وقعة «البغل 1»: «مصر مش بيتك»… و«الشبشب» للمتضامنين مع غزة»! »
الأكثر خطورة في تغطية قناة «القاهرة الإخبارية» لوقائع وصول قافلة رمزية حاولت دعم «إطعام أطفال غزة»، هي تلك اللهجة الحادة، التي يستعملها محرر غرفة الأخبار، ومعه المراسل الذي يصف الضيوف والزوار العرب والأجانب من أعضاء الحراك الشعبي وكأنهم يمثلون الغزو التتاري لـ»قاهرة المعز»!
مصر، التي نعرفها ونحبها هي تلك التي لا تسمح بالمزاودة عليها في «إطعام الجيران» من جوعى أهل غزة، حيث يستقر الجوع المسيس الوضيع على أكتاف الأمن القومي المصري، وليست مصر التي لا تفرد شاشاتها لأي تغطية من أي صنف لحادث قيام بعض «الأوغاد والسذج» بالاعتداء المخجل على ضيوف عرب وأوروبيين يحاولون رمزيا الوصول إلى معبر رفح.
كاميرا «الجزيرة» مباشرة كانت في الموقع جزئيا والتفاصيل مقرفة عندما تلتقطها الكاميرا: امرأة جزائرية تتعرض للضرب على رأسها بالشبشب مع عجوز فرنسي وبرلماني كويتي يتعرض للضرب بشمروخ فـ»يفشخ رأسه» وصحافي بلجيكي يبكي بالعربية، لعل العسس يظهرون بعض الحزن على غزة.
ثقافة الشبشب
حتى فضائية الكويت التي لا تتدخل في العادة بالقضايا الكبيرة والخلافية اضطرت للتحدث عن المسألة، فيما قيدت حادثة شج رأس النائب الكويتي بحق مجهول تعلمه فقط الجهات التي أرسلته لرجم النشطاء الضيوف في مشهد مخجل تحدثت عنه «الجزيرة مباشر» ولا يليق أبدا بتاريخ مصر.
أحدهم على فيسبوك سماها «معركة الجمل 2» ونرى الاسم الأفضل معركة «البغل 1» في وسط ميادين القاهرة، وعلى الطريق الواصل بين العاصمة ومدينتي العريش ورفح، حيث حملة شعبية تحمل بعض المعلبات والأدوية تقف على أرصفة القاهرة أو في بعض السجون قيد الترحيل، لأن مصر لا تقبل فرض أي أجندة عليها!
ألقيت زجاجات فارغة وأوساخ على ضيوف الشعب المصري، ثم هراوات وحجارة و»شباشب»، مع أن الضحايا محاطون بالحراسات الأمنية، لا بل هم موقوفون. أحد النشطاء من تونس صاح على شاشة الجزيرة مباشرة «صودرت وثائقنا ونحن قيد التوقيف.. يسمحون لبعض العابرين بضربنا ولا نعرف السبب»!
السبب واضح، وهو «تأديب» المشاركين في الرحلة حتى لا يفكر غيرهم بزيارة «أم الدنيا»!
يحيلنا المشهد مجددا لسؤال أثار موجة عاصفة وسط الزملاء المصريين، عندما طرحناه قبل أكثر من عام على شاشة فضائية «رؤيا» الأردنية «الأخوة في مصر زعلانين ليه من أهل غزة». إيش عملوا أهل غزة ضد مصر حتى يخنقهم الحصار إلى مشهد يراكم الوجع في أرواحنا؟!
مصر «البيت بيتك»
«مصر.. البيت بيتك». عنوان عريض وقديم لمعادلة دعائية كانت تبثها فواصل قناة «أم بي سي»، في نسختها المصرية، لكن عندما يتعلق الأمر بغزة يتشقلب العنوان فيصبح «مصر مش بيتك.. سنواجهك بالشبب»!
طبعا مصر ترحب بضيوفها والسياح والزوار والباحثين عن شقق بأسعار بسيطة وبرجال الأعمال، لا بل سبق أن رحبت بوفود تحاول مساعدة أهل غزة، لكن اليوم من يتابع وصلات الردح في بعض شاشات السلطة لا يفهم كل هذا الفصام المتلفز.
ولا يفهم ما هي الأسباب الحكيمة التي استدعت مشهد معركة «البغل 1» ضد نشطاء ساروا مع قافلة فيها دقيق وشوية مشمش وعبوات مياه وحفاضات أطفال.. هل ممكن تقديم تفسير؟!
نفهم عمليا أن تتمكن الحكومات من إحضار «بسطاء وبلطجية وزعران وأشقياء» بين الحين والآخر لأغراض تخص اعتباراتها الأمنية، لكن إحضار هؤلاء جماعيا لـ»فشخ ومهاجمة» أشخاص وضيوف مسالمين يحاولون رمزيا إدخال قطع خبز لأطفال جوعى يقتلهم جيش العدو الإسرائيلي، مشهد يدلل على «حالة مرضية مستعصية».
وسوم: العدد 1128