الإحياء والتجديد الليبية: لم ولن نتحالف مع العسكر

خطة "الإحياء والتجديد" للمرحلة القادمة باتت "جاهزة" وسنعلن عنها رسميا بعد عيد الفطر 

  • لا نتبنى رأيا واضحا في دعم حكومة الدبيبة أو باشاغا.. والشأن السياسي يُدار من خلال "العدالة والبناء"
  • حكومة الدبيبة رُفضت من الشرق الليبي ولا نعتقد أن حكومة باشاغا ستحظى بتوافق كل الليبيين
  • نضغط في اتجاه الذهاب للانتخابات في أسرع وقت.. والمعادلة العسكرية لا ترجح جانب على آخر
  • تصريح الدبيبة حول التآمر بين الإخوان والعسكر "كلام فارغ" ومحاولة لامتصاص الغضب
  • لا يمكن حدوث تقارب بين "الإخوان والعسكر" فنحن مع الدولة المدنية والتداول السلمي للسلطة
  • العداء للحركة الإسلامية عداءً عالمي لأنها تمثل مشروع منافس لمشاريع دولية لكننا سنتجاوز هذا الصراع

انتقد نائب رئيس "جمعية الإحياء والتجديد" الليبية، مختار المحمودي، التصريحات الأخيرة التي قالها رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، والتي اتهم فيها "الإخوان والعسكر" بالتآمر على حكومته لإخراجه من المشهد السياسي، واصفا تلك التصريحات بأنها "كلام فارغ"، وشدّد على أنهم لم ولن يتحالفوا مع العسكر.

وقال، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "جماعة الإخوان حركة إصلاحية، لكنها أصبحت شماعة للجميع يُعلقون عليها اتهاماتهم أو إخفاقاتهم، وما قاله الدبيبة تأويلات جانبه فيها الصواب، وربما نوع من امتصاص الغضب أو التماهي مع بعض الدول الإقليمية التي تعادي التيار الإسلامي عامة والإخوان خاصة".

وفي الوقت الذي ألمح فيه إلى عدم تأييدهم لحكومة الدبيبة أو حكومة باشاغا، أكد أنهم يضغطون مع العديد من مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في اتجاه الذهاب للعملية الانتخابية في أسرع وقت، وتأسيس مرجعية دستورية سواء بالدستور الذي عملت عليه لجنة وضع الدستور، أو قاعدة دستورية يتوافق عليها الجميع وننطلق جميعا إلى انتخابات، وهذا هو المخرج الوحيد للأزمة الراهنة". 

وأوضح أن "جمعية الإحياء والتجديد" ستطلق خطتها الاستراتيجية للمرحلة القادمة بعد عيد الفطر، منوها إلى أن تلك الخطة "جاهزة، وتركز على الجانب الدعوي والمجتمعي والبناء الداخلي للجمعية، كي تنطلق بأفراد الجمعية في عملية الإصلاح المجتمعي". 

يشار إلى أنه خلال شهر أيار/ مايو الماضي، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين الليبية، انتقالها إلى جمعية "الإحياء والتجديد"، إيمانا منها بأن "المدخل الحضاري للتغيير والنهضة هو العمل المجتمعي، للإسهام في قيام مجتمع مدني لا يضيق بالتنوع والاختلاف". 

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21": 

رئيس "جمعية الإحياء والتجديد"، الدكتور سالم أبو حنك، قال، في مقابلة سابقة مع "عربي21"، إن الجمعية عاكفة الآن على وضع خطتها الاستراتيجية للمرحلة القادمة.. فما الذي وصلت إليه هذه الخطة الاستراتيجية؟ ومتى سيتم الإعلان عنها رسميا؟ 

الخطة الاستراتيجية جاهزة، لكن أردنا أن نؤجل الإعلان عنها حتى نهاية شهر رمضان؛ فلدينا في شهر رمضان برامج خاصة على مستوى الأفراد، وعلى مستوى الجمعية بشكل عام، وسنعلن عن الخطة بعد عيد الفطر بمشيئة الله تعالى. 

ما أبرز ملامح هذه الاستراتيجية؟ 

أبرز ملامح الاستراتيجية هو التركيز على الجانب الدعوي والمجتمعي والبناء الداخلي للجمعية، فالجمعية تعتمد على البناء الداخلي والتربوي لأفرادها لتنطلق بهم في عملية الإصلاح المجتمعي، وهما الشقين الرئيسين فيها. 

كيف تنظرون لحالة الصراع الجديدة التي باتت موجودة في ليبيا؟ وما أسبابها الحقيقية؟ 

الشأن السياسي في ليبيا شأن شائك، لأن المدخلات مختلفة، سواء المدخلات المحلية أو الإقليمية والدولية كما هو الحال في دول الربيع العربي، واهتمامنا داخل الجمعية منصب على الجانب الدعوي، أما الجانب السياسي فمنوط بعهدة الأحزاب السياسية، وهم أكثر دراية به منا، ولا أحب الخوض في تفاصيله، أما «جمعية الإحياء والتجديد» فتختص بالجانب التربوي والإصلاحي. 

وبشكل عام فإننا ننظر لما يحدث في ليبيا على اعتباره "مناكفات"، وهو نتيجة واضحة للمدخلات التي أشرت إليها (الداخلية، والإقليمية، والدولية)، والصراع بين الشعوب التي تريد التحرر من الاستبداد وحكم العسكر، وبين آخرين يريدون الإبقاء عليه، وهو من الأمور الواضحة في جميع دول الربيع العربي مصر وتونس، وغيرها. 

ليبيا ما زالت تقاوم، وفي ظل انتشار الأسلحة بين جميع الأطراف في ليبيا، فإن الصراعات المسلحة لن تكون لها نتيجة إلا الخسائر، والجميع تابع محاولات حفتر لدخول طرابلس، وكيف باءت بالفشل؛ لأن المعادلات والموازنات العسكرية لا ترجح جانب على آخر، وعندما أدرك الجميع ذلك أخيرا لجأوا للحل السياسي من خلال الانتخابات، ولعل مجمل الوضع يتلخص في أن الجميع يود أن يتصدر المشهد. 

هل أنتم تؤيدون حكومة الدبيبة أم حكومة باشاغا؟ 

نحن مؤسسة تُعنى بالجانب التربوي والإصلاحي والدعوي، ونظرتنا للجانب السياسي نظرة المتفرج، وإن كانت نظرتنا أكثر عمقا من عموم الناس إلا أننا لا نستطيع الخوض فيها، أو نتبنى رأيا واضحا، خاصة وأن المعلومات بالشأن الليبي تُحاط بقدر من السرية ولا يستطيع أصحابها البوح بها، كما يصعب علينا كجمعية تتبنى الجانب الدعوي والإصلاحي أن تتبنى رأيا في الشق السياسي دون أن يكون مبنيا على معلومات صحيحة وواضحة، وهو أمر غير متوافر في الوقت الحالي. 

رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، اتهم "الإخوان والعسكر" بالتآمر على حكومته لإخراجه من المشهد السياسي.. ما تعقيبكم على تلك التصريحات؟ 

جماعة الإخوان المسلمين حركة إصلاحية، لكنها أصبحت شماعة للجميع يُعلق عليها اتهاماته أو إخفاقاته، ليس في ليبيا فحسب بل في مختلف دول الربيع العربي، ونحن في جمعية الإحياء والتجديد قمنا بتنحية العمل السياسي جانبا، وأنشأنا له حزبا سياسيا؛ لأن هذا الجانب يحتاج لمتخصصين، ومعادلاته متشعبة ومتغيرة؛ فالسياسة ليست ثابتة، أما نحن فنعمل وفق ثوابت وأخلاقيات وقيم الإسلام ومجتمعاتنا المسلمة، لذا فعملنا أهون إلى حد كبير. 

ما الدوافع التي جعلت رئيس الحكومة الوطنية لإطلاق هذا التصريح؟ 

هي تأويلات جانبه فيها الصواب، وربما نوع من امتصاص الغضب أو التماهي مع بعض الدول الإقليمية التي تعادي التيار الإسلامي عموما والإخوان المسلمين على وجه الخصوص. 

هل هناك تقارب بين "الإخوان والعسكر"؟ وهل هذا أمر محتمل في مرحلة ما؟ 

هذا أمر لا يمكن أن يحدث؛ فالإخوان مع الدولة المدنية، ويؤيدون التداول السلمي للسلطة، ومع الدفاع عن هوية المجتمع، ومع القيم والأخلاق، ومع تنمية القيم المجتمعية التي ينادي بها الإسلام، أما حكم العسكر والاستبداد وحكم الفرد فهو أمر منبوذ، ولا يمكن للإخوان أن يرضوا به، فضلا عن أن يكونوا طرفا فيه، وبالتالي فهذا كلام فارغ مع احترامي للسيد عبدالحميد الدبيبة؛ فنحن لم ولن نتحالف مع العسكر. 

البعض يقول إن تصريح الدبيبة جاء بناء على موقف رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان، والموقف الذي أعلن عن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في البداية بشأن القبول بالتقارب مع المنطقة الشرقية وبرلمان طبرق وتأييد حكومة باشاغا على حساب حكومة الدبيبة؟

وجه نظر هؤلاء الإخوة أن الإشكال الليبي لا يمكن أن يُحل من طرف واحد، ولا بد من تقارب جميع الأطراف، وليس فقط الشرق الليبي أو حفتر والبرلمان، بل حتى منظومة النظام السابق، لأنها طرف مؤثر في المعادلة، ولا يمكن أن يستقر الوضع الليبي إلا بنوع من التقارب والتواؤم من أجل الخروج بصيغة تخرج بالبلاد من هذا المنحنى الذي تمر به، تلك كانت وجهة نظرهم، لكنهم لم يستطيعوا تسويق فكرتهم بشكل جيد، وبالتالي صارت هناك مقاومة مجتمعية لها، وحتى من جانب قوى الثورة والقوات المسلحة الأخرى، وما زال الأمر غامضا حتى الآن. 

وهل تتفقون معهم في هذا الطرح أم تتحفظون عليه؟ 

نحن لا نتبنى رأيا في هذه المسألة؛ لأننا لا نملك المعلومات التي ترجح جانبا على الآخر، بالإضافة إلى كون الشأن السياسي يُدار من خلال حزب "العدالة والبناء" وغيره من الأحزاب الأخرى. 

ما تقييمكم لأداء حكومة الدبيبة؟ وهل تُمثل جميع الليبيين؟ 

حكومة الوحدة الوطنية رُفضت من جانب الشرق الليبي، وحين ذهب عبد الحميد الدبيبة إلى الشرق قوبل بالجفاء، ولم يستطع التماهي مع الشأن الليبي كله؛ فلا أظن بشكل شخصي أن يكون لحكومة الدبيبة امتداد في كل ليبيا، والدليل على ذلك أن البرلمان في الشرق شكّل حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا. 

وهل ستصبح حكومة باشاغا حكومة لكل الليبيين؟ 


لا أظن ذلك أيضا؛ بسبب وجود معارضة ومقاومة لها في الغرب الليبي، وبعض المناطق الأخرى؛ فالشأن الليبي شأن مُعقد والخوض فيه يحتاج لمتخصصين لديهم علاقات إقليمية ودولية، وهذا أمر منوط به المشتغلين بالعمل السياسي. 


دعوتم إلى إقامة جلسات حوارية بين جميع الأطراف، وعدم استبعاد أي جهة مهما كانت.. فهل تقومون بجهود في هذا الصدد؟


ميدانيا قمنا بالتواصل مع الجهات التي تهتم بالجانب التربوي والإصلاحي، أما الجانب السياسي فمن شأن حزب العدالة والبناء، وأما الجانب المجتمعي والإصلاحي فله أطراف متعددة، والتجارب أثبتت فشل السلطة الأحادية، وعلى الجميع خدمة وطنه وإلا سنعاني جميعا، فإذاً لا بد من لقاء كل الأطراف المؤثرة حتى تتفق على كلمة سواء، وحتى نخرج بالبلاد من هذا المستنقع الذي تتواجد فيه الآن. 


هل هذا يعني أنكم تقبلون بالجهات والشخصيات المحسوبة على "معسكر الثورة المضادة" من المنطقة الشرقية؟ 


إذا أرادوا الدولة المدنية، والوصول للحكم من خلال الانتخابات وصناديق الاقتراع فبها ونعمت؛ فهذا حق لكل الليبيين، أما مَن ارتكب الجرائم - من أي طرف كان - فلا بد أن يُحاسب على ذلك، وهذا من حق الضحايا وأهلهم، ومن حقهم أيضا إقامة محاكمات عادلة تنصفهم، أما مَن لم تتلوث يده بالدماء وأراد أن يسير باتجاه الدولة المدنية فمرحبا به، وإلا فلن يُحسم الصراع عسكريا أبدا، لأن الاستمرار فيه يعني الاستمرار في تعميق الأزمة. 


هل من الوارد عودة الصراع المسلح والحرب الأهلية في ليبيا أم هو أمر مستبعد؟ 


في رأيي الشخصي هو أمر مُستبعد بناء على التجارب التي حدثت، أيضا مع مستجدات الأوضاع ومحاولات تشكيل حكومة الاستقرار برئاسة باشاغا، وظهور معارضة لها في المنطقة الغربية كادت أن تدخل البلاد في صراع مسلح، لكني أرى أن هذا الصراع لن يحدث، وليست لدي أي مخاوف من عودة مثل هذا الصراع مُجددا، لأن الصراع المسلح حُسم بهزيمة حفتر، والعودة إليه أمر مُستبعد جدا. 


ما توقعاتكم لمسار المرحلة الانتقالية في ليبيا بعد هذه التطورات الأخيرة؟ 


نحن بدورنا نضغط مع العديد من مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في اتجاه الذهاب للعملية الانتخابية في أسرع وقت، وتأسيس مرجعية دستورية سواء بالدستور الذي عملت عليه لجنة وضع الدستور، أو قاعدة دستورية يتوافق عليها الجميع وننطلق جميعا إلى انتخابات، وهذا هو المخرج الوحيد الذي سينتج عنه – إن شاء الله – ما نتمناه من استقرار، فلا بد من مسيرة الدولة المدنية؛ فالحسم العسكري لا فائدة منه، ولن يستطيع أحد أن يحسم الأمر عسكريا. 


وما وضع هذا الخيار الذي تطرحه على أرض الواقع؟ 


هذا هو الخيار الوحيد الذي سيلجأ إليه الجميع في هذه المرحلة أو على المدى البعيد، لأن الحسم العسكري مستبعد جدا بسبب انتشار السلاح لدى الجميع، أما الحسم السياسي فهو محتمل ولن يتم إلا بصناديق الاقتراع، من خلال صيغة دستورية تنطلق بنا نحو الانتخابات. 


هل ستشهد ليبيا انتخابات قبل نهاية العام الحالي؟ 


لا يستطيع أحد التنبؤ بمثل هذا الأمر؛ نظرا للمعطيات التي ذكرتها من قبل، لكني أتمنى إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، وما أراه بوضوح أن الحسم العسكري مستبعد جدا، إلا إذا كان المراد منه زعزعة استقرار البلاد وانهيارها. 


هل تراجعت حدة الانتقاد لكم – من داخل ليبيا أو خارجها - بعدما اتخذتموه من خطوات مؤخرا؟ 


الهجوم كان، ولا يزال، على مسمى الإخوان، وقد قمنا بما يسمى بدراسة حالات من خلال جمعيات يقودها الإخوان، وجمعيات تهتم بالجانب التعليمي والعمل الدعوي، والمسجدي، وغيرها من الجمعيات التي لها قبول مجتمعي، وبالرغم من التحريض عليها من بعض المنافسين، إلا أنها حققت نجاحات كثيرة جدا، وأنا أعمل بأحد هذه المؤسسات في الجانب التعليمي، وقد توصلنا لعقد شراكة مع وزارة التعليم للعمل على تحسين التعليم العام، ولنا عدة مشروعات في هذا الجانب؛ فالقبول المجتمعي موجود، لكن المسمى كان عائقا أمام سيرنا، فأردنا أن نتشكل وفق مسمى جمعية الإحياء والتجديد. 

وهل نجحت هذه الفكرة؟ 


إلى حد ما نعم، لأن العائق لنا كان يتمثل في الشق السياسي أو التنافس السياسي؛ فهو يُنسب إلينا بالرغم من استقلال المؤسسة السياسية ماليا وإداريا وعلى مستوى صناعة اتخاذ القرار، لكن العداء للحركة الإسلامية وللتيار الإسلامي عداءً عالميا، فهذا المشروع منافس لمشاريع دولية مثل المشروع الصهيوني، والمشروع الغربي الاستعماري، ومن ثم فمثل هذا الصراع متوقع جدا وسنتجاوزه مستعينين عليه بالله سبحانه وتعالى.

وسوم: العدد 973