دعوهم يتقاتلون ومن ثم ننقض على المنتصر

وليد رباح /الولايات المتحدة الأمريكية

[email protected]

في طفولتنا .. علمتنا القراءة المبسطه قصة لا ننساها مهما بلغ بنا العمر .. تقول القصة : ديكان كانما يتقاتلان في فناء الدار .. فغلب الكبير الصغير .. أما المغلوب فذهب من وقته الى مأواه .. اما الغالب .. فصعد فوق السطح .. واخذ يصفق بجناحيه مفتخرا .. فبصر به بعض الجوارج .. فانقض عليه واختطفه ... ( انتهت القصة)

تذكرني هذه القصة بما يفعله الغرب عموما بنا نحن العرب .. ذلك اننا اغبياء لا نتعلم من دروس التاريخ .. فما أن يبتسم لنا احدهم حتى نشعر اننا امتلكنا الدنيا وما فيها .. وننسى انه يخبىء خلف ظهره سكينا حادا لطعن قلوبنا عندما تحين الفرصه .. وهناك امثلة في التاريخ البعيد والقريب .. يدلل على اننا اغبياء بدرجة مذهله .. فنحن ( اشد كفرا ونفاقا ) كما وصفنا رب العزة .. ومن يقول غير ذلك .. فانه من نسل التتار او الانكليز او العثمانيين او من قبعوا على صدورنا ردحا من الزمن يأكلون خيرنا ويولون علينا غيرنا .

ففي التاريخ القريب .. عندما كانت الحرب بين العراق وايران .. كانت امريكا ودول الغرب جميعا متضامنة في رفد الطرفين بالسلاح .. ان ضعف جيش العراق زود بالاسلحه .. وان ضعف جيش ايران زودوه بما ينقصه من السلاح .. وعندما سئل وزير الدفاع الامريكي عن ذلك قال : دعوهم يتقاتلون .. ومن ثم ننقض على المنتصر .. وهكذا كان .. وعاد العراق الى عصور ما قبل التاريخ.

وفي سوريا يحدث اليوم ما كان بالامس .. وربما كانت ليبيا ومصر( لا سمح الله) هما المرشحتان لذلك .. اضف الى ذلك اليمن .. مما تسبب في فجوة كبيرة بين الشيعة والسنه .. وبين طائفة واخرى.. وبين هؤلاء واولئك .. بين المسيحيين والمسلمين .. ثم انسحب ذلك على العائلة الواحده .. ففيها تجد هذا يؤيد وذاك يعارض .. وانقسمنا على انفسنا فاصبحنا هباء .. كل ذلك يجري ونحن لا نتعظ ..

واني لاجد ان الذين يموتون في القتال ليس لهم من مصلحة سوى دفعهم للموت بعد غسل عقولهم. فالاسلاميون يقاتلون ليس لرفعة الاسلام كما يدعون .. وانما لتولية أمير يعيدنا الى ما قبل التاريخ.. والعلمانيون يقاتلون من اجل رفع احدهم الى سدة الحكم بحجة مدنية الدولة وديمقراطيتها .. ومن ثم يصبح الحاكم الذي ينصب اكثر دكتاتورية من الذي سبقه .. وما اسرعنا في الحكم على هذا وذاك .. فذاك خائن وهذا عميل وتلك سافرة واخرى محجبة .. هذا تابع لاسرائيل وذاك لامريكا وآخر للروس ورابع لجزر القمر .. أو لجمهورية كوستاريكا ..

واني لارى ان مقولة الانكليز فيما سبق من الزمان تجري تجاربها علينا في هذه الا يام .. فكلمة (فرق تسد) تعود الينا بل ونعمقها ونعمل بها ونعتبرها من الايات التي يجب ان لا ننسانها .. ولا ادري من هو الانكليزي النبيه الذي قالها .. واغلب الظن انه قد درس عقول العرب جميعا قبل ان ينطق بها .. وانه رأى ان العرب يختلفون عن شعوب هذا العالم جميعا .. فهم يحملون في عقولهم الحقد والضغينة والبغضاء وحب الذات والتقول وتصنيف البشر .. وكأنه استشرف مستقبلنا المظلم فقالها واجره على الله .

الوطن امامنا يقسم الى شظايا .. ونحن ما زلنا على غبائنا .. النساء والاطفال يموتون وتبعثر اشلاؤهم في الفضاء وما زلنا نستخدم السيارات المفخخه .. الاخ يقتل اخاه والزوج يطلق زوجته لانها تخالفه فيما يعتقد .. الطالب يذهب لجامعته ليس لتلقي العلم بل لترصد من يخالفه الرأي ليقتله او يؤذيه .. ومن الآخر .. احتفال بالدم والرقص حول الجثث امام الكاميرات والصحفيين والمصورين .. وقد ينطبق علينا القول اننا لسنا اغبياء فقط .. بل مجرمون .

متى نستفيق .. الله وحده يعلم .. واني لانصح من يقرأ ان يعود الى اوليات هذه الكلمة .. ( فبصر به بعض الجوارح .. فانقض عليه واختطفه ..

وهكذا اختطفنا للتلذذ بلحمنا اللذيذ وعظمنا المهترىء .. وليس لنا سوى القبر مأوى .. وتصبحون على مفخخه ..