على كل من أخل بقواعد الاحتراز من انتشار الوباء متعمدا أن يستحضر المساءلة عن كل مصاب

على كل من أخل بقواعد الاحتراز من انتشار الوباء متعمدا أن يستحضر المساءلة عن كل مصاب أو هالك بين يدي الله عز وجل يوم الحساب

 من المعلوم أنه من مقاصد شريعة الإسلام حفظ النفس ، وأن إزهاقها هو بمثابة قتل الناس جميعا كما جاء ذلك في الذكر الحكيم . ومثل هذا الحرص في دين الله عز وجل على صيانة النفس البشرية يقتضي أن يحمل على محمل الجد بالنسبة للمسلمين ، فلا يصدر منهم ما يمكن أن يتسبب في إزهاقها دون وجه حق .

ومع أن الجائحة التي حلت بالعالم قد مضى على ظهورها ما يزيد عن سنة كاملة ، فإنها لا زالت من تصب تمته  أو تذقه أشد المعاناة قبل أن يشفيه الخالق سبحانه وتعالى . وبالأمس فقط سجلت الهند من الإصابات عدد من شاركوا  عندنا  في المسيرة الخضراء ، وهو رقم قياسي ينذر بالعواقب الوخيمة حيث هلك من هؤلاء المصابين خلق كثير ، ومع ذلك لا زال عدد كبير من الناس عندنا ينهجون أسلوب اللامبالاة بخطورة هذا الوباء مع أن النشرات الصحية تخبر يوميا عن عدد المصابين وعدد الوفيات .

ومما يدل على اللامبالاة ترك إجراءات الاحتياط من تباعد وتكميم وتعقيم  في مختلف أماكن التجمهر من أسواق على اختلاف أنواعها، ووسائل النقل العمومي وغيرها من الأماكن العمومية حيث يشاهد اليوم غالبية الناس دون كمامات ، ودون تباعد إلا إذا فرضت عليهم في بعض الإدارات  العمومية أو بعض المرافق الخاصة  . وقد يشاهد البعض دون كمامات حتى في المصحات حيث يكون احتمال انتقال الوباء  كبيرا.

ولقد صار الناس عندنا  يحترسون من مساءلة السلطات عن ترك إجراءات الاحتراز لكنهم لا يخطر لهم على بال  مساءلة الخالق سبحانه وتعالى عن تعمد نشر الهلاك بينهم يوم العرض عليه بترك ما يمنع منه من احتياط ووقاية .

وكما أن  تعمد عدم احترام قانون السير المتسبب في حوادث مميتة  يعتبر جناية ، فإن نفس الشيء يقال عن عدم احترام  إجراءات الاحتراز من انتشار الوباء ولا عذر لأحد في تعمدهما لأن قانون السير وإجراءات الوقاية من الوباء عبارة  عرف  تقره الشريعة الإسلامية .

وفضلا عن المسؤولية التي يتحملها  من لا يطبق معايير الوقاية من الوباء متعمدا،  فإنه  يتحمل أيضا مسؤولية المساهمة في تمديد فترة الطوارىء  التي فرضها و التي عطلت السير العادي لمصالح الناس ومعاشهم وتسببت في عواقب وخيمة وفي  تعميق معاناة الناس في حركتهم وتنقلهم، وفي القيام بأعمالهم وواجباتهم ، وفي توفير لقمة عيشهم ،وفي ممارسة عباداتهم بشكل طبيعي ، لهذا يجدر بكل فرد في المجتمع أن يكون على وعي بأنه  لا يخلو من مسؤولية عن هذا الوضع غير الطبيعي  إذا كان لا يساهم في محاربة الوباء من خلال الأخذ بأسباب الوقاية من انتشاره .

وعلينا أن نأخذ العبرة مما يحصل في المجتمعات الأخرى بسبب التهاون في الأخذ بالإجراءات الوقائية من الوباء القاتل كما يحصل في بلاد الهند حاليا، ولا يجب أن نستخف به لأنه قد ثبت أن له الكرة بعد الأخرى ، وهو في تطور مستمر وقد حيّر أهل الخبرة والاختصاص ،والله أعلم إن كانت له نهاية قريبة أم أنه سيطيل المكث بين سكان المعمورلا قدر الله .

ويجدر بأمتنا المسلمة أن تتعامل مع هذا الوباء بما أمر الله عز وجل ورسوله لا بمنطق الأهواء ، وبتراشق التهم بين أفرادها حكاما ومحكومين لأن الكل ملزم بالقيام بما بواجبه عليه الواجب الديني قبل أي واجب آخر . ونأمل أن تعود الأمة إلى رشدها ، ولا رشد لها إلا بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . 

وسوم: العدد 926