بدأ عملياً إبتداءً من الأول من كانون الأول/ديسمبر 2016.

يكتسب التصويت هذه المرة أهمية خاصة إذ هو متزامن مع تطورات سياسية هامة تتعلق بالقضية الفلسطينية عموماً وقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة على وجه الخصوص في ظل الحديث عن ما يسمى بـ "صفقة القرن" والتدرج التصاعدي لحالة العداء لوكالة "الأونروا" والتي بدأها حِلف نتنياهو - ترامب مع بدايات العام 2017 وليس آخرها حديث مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط جيمس غريمبلات أثناء إنعقاد لقاء مجلس الأمن الدولي في 22/5/2019 عندما قال بأن وكالة "الأونروا" قد أصبحت في "الرمق الأخير" ودعى إلى إنتقال الخدمات التي تقدمها الوكالة إلى الدول المضيفة للاجئين والمنظمات غير الحكومية وبأن الفلسطينيين يستحقون جهة أفضل دعم من "الأونروا".

تتجه الأنظار إلى الدورة الـ 74 للجمعية العامة التي ستنعقد في نيويورك في 17/9/2019 حيث سيجري التصويت الجديد؛ ومعها الكثير من التساؤلات والمخاوف وعلى كافة الصعد الشعبية والنخبوية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية وأصحاب القرار فلسطينياً وعربياً ودولياً وموظفي الوكالة.. إن كان سيحصل التجديد أم لا .. مما استدعى أن تقوم "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" بإعداد تقدير موقف يتناول السيناريوهات المحتملة لنتائج عملية التصويت، والأكثر ترجيحاً، مع توصيات ومقترحات بآليات المتابعة.

السيناريوهات المحتملة:

 

1-    التصويت ومعه التجديد الطبيعي لعمل الوكالة كما جرت العادة.

2-    التصويت بعدم التجديد.

3-    التصويت للتجديد ولكن مع تراجع في عدد الدول المؤيدة.

4-    التصويت للتجديد مع تعديل في سياسة عمل الوكالة.

5-    التصويت كروتين دوري وصولاً لتحويلها إلى وكالة غير فاعلة.

أبرز المعلومات:

 

ربما لم يعد خافياً على أحد ممارسة الإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي هجومهما الشرس والجنوني على الوكالة الأممية، سواءً بمحاولات التشويه أو التقليل من دورها وأهميتها وبأنه لا يرجى إصلاحها، وبأن الوكالة معادية للسامية وبأنها تديم قضية اللاجئين..، وهذا جاء على لسان كبار الموظفين في البيت الأبيض (كوشنير، نيكي هيلي، بولتون، غرينبلات وحتى ترامب نفسه) بالإضافة إلى سفير أمريكا في الكيان الإسرائيلي ديفيد فريدمان، ووفقاً لهذا لا شك بأن الإدارة الأمريكية

 تمارس أشكالاً مختلفة من الضغط السياسي والإقتصادي على دول مانحة تساهم في ميزانية "الأونروا" لوقف دعمها للوكالة (المعنوي والمادي) أو الحد منه، ذلك بعد أن اتخذت قرارها في 31/8/2018 بوقف مساهمتها المالية السنوية التي تقدر بـ 360 مليون دولار تمثل حوالي ثلث الميزانية العامة للوكالة، وفي المقلب الآخر وعلى التوازي التقت نائب وزير خارجية الكيان الإسرائيلي بخمسين سفيراً ودبلوماسياً في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2018 يعملون في الكيان الإسرائيلي وسلمتهم رسالة لإيصالها إلى حكومات بلادهم بالعمل على وقف تمويل "الأونروا" كوْن الأخيرة بنظرها "السبب الرئيس للمشكلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولأنها تزيد عدد اللاجئين".

السيناريو الأكثر ترجيحاً:

 

تدرك الإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي بأن ليس من السهولة أبداً إلغاء قرار إنشاء الوكالة رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1949 وهو أمر أشبه بمستحيل أو على الأقل غير متاح في الظروف والمعطيات الراهنة وموازين القوى الدولية، وهو الحق الذي تمتلكه حصراً الجمعية العامة لا سواها، ولا يمكن تكرار تجربة إلغاء وإستبدال قرار الجمعية العامة رقم 3379 لسنة 1975 الذي اعتبر الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، بالقرار 8646 لسنة 1991، فلا تزال المواقف الرسمية التي تصدر عن الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، ودول الإتحاد الأوروبي، مجتمعةً أو فرادى، أو تلك الصادرة عن جامعة الدول العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي أو غيرها من المؤسسات العالمية الفاعلة والمؤثرة سياسياً تعتبر بأن (وكالة "الأونروا" حاجة إنسانية ضرورية وملحة لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في سجلات الوكالة، وعنصر أمن وإستقرار في منطقة الشرق الأوسط).

لذلك ترى "الهيئة 302" بأن ما يجري حالياً هو تكثيف الجهود الدبلوماسية من قبل الإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي بالعمل على إفشال عمل الوكالة، ولتحويلها إلى وكالة شكلية غير فاعلة لا حول لها ولا قوة، وحتى لو تم التصويت لإستمرار عملها كل 3 سنوات، وبغض النظر عن عدد الدول التي ستصوت (167 دولة كثُرت أو تراجع عددها)، على أن يجري - تدريجياً - إنتقال الخدمات إلى الدول المضيفة من خلال التدرج في تجفيف مصادر تمويل الوكالة من جهة، وتوفير الدعم المالي للدول المضيفة للاجئين وللمؤسسات الأهلية التي ستقدم الخدمات البديلة أول بأول.

وفي الوقت الذي يجري فيه إضعاف القرار 302، يعني عملياً تآكل وإضعاف القرار 194 وتكريس تذويب اللاجئين في الدول المضيفة وصولاً للتوطين، ففي ديباجة قرار إنشاء الوكالة والفقرة 5 والفقرة 20 يشيرون إلى إرتباط خدمات وكالة "الأونروا" بتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينين وفقاً للقرار 194، وبالتالي مُستبعد أن يجري أي تعديل على المهام والدور وسياسة عمل الوكالة، تماماً كما هو حال لجنة التوفيق الدولية حول فلسطين (UNCCP) التي تم تشكيلها كجزء رئيسي من القرار 194 لسنة 1948 والتي لو تم تنفيذ ما أوكل إليها من مهام تتعلق باللاجئين (سياسية وإنسانية وقانونية) لما كان ضرورياً إنشاء وكالة "الأونروا" في العام 1949، فاللجنة المشكّلة من أمريكا وفرنسا وتركيا غائبة كلياً عن الفعل منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي، ولم يجر أي تعديل على التفويض الممنوح لها، وتقدم اللجنة تقريرها السنوي الدوري للجمعية العامة، وآخر تقرير سيقدم سيكون في الأول من شهر أيلول/سبتمبر 2019.

ولكن هذا السيناريو المرجح ينبغي ألا يكون قدراً يجري التسليم به، ويمكن التخلص منه، وأحد أدوات إحباطه الرئيسية من خلال الدور المحوري الذي يلعبه الأردن كثقل سياسي ولاعب رئيسي في المنطقة لا سيما بعد تسلمه رئاسة اللجنة الإستشارية لـ "الأونروا" من تركيا ولمدة سنة إبتداءً من الأول من تموز/يوليو 2019، فقد تمكن الأردن من القيام بدور ريادي بالتنسيق مع المفوض العام للأونروا بيير كرينبول واللجنة الإستشارية للوكالة وكثير من الدول المانحة لا سيما دولة السويد بدعم الوكالة سياسياً وبتغطية العجز المالي غير المسبوق الذي واجهته الوكالة في سنة 2018 والذي وصل إلى

446 مليون دولار، ناهيك عن الدور السياسي الذي يصرح به الأردن دائماً بضرورة إستمرار عمل الوكالة إلى حين تطبيق القرار 194 الذي أكد على حق العودة والتعويض وإستعادة الممتلكات، كما أن الأردن يستضيف العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين (2,376,500 لاجئ مسجل من أصل 6,172,000 لاجئ في مناطق عملياتها الخمسة، سوريا وغزة ولبنان والضفة الغربية والأردن حسب إحصاء وكالة الأونروا لسنة 2018 - 2019).

دور الأردن في إحباط السيناريو المرجح لا يلغي الدور الذي يفترض أن يقوم به الرئيس محمود عباس وسلطة رام الله بسبب موقعهما من خلال القيام بمواقف عملية فلسطينية، والإستفادة من صفة المراقب الممنوحة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة منذ العام 2012، وبتحريك قضية "الأونروا" عربياً وإسلامياً ودولياً إبتداءً من مجلس الجامعة العربية (وزراء الخارجية العرب)، مروراً بمنظمة التعاون الإسلامي، وصولاً إلى الجمعية العامة ذات المسؤولية الأولى من الناحية الرسمية على "الأونروا" وإستمرارية عملها. وبالتأكيد أية أدوار أخرى فاعلة ومؤيدة وداعمة شعبياً وسياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً وقانونياً.. هي أدوار مهمة ومطلوبة.

 

الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين

بيروت في 11/7/2019

وسوم: العدد 833