الشيخة مي بنت محمد آل خليفة

الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، تمت إقالتها من منصبها كرئيسة لهيثة الثقافة والآثار ،وذلك لرفضها تلطيخ يدها الطاهرة بمصافحة علج من علوج تل أبيب، هذه الشجاعة والزميعُة من زموع البحرين رفضت أن تصافح يدها الغزاة، ولعل هذا أقصى ما يمكن أن تفعله، أن تمنح نفسها الطابع والصبغة التي تتماهى مع عمقها العقدي، عمقها الذي يرفض هذه الثغرة الخطيرة التي أخذت تتصاعد حتى كادت أن ترسي تقاليد طارئة على منطقتها، ورفضها هذا هو الذي أفضى لنقد موقفها واستنكاره من أصحاب السمو في دولتها ، لقد عكست هذه الشامخة بموقفها البطولي هذا الذي يرفض الضيم ولا يستكين للغضاضة، مواقف مماثلة تعكس طبيعة الشعب البحريني الكريم، الأبي، المضياف، الذي ينتشر الآن في حناياه أحاسيس بلغت بتصاعدها المستمر درجة من الحدة، فهو يرفض هذا الازورار عن المبادئ، ويكره هذه الازدواجية ونداءات التطبيع التي مقتها متأصل في جبلته، الشيخة مي حفظها الله مجت تلك الانحرافات الغريبة في رقعتها العربية والإسلامية، فالتطبيع الذي تتهافت عليه منطقتها في تهور ورعونة، ويحظى باهتمام زائد من قبل مملكتها، هي تعلم ما يترتب عليه من انكسارات واقعية ونفسية، فهو في مجمله يعني زيادة الضغوط والتحديات من قبل الدول الكاسرة الراعية لهوان التطبيع، فدول الصلف والاستكبار لن تكتفي حتما بهذه الزيارات التي تتم بين العواصم، بل هي تنشد علاقات متميزة وأصيلة تنصهر فيها هذه الشعوب مع الصهاينة وترضخ هذه الشعوب لسلطة هذه العلاقات ولا ترى فيها أي تناقض جذري مع إرثها ومكوناتها التي درجت عليها، التعامل مع الكيان البغيض والاحتكاك المباشر مع شعبه صاحب الرصيد الأضخم من القذارة، و الغدر، والخيانة، والآثرة، والغرور، يجب أن يكون واقعا معاشا، فبعد الاقتناع بتبرير ذرائعي مضمونه أن التطبيع سوف يطرح العداء المستفحل والخالد بين الدول العربي والصهاينة جانبا، ويقي ما تبقى من فلسطين من شبح الاندثار والسقوط.

لقد رفضت هذه الحرة أن تقوم بهذا الدور الذي لا يستدعي إلا أن تستنهض أنانيتها، وتغيب ضميرها، وتخمد إيمانها، بقضية شعب يجاورها ظل جهاده في شتى الحقول يدعو للدهشة والإعجاب، لقد آثرت الشيخة مي أن تتغلب على القهر والاستبداد السياسي، وأن تهيم هي في عالمها الخاص الذي طهرته من حواشي وذيول التطبيع والدنس والعمالة، وضميرها الذي نحته عن الانكماش والضمور.

قد تكون الشيخة مي بنت محمد خسرت وظيفتها، لكنها حتماً غطت مساحات واسعة من أفئدة هذه الأمة بحبها، واحترامها، وتقديرها، وأن مواقفها هذه في مواجهة الخصوم قطعاً سوف تحكم قبضتها على العقول فلن تنساها أبداً.

وسوم: العدد 990