التندر بشعيرة النحر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤشر على فساد التدين

ما أفسد كثير من الناس في زماننا هذا شيء مثلما أفسدتهم وسائل التواصل الاجتماعي التي انتشرت بينهم على أوسع نطاق وبشكل غير مسبوق حتى صارت تتحكم فيهم بشكل غريب فتعطل إرادتهم ،وتملي عليهم تصرفات وسلوكات ليست من دأبهم ولا من عادتهم ، ولا من طباعهم، ولا من قيمهم الدينية والأخلاقية .

وأسوأ ما أفسدت فيهم تدينهم حين زينت لهم التفكه والتندر بالمقدس الديني ،فجعلوا يتبادلون فيما بينهم النكت والنوادر التي تدور حوله دون أدنى شعور بحرج أو خجل بل أصبح التندر والتفكه به أمرا مفضلا عندهم .وأصبحوا لا يجدون متعة الضحك الساخر إلا بالعبادات والشعائر الدينية المقدسة فيبتذلونها ، وتعود عندهم كغيرها من الأمور المتفكه والمتندر بها .

ومع حلول كل عيد نحر تنطلق بينهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي عملية تبادل التفكه بشعيرة النحر، ويبلغ ذلك درجة مخزية تعكس مدى غياب الوازع الديني، ومدى فساد التدين لديهم حيث تصير الأضاحي وهي منسك تعبدنا به الله عز وجل ، و يصير كل ما يتعلق بها موضوع سخرية وتفكه وتندر .

وقد يبدو للبعض أن هذا الذي نقوله من قبيل المبالغة في الوصف ،والواقع أنه حقيقة لا يمكن إنكارها ،ولا ينبغي السكوت عليها بل لا بد من التنبيه إلى أن الذين يتعاطون الاستخفاف بهذه الشعيرة الدينية سواد أعظم وهم ضحية التقليد الأعمى وضحية ما يسمى بعقلية القطيع ، وقلة ماكرة تستهدف الإسلام بهذه الطريقة الخبيثة من أجل الوصول بذلك السواد الأعظم المخدوع إلى مرحلة تخدير حسه الديني من أجل البلوغ به إلى حد القطيعة معه على المدى البعيد، وهو هدف خبيث رسمه أعداء هذا الدين بخبث ومكر وهم لا يدخرون جهد من أجل تحقيقه .

ومع شيوع هذه العادة السيئة وانتشارها على أوسع نطاق لا وجود لرد فعل ممن يفترض فيهم القيام بواجب حراسة الملة والدين من علماء ودعاة وخطباء باستثناء قلة منهم قد لا يبلغ نصحها المدى الذي يبلغه التفكه والتندر بالدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي .

وفي هذه الحال يصير التنبيه إلى هذه الآفة الخطيرة فرض عين على الجميع ، وأول ما يوجبه هذا الفرض على الجميع هو القطيعة التامة مع تداول ذلك النوع من التعامل الساقط والمتهور مع المقدس حذر الوقوع فيما حذر منه الله عز وجل في قوله : (( ولئن سألتهم ليقولنّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ))

وبموجب هذه الآية الكريمة يعتبر كل خوض عابث في المقدس من عبادات وشعائر مشمولا بحكمها وجالبا للإثم المترتب عنه ، لهذا ننصح السواد الأعظم أسير التقليد الأعمى وأسير عقلية القطيع أن ينتبه من غفلته حين تصله صور وعبارات الاستهزاء بدين الله عز وجل مهما كان نوعها ، ولتكن وسائل التواصل المتاحة والمنتشرة اليوم بهذا الشكل غير المسبوق وسيلة لصيانة المقدس لا وسيلة لابتذاله والاستخفاف به وهو أمر في غاية الشناعة والقبح .

ونتمنى أن تتضافر جهود كل غيور و غيورة على دين الله عز وجل من أجل إعطاء انطلاق حملة التوعية بخطورة المساس العابث بالمقدس وبما وراءه من مكر الماكرين وكيد الكائدين ممن يظهرون ما لا يبطنون من سوء وشر للإسلام والمسلمين ، وذلك على أوسع نطاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما يجب أن يكون أوجب الواجبات في مثل هذا الظرف الدقيق بالذات .    

وسوم: العدد 938