إعتاد حسن نصر الله أن يفتح معاركه "الظافرة" على: إسرائيل و14 آذار!
نوعان من الناس، إعتاد حسن نصر الله
أن يفتح معاركه "الظافرة" عليهم:
إسرائيل و14 آذار!
فارس خشّان
إسرائيل، بما أنها دولة ديموقراطية، ضمن عنصريتها اليهودية، تعد قتلاها، واحدا واحدا، مما كان يثير غضب الشارع الذي يتحسّس آلام بعضه البعض. واستفاد حسن نصرالله من " نقطة ضعف " إسرائيل، فركز خطته على التسبب بأوجاع للشارع، حتى يصرخ في وجه حكامه، الذين يخشون من التصويت ضدهم، في انتخابات تشريعية.
نصرالله في ذلك، كان يملك نقطة قوة هائلة، فجمهوره لا يحاسب أبدا، بل ينادي ، كلّما أصابته نائبة، بفعل سياسات نصرالله:" فدا صرماية السيّد"!
أما قوى 14 آذار، فلم يكن أمامها سوى الإنكفاء أمام هجومات حسن نصرالله، سواء كانت هجومات بعبوات ناسفة، أم بغزوات عسكرية، وسبب ذلك معروف، فهذه القوى لا تملك ميليشيات مسلحة ومدربة، ولا تملك توازن الرعب، ولا يؤمن فصيل أساسي منها بالعنف وسيلة لحل الإشكالات، حتى لو وقع عليه العنف.
وأمام حسن نصرالله كانت تنكفئء قوى 14 آذار، وكان المستهدف شخصيا منها، إما يترك البلاد، وإما يحتمي بمنزل محصّن، أو يغيّر في مواقفه السياسية ومواقعه السلطوية!
وإزاء هذين النوعين من الناس، أصيب حسن نصرالله بداء كل ديكتاتور: " ورم الأنـا"!
وبفعل هذا الداء، ينتهج نصرالله سلوك المؤمن بفائض القوة، فيدخل، دوريا، في "مونولوج" يعرض فيه شروط الإستسلام ويستعرض عضلاته ويهدد ويسخر ويناور ويبتسم ويخوّن ويكفّر ويغضب!
وداء " ورم الأنا" هذا ،الذي يُعمي البصيرة، هو بالتحديد ما أوصل حسن نصرالله الى ريف حمص، وإلى ريف دمشق، وإلى العاصمة السورية، وحتى الى بعض نواحي حلب!
لم يترك نصرالله مبررا إلا واستعمله لتبرير فعلته، بمجرد أن اضطر أمام قوافل القتلى أن ينتقل من الكذب بالنفي الى التأكيد بالتحايل. مببراته تراوحت بين الديني والمذهبي وبين الإستراتيجي والأممي.هو قدم باقة، ليستحلي منها سببا ، كلّ بحسب أهوائه!
ولكن، بفعل عوارض " فائض القوة" لم ينتبه نصرالله إلى أنه هذه المرة يواجه خصما من نوع آخر. خصم لا مسؤولين لديه ليخافوا من تصويت ديموقراطي. خصم لا ينفر من العنف بل ينجذب إليه. خصم لا يحارب بالنظريات، بل يواجه من هو أعتى من نصرالله وحزبه، اي نظام بشار الأسد. خصم لا يؤمن بالهزيمة، بل يستولد من النكبات عزيمة للإستمرار!
هنا، لم يعد حسن نصرالله وحده من يقيم عرسا لقتلاه، فيما خصمه يبكي ويندب. العكس هو الصحيح، خصم نصرالله هذه المرة، هو من يزف قتلاه شهداء، وذووهم لا يظهرون بكائين وندابين أو مجرد حملة شموع!
هذه المواجهة التي ذهب نصرالله إليها متبخترا ومزهوّا ، فُتحت حتى لا تنغلق أبدا!
من يواجهوه، إنتقوا من باقة التبريرات التي قدمها نصرالله، التبرير المذهبي، وجمعوا أنفسهم لمحاربة مذهبية طاحنة!
هؤلاء لا يجدون في نصرالله سوى رجل مذهبي تحالف مع فئة مذهبية في سوريا لمحاربة مذهبهم، لا أكثر ولا أقل!
وهذا يعني أن نصرالله ، للمرة الأولى في تجربته العسكرية، سيواجه مجموعات لا تهاب الموت، لا بل مقتنعة بأن مقاتلي نصرالله سيذهبون الى الجحيم لأنهم لا يجاهدون، وفق " فتوى" الشيخ صبحي الطفيلي، بل يرتكبون جريمة قتل موصوفة على أراض لا علاقة لنصرالله بها، فيما هذه المجموعات ذاهبة حتما الى الجنة التي كان يعد بها مقاتلو "حزب الله" أنفسهم، حين يموتون في جنوب لبنان وبقاعه الغربي!
ولهذا السبب، فشلت الخطة التي وضعها " الحرس الثوري الإيراني" وينفذها بشار الأسد وحسن نصرالله في القصير!
لم يكن في القصير أمثال ميشال عون ممّن حين تغير عليهم طائرة سوخوي قديمة، يهربون الى السفارة الفرنسية، تاركين عائلاتهم وراءهم، بل كان هناك مقاتلون عرفوا كيف يستوعبون 28 طلعة لسرب من أحدث طائرات الميغ، بحيث كانت تنفذ 4 غارات بالدقيقة الواحدة، بمواكبة خمسين قذيفة في الدقيقة نفسها!
إستوعب مقاتلو القصير " الضربة القاضية" ، فأدخلوا كتائب الأسد ومقاتلي نصرالله في الجحيم!
وبدل أن يعود مقاتلو نصرالله الى لبنان، في مساء اليوم التالي، رافعين شارات النصر، عادوا قتلى وجرحى!
وكما كان يفعل "حزب الله" في الجنوب، فعل مقاتلو القصير. لم يجلسوا يندبون قتلاهم، بل جلسوا يحصون قتلى "حزب الله" بالتحديد!
لكن، هذه الخسائر، قد لا تثني نصرالله عن مواصلة حربه في ريف حمص، ففائض القوة وصمت بيئته – على الرغم من الهمس الإستيائي- قد تشجعانه على الإستمرار، إعتقادا منه بأن هذه المعركة غير متكافئة، وتاليا فإمكانية الإنتصار فيها عالية، لا بل حاسمة، وهي تشبه معادلة القوة المختلة بين "حزب الله" من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى، وإسرائيل كانت ، على الرغم من صمود "الحزب"، تستطيع أن تدخل الى أي نقطة تريدها، إن كانت على استعداد أن تتكبد الخسائر المطلوبة لذلك.
صلّوا معي أن يخسر "حزب الله" .
صلاة لا كراهية وراءها، لأن الله لا يقبل صلوات الكارهين، بل هي صلاة حب للبنان!
هي صلاة حب للبنان أن يخسر "حزب الله" في القصير، لأن المقاتلين الذين يخوضون معركة قد تؤدي الى هلاكهم، ليسوا مقطوعين من شجرة، بل هم ينتمون طائفيا إلى عائلة ضخمة، لا يبدو أنها ستسكت!
من يدقق بردات الفعل الشعبية، يعرف أن القصير لم تعد مجرد بلدة في ريف حمص أو حتى في سوريا، بل أضحت رمز كرامة لهذه العائلة الضخمة!
وهذه العائلة الضخمة ، إن خسرت رمز كرامتها، سوف تلمّ الكثيرين ممن يجمعهم هدف واحد: الإنتقام من "حزب الله"!
والإنتقام من "حزب الله" لن يكون من حسن نصرالله الذي يُحسّن حماية نفسه، لا بل أصبح خبيرا في ذلك، بفعل التجربة المستمرة منذ العام 2006، بل سيكون من اللبنانيين عموما ومن أهلنا في الطائفة الشيعية خصوصا!
لا مناص من الموت المقبل إلينا، إلا بخسارة نصرالله في القصير!
حان الوقت، لإزاحة هذه الغمامة عن أعين كثير من اللبنانيين: قوة نصرالله أصبحت خطرا عليهم، لأنها هذه المرة لا تجذب صراعا إقليميا ينتج حروبا لأيام، بل هي تجذب حربا دينية قد نعجز عن رؤية نهايتها حتى بعد سنوات!
ثمة من يستهزئ بكل هذا الكلام. معذور، فانغماسه بقياس قوته، يلهيه عن رؤية تفجيرات العراق وضحاياها اليوميين وطبيعتهم!
صلّوا معي أن ينهزم "حزب الله" في القصير، فكفى لبنان ويلات ...انتصاراته!