الوزارة الوصية على قطاع التربية تقرر الشروع في تدارس تغيير في مقررات دراسية بالسلك الثانوي الإعدادي

نشرت بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية أن وزير التربية الوطنية كلف المفتش التربوي العام بعقد لقاءات عن بعد مع أطر التأطير والمراقبة التربوية  لتدارس تغيير مقررات مادتي التربية الإسلامية والاجتماعيات في السلك الثانوي الإعدادي ، وأعطى أوامره لمديري الأكاديميات ، ومديري المديريات الإقليمية بالسهر على تنظيم تلك اللقاءات .

وإذا ما كانت عملية تغيير المقررات الدراسية  بغرض تطويرها أمرا ضروريا بل واجبا ، فإن الهاجس الذي يصاحب كل تغيير هو التخوف من ألا يكون التغيير في المستوى المنشود ، ومن ثم تنعكس نتائجه السلبية  على الناشئة المتعلمة لفترات تعد بالسنوات ، وتكون مخرجات تلك المقررات عكس المنشود ، وعكس ما كان يتوخى أو ينتظر منها.

وأول ما تبادر إلى الذهن بعد إخبار المواقع  على الشبكة العنكبوتية بأن المادتين المستهفتين بداية بالدراسة بغرض تغيير مقرراتهما هما مادة التربية الإسلامية ، ومادة الاجتماعيات السؤال التالي : لما البدء بهاتين المادتين ؟ وتلي هذا السؤال أسئلة أخرى من قبيل : هل تمت الدراسات الجادة اللازمة التي حدد ت أوجه الخلل في مقرراتهما الحالية  ؟ وهل تغيير مقرراتهما إرادة وطنية  مستقلة وحرة أم أن الأمر يتعلق بإملاءات  أو ضغوط خارجية ؟ خصوصا وأن المادتين لهما خاصيتين قد لا توجد في غيرهما، ذلك أن مادة التربية الإسلامية تتعلق بالدين الذي طابعه الثبات ، وعليه تتوقف الهوية الدينية للناشئة ، كما أن نفس الثبات يطبع مادة الاجتماعيات بحيث لا يمكن تغيير شيء لا من الدين، ولا من التاريخ  باعتباره حقائق. وبناء على هذا سيقدم المشرفون على تغيير مقررات المادتين في ثلاثة مستويات إعاداية على مغامرة  قد تكون غير محمودة العواقب إذا ما زلت بهم آراؤهم ، أو خضعوا لضغوط  قد تحملهم على التصرف دون مراعاة الخاصية  الدينية لمادة التربية الإسلامية ، والخاصية التاريخية لمادة الاجتماعيات.  

وما دامت الوزارة قد أقدمت على إشراك أطر التأطير والمراقبة التربوية في دراسة التغيير المزمع في مقررات المادتين ، وهي دون شك ستستأنس بآرائهم ، وستوكل إلى بعضهم مهمة تأليف الكتب المدرسية المترجمة لمقرراتهما ، فإنه لا بد من حرص الوزارة على التوازن اللازم بين المقترحات المقدمة، لأن الأطر المشاركة  فيها ستكون بالضرورة مختلفة القناعات والتوجهات التي من شأنها أن تؤثر في عملية تغيير المقررات خصوصا وأن مجتمعنا اليوم يعرف جدلا كبير وخلافا عميقا بخصوص بعض القضايا الحساسة كقضية الحريات الفردية على سبيل المثال لا الحصر ، والتي يذهب البعض بعيدا في إطلاق العنان لها بحيث يكون لها تأثير سلبي على الهوية الدينية لناشئة الأمة ، وكقضية المطالبة بما يسمى بديلا مدنيا لمجتمع متدين ... إلى غير ذلك من القضايا الطارئة بسبب ما يحدث في العالم اليوم خصوصا ما يصدر من إملاءات عن المجتمعات العلمانية التي ترى في الدين الإسلامي نقيضا لها بل  مهددا لقيمها، ومن ثم تقترح تعطيل بعض النصوص الدينية تحت ذريعة تعارضها مع التوجه العلماني الذي صار ينعت بكونه يمثل قيما كونية ملزمة لكل البشرية في كل المعمور .

 ولقد سبق أن تعالت أصوات بعض العلمانيين عندنا تصف بعض نصوص القرآن الكريم  المبرمجة في مقررات مادة التربية الإسلامية  بأنها تحرض على الكراهية والعنف ،ضاربة عرض الحائط  ضرورة احترام القدسية  الدينية لتلك النصوص ، فضلا عن انتقادهم لنصوص يزعمون أن أحكامها جائرة  ، ويجب تجاوزها نذكر منها على سبيل المثال أيضا نصوص الإرث ، ونصوص تحريم الفواحش ...  

وإذا ما كان المشرفون على اقتراح تغيير مقررات مادة التربية الإسلامية من الفصيل العلماني مثلا، فإنهم لا محالة سيذهبون في اتجاه الانتصار لتوجههم الذي يعتبرون مرجعيته ما يسمونه القيم الكونية ، وهو ما يتعارض مع النصوص الدينية ، لهذا لا بد من حرص الوزارة على التنبيه إلى ضرورة احترام ثوابت الأمة ،وعلى رأسها ثابت الدين الإسلامي  غير القابل للمساومة .

وما قيل عن الفصيل العلماني ينطبق أيضا على كل فصيل تكون له خلفية مؤثرة في اقتراحه كأن يكون هذا الفصيل على سبيل التمثيل متشبعا بتوجه محسوب على الدين ، فيؤثر ذلك على اقتراح مقررات المادة الدينية، الشيء الذي تكون لها تأثيرات على الناشئة المتعلمة الخاضعة لمضامين تلك المقررات ذات الحمولة الخاصة بذلك الفصيل الذي يريد فرضها والإلزام بها   .

وبناء على ذلك يجب أن يكون المعيار الضابط لكل تغيير في مقررات  المادة الدينية، ومادة التاريخ ، وغيرهما من المواد هو ضرورة احترام ثوابت الأمة ، وعدم التساهل في ذلك . وإنها لمن الضروري استشارة الأمة في كل تغيير يطال البرامج  الدراسية لأبنائها وبناتها ، ويكفي أن نذكّر بما نشر مؤخرا بخصوص مؤسسة أجنبية أقدمت على تلقين أبنائنا ما يتعارض مع قيمهم الدينية والأخلاقية كما أخبرت مؤخرا بذلك مواقع على الشبكة العنكبوتية ، وتداولته وسائل التواصل الاجتماعي.ليكون ذلك هاجسا حقيقيا يستدعي البقظة اللازمة صيانة لهوية ناشئتنا من كل عيث محتمل .

وأخيرا نأمل أن يكون المشاركون في تغيير مقررات هاتين المادتين وباقي المواد الأخرى في مستوى المسؤولية أمام الله عز وجل ،وأمام  ضمائرهم، وأمام الأمة، وأمام التاريخ .

وسوم: العدد 1026