سلطة السيسي تنتقم من المعارضين بالخارج باعتقال أقاربهم

دأبت سلطة الانقلاب بمصر مؤخرا على الانتقام من المعارضين بالخارج، من خلال اعتقال أقاربهم بمصر، في محاولة للضغط عليهم والتأثير على مواقفهم، وهو ما حدث مع عدد من المعارضين المعروفين بالخارج.

ووصف حقوقيون هذه الممارسات بالقمعية وغير القانونية، مؤكدين في حديثهم لـ"عربي21" وطبقا لدستور 2014 أنه" لا عقاب بدون جريمة"، ولكن ما يجري هو إمعان في الانتقام من المعارضين والغاء للقانون، لافتين إلى ضرورة توثيق هذه الممارسات لفضح السيسي ونظامه ومحاسبتهم.

وطبقا لإحصائية صادرة مؤخرا عن مركز "ضحايا" لحقوق الإنسان بشأن اعتقال أقارب المعارضين بالخارج فقد أوردت اسم 13 شخصية بالخارج، تعرض أقاربهم للاعتقال بالداخل، واصفة المعتقلين بالرهائن وضمت الإحصائية كل من: محمد سلطان، حيث اعتقل له 5 أقارب ومحمد شومان 4 ومعتز مطر 3 وهشام عبد الله 2 وعبد الله الشريف 2 وعبد الموجود الدرديري 2 وهيثم أبو خليل 1 وحمزة زوبع 1 وعصام عبد الشافي 1 وتامر جمال 1 ومحمد علي 1 ومحمد محسوب 1 ومحمد ناصر1.

من جانبها، أكدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، أنه خلال الشهرين الأخيرين، تم اعتقال عدد من أقارب المعارضين المعروفين بالخارج، ولكنهم يرفضون الإعلان عن ذلك، ومن بين هؤلاء أقارب لبرلمانيين سابقين، مؤكدة على وجود ضغوط كبيرة من جانب الأمن على أسرهم بعدم الإعلان.

رهائن وليس معتقلين

ووصف الحقوقي هيثم أبو خليل أحد الذين طالهم هذا العقاب من خلال شقيقه د. عمرو، أسلوب السلطة بمعاقبة الأقارب بـ"الحقير"، معتبرا المعتقلين رهائن، مطالبا في الوقت ذاته بالإفراج عن شقيقه، لأنه ليس له علاقه من قريب أو بعيد بموقفه من النظام، وكل اهتماماته متركزة في عمله كطبيب نفسي.

وحول ملابسات اعتقاله قال في حديثه لـ"عربي21" إنه تم اختطافه من عيادته بالإسكندرية منذ تسعة أشهر، ووضع بسجن العقرب وممنوع عنه الزيارة ومحروم من حقه الطبي، لافتا إلى أنه أصيب بفيروس كورونا مؤخرا، ومع ذلك هناك إهمال طبي بشأنه بشكل كبير ولم تتدخل النقابة لإنقاذه خاصة أنه يبلغ من العمر 58 عاما.

وأكد على التزامه بموقفه وأنه لن يتراجع أبدا مهما كانت الضغوط عليه، لأنه وباقي المعارضين بالخارج يدافعون عن قضية ومبدأ، وأنه مستعد للموت في سبيله، وأنهم تركوا مصر فرارا من بطش النظام.

جريمة بدون عقاب

أما الباحث الحقوقي أحمد العطار فيقول إنه "لا عقاب بدون ذنب أو جريمة "طبقا لمبدأ قانوني، وتحديدا المادة 95 من الدستور المصري 2014، التي تنص على أن "العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون"، أي لا يحق للسلطات الأمنية اعتقال أفراد بدون ارتكابهم جريمة أو مخالفة.

واستدرك في حديثه لـ"عربي21": "لكن من خلال ما تم رصده وتوثيقه لعشرات الحالات، تقوم السلطات المصرية بمخالفة نصوص القانون والدستور، باعتقال مواطنين أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم أقارب لمعارضين سياسيين أو إعلاميين أو نشطاء، كما حدث مؤخرا من اعتقال أقارب الناشط محمد سلطان وغيره من المعارضين الآخرين".

قمع ممنهج

أما مدير منظمة السلام الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان علاء عبد المنصف، فقد وصف هذه الممارسات بالقمعية وتأتي في سياق منهج النظام في معاقبة الجميع بالداخل والخارج وخوفه الشديد على كرسي السلطة، وعليه لم يعد لديه خطوط حمراء، وللأسف كل شيء متوقع من هذا النظام الذي لم يعد لديه منطق أو عقل ولا يكترث بالقانون.

وأردف في حديثه لـ"عربي21": "أي تغيير في هذه المنهجية من جانب نظام السيسي، لن يكون إلا عبر الشعب وليس أي جهة أخرى، وحتي المنظمات الحقوقية الرافضة لهذه الممارسات، لا تملك إلا التوثيق والتصعيد الدولي وفضح النظام".

من جانبها، قالت المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن: "للأسف يستخدم النظام المصري هذا الأسلوب ضد المعارضين منذ فترة طويلة، وكانت البداية باعتقال أقارب أي من المطلوب اعتقالهم بديلا عنهم حال عدم وجودهم بالمنزل، وتم توثيق الكثير من هذه الحالات وبعضهم كان يتم إطلاق سراحه بعد فترة من القبض على المطلوب، وأحيانا كان يتم وضع هذا المعتقل "بالقرابة "ابن أو أب أو زوجة أو أم على ذمة قضية مع المطارد نفسه بدون ذنب.

وتابعت في حديثها لـ"عربي21": "لكن تطور هذا النمط ليشمل أقارب المعارضين بالخارج، رغبة في الانتقام من هؤلاء الذين غادروا البلاد، فرارا من القمع، وللضغط عليهم لمنع فضح ممارسات النظام بتكرار اقتحام منازلهم، وترويع من بها من أفراد الأسرة وما يصاحب ذلك من تدمير للممتلكات وسرقة المتعلقات والأموال، وصولا لاعتقال أحد أفراد الأسرة وإدراجهم في قضايا كيدية، وتكون الرسالة الواضحة التي يتم إعلامهم بها (علشان ابنكم يتعلم الأدب)"، وفق قول الحقوقية.

وسوم: العدد 883