أمراض مستعصية تحول كلفة الدواء دون علاجها

أمراض مستعصية

تحول كلفة الدواء دون علاجها

اللجنة الطبية في "الإغاثية": لإنشاء صندوق دواء خاص للاجئين السوريين

بيروت – 25/3/2015:

ما زالت الأزمة السورية تحمّل اللاجئين ومضيفيهم عبئاً كبيراً في كافة جوانب الحياة، لا سيًما في المجال الصحي، فكلفة العلاجات الخيالية ونقص المساعدات الدولية والثغرات في النظام الصحي ترغم كثيراً من اللاجئين على الاستدانة، أو ربما العودة إلى بلادهم طلباً للعلاج، حتى وإن كانتالحرب مزقت أرضهم، وما تزال، لأن تحصيل العلاج فيها يبدو الحل الوحيد المتاح أمامهم... بالنسبة لهؤلاء، قد يكون احتمال الموت مرضاً في أرض اللجوء أكبر من احتمال الموت بالرصاص أو البارود في أرض الوطن.

غياب شبه تام للتغطية الدوائية

المصابون بأمراض مستعصية ومزمنة هم معنيون أكثر من غيرهم بهذا الأمر، نظراً للغياب شبه التام لأي دعم مالي لتوفير العلاج لهم، وخصوصاً في ظل ارتفاع تكاليف الحصول على الدواء الذي هم بحاجة دائمة له. المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، كما غالبية الجهات والمؤسسات الإغاثية، لا تغطي نفقات العلاج أو الدواء لعدد كبير من مثل هذه الأمراض، وما تقدمه الجمعيات الخيرية لهؤلاء المرضى لا يكاد يغطي سوى نسبة ضئيلة من فاتورة دوائهم، فيما يقع العبء المادي الأكبر على اللاجئين أنفسهم، وخاصة أولئك الأشد فقراً.

لا توجد دراسة أو إحصائية تبين على وجه الدقة أعداد المصابين بأمراض مزمنة ومستعصية بين اللاجئين السوريين في لبنان، أو مقدار الدعم الذي هم بحاجة له، ولكن وفقاً لبيانات اللجان الطبية في اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان، فهناك شهرياً نحو 400 مريض مختلف مصاب بمرض مزمن يراجع هذه اللجان طلباً لمساعدته في تأمين ثمن الدواء.

يشير الطبيب د. عبد الله العمري، مسؤول الملف الطبي في اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان، إلى مرضى غسيل الكلى والتصلب اللويحي والتلاسيميا كمثال على الحالات المرضية التي تحتاج إلى علاج مستمر، فمرضى الكلى يحتاجون لأدوية بتلكفة 300 دولار شهرياً، عدا عن تكلفة جلسات غسيل الكلى التي يحتاجها المريض ما بين 10-13 مرة شهرياً، والتي لا تقل تكلفة الواحدة منها عن 100 دولار.

في حين يبلغ ثمن الدواء الشهري الذي يحتاجه مريض التلاسيميا لطرح كمية الحديد الزائد الناتج عن نقل الدم 200-250 دولاراً، عدا عن تكلفة عملية نقل الدم البالغة 150 دولاراً، والتي يحتاجها مرة أو مرتين شهرياً. أما مرضى التصلب اللويحي فتصل كلفة الدواء الذي يحتاجونه إلى 1,270 دولاراً  شهرياً، عدا عن فواتير المستشفيات والفحوصات والعلاج الفيزيائي وغيرها.

"صندوق الدواء"... حل تؤيده التجربة

في مواجهة هذا الواقع الصعب، يطرح اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية مشروع "صندوق الدواء" كحل يهدف إلى التخفيف من المعاناة الطبية عن اللاجئين السوريين، ومنع تفاقم الأمراض التي قد تكون بسيطة في حال تم صرف الدواء اللازم لها باكراً، وذلك من خلال تغطية تكاليف الأدوية للفئات الأشد فقراً بينهم بشكل مجاني، وذلك عبر صيدليات تتعاقد معها اللجان الطبية التابعة للاتحاد، والتي تنتشر في مختلف المناطق اللبنانية.

ويلحظ المشروع السرعة في اتخاذ قرارات صرف الأدوية، والوصول إلى شريحة كبيرة من اللاجئين، وتصنيف الوصفات الدوائية إلى الفئات التالية: أدوية الأمراض الحادة (ومن ضمنها أدوية ما بعد العمليات الجراحية)، وأدوية الأمراض المزمنة، و أدوية الأمراض العصبية.

ويؤكد د. العمري أن تجربة الاتحاد في مجال معالجة الأمراض المزمنة تظهر إلى أن هناك عدداً كبيراً ممن يمكن أن يستفيدوا من مشروع "صندوق الدواء"، فهو قادر على التخفيف عن الكثير من المحتاجين من اللاجئين السوريين، ويشير في هذا السياق إلى أن اللجان الطبية في "الإغاثية" غطت تكاليف نقل الدم لمدة 5 أشهر لـ 47 مريضاً من مرضى التلاسيميا في صيدا وحدها، بالإضافة إلى 135 مريضاً في طرابلس، تمت تغطيتهم عن طريق جمعية البشائر الخيرية الاجتماعية، كما تمت تغطية تكاليف جلسات غسيل الكلى لمدة 5 أشهر لـ80 مريضاً في مختلف المناطق اللبنانية. ولكنه يذكر أن "المشكلة دائماً هي في بقاء عدد من المرضى دون تغطية بسبب محدودية الميزانية".