ما بال من دأبوا في السابق على دعوتي إلى إلقاء قصائدي في أنديتهم ومحافلهم قد أعرضوا عني اليوم ونأوا بجانبهم ؟

أقيم يوم أمس و لا زال اليوم  قائما بمدينة الألفية مؤتمر دولي في موضوع : " صورة النبي صلى الله عليه وسلم في الآداب العالمية " ، واستدعي إليه أهل فكر وأدب من داخل الوطن وخارجه ، وانتظرت ممن دأبوا على دعوتي في السابق  إلى محافلهم وأنديتهم لإلقاء قصائدي أن يسيروا على دأبهم وعادتهم، فيوجهّوا إليّ دعوة  لحضور مؤتمرهم ، وأنا الذي خصصت شعري  لثلاثة قضايا  لا أرى غيرها أولى بالاهتمام منها ،وهي : مدح خير البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، والتنويه بكتاب الله عز وجل ، وقضية الأمة الأولى التي لن تقوم لها قائمة وهي سائرة  اليوم إلى ضياع ـ حماها المولى جل شأنه ـ  ألا وهي القضية الفلسطينية المقدسة، لكنهم لم يفعلوا ، وأعرضوا  عنّي ونأوا بجانبهم ، وقد خيّبوا ظني فيهم ، وكنت محسن الظن بهم إلا أنني تأكدت بما لا يلابس يقينه شك أنهم ما أخلصوا لي من الود ما أخلصت لهم ، وقد صرت عندهم في خبر كان، لأن علاقة الأخوة والصحبة في ملتهم واعتقادهم مجرد ظهر يركب حتى إذا أدرك الراكب بغيته تخلى عنه كأن لم يركبه من قبل .

وإنني بعدما أنكرت المنكر الفاحش على منبرالجمعة  ، فعوقبت على  ذلك بعزلي عنه ،صار حالي  كحال الشاعر القائل :

إلى أن تحاشتني العشيرة كلها       وأفردت إفراد البعير المعبّد

ولن أستغرب ممن نقضوا عهد نصرة القضية الفلسطينية ، وكانوا أول من يتصدرون الدفاع عنها بأفواههم أن يتحاشوني  اليوم وقد نصرتها قدر وسعي ، ولم ينصروني ولو بكلمة  مواساة ، ورب كلمة تعدل جهادا عند الله عز وجل . ولقد أفردت عندهم إفراد البعير المعبّد لا بسبب ما أفرد به الشاعر طرفة بن العبد من تشرابه الخمر، وذاته ، وبيعه وإنفاقه في ذلك  طريفه ومتلده بل لقولي كلمة حق وجبت عليّ شرعا ، وهي أوجب على الذين تحاشوني بعدما عوقبت بسببها .

ولقد كنت أظن أن دعوتهم لي لإلقاء قصائدي في نواديهم ومحافلهم كانت لخدمة الإسلام ، وخدمة القضية الفلسطينية بصدق نية ،وصفاء طوية إلا أنني اكتشفت اليوم أنني كنت واهما كل الوهم  ، وكان حالي كحال سار غرّه قمر.

وإلى من أحسنت بهم الظن، فخاب اليوم ظني فيهم، أقول ما قال الشاعر الشنفرى الأزدي  لمن  خذلوه وتخلوا عنه :

أقيموا بني أمي صدور مطيّكـــــــــــــم       فإني إلى قوم سواكم لأميــــــل

وفي الأرض منأى للكريــــــم عن الأذى     وفيها لمن خاف القلى متـــعزّل

لعمرك ما في الأرض ضيق على امرىء    سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل

ولي دونكـــم أهلـــون سيــــد عملـــــس      وأرقط  زهلول  وعرفاء جيـــأل

هم الرهــط لا مستودع السر ذائـــــــــع      لديهم ولا الجاني بما جرّ يخـــذل

وما أحوج من يخذله الأهلون  في هذا الزمان الرديء إلى رهط كرهط الشنفرى الأزدي ، وليتني أجد بدليلا عن رهطي برهط مثل رهطه ليس فيهم خذّول، وإن كانوا ذئابا شرسة و ضباعا وفهودا ضارية لكنها مؤنسة في وحشة هي أفضل من ألفة بين جمع ما فيهم إلا خذلة  . 

وسوم: العدد 1006