اللعبة الناصرية!
أ.د. حلمي محمد القاعود
أومن بحق الناس أن يختاروا ما يشاءون من عقائد واتجاهات دون قسر أو إكراه, وأومن بحق الناصريين واليساريين أن يتحولوا إلي أغلبية في الواقع السياسي إذا امتلكوا الأسباب التي تؤهلهم لذلك,
شريطة أن يسلكوا السبل الديمقراطية السلمية التي لا تطيح بالبناء الوطني, أو تضع البلاد رهينة للاحتراب والتمزق والانهيار الاقتصادي.
يلعب الناصريون واليساريون والطائفيون الآن لعبة خطرة تقوم علي جر الجيش إلي الصراع السياسي, والتحريض العلني السافر علي العنف والاعتصام والعصيان المدني, ثم استغلال وسائط الإعلام والتعبير التي يسيطرون عليها لشيطنة الإسلام والنظام وصندوق الانتخابات. والإيقاع بين الإسلاميين, اللعبة هكذا تبدو قبيحة وبشعة وآثمة. وفي الوقت الذي يتحدثون فيه عن إسقاط الرئيس المنتخب ورفض الدستور والإعلان عن رفضهم المشاركة في الانتخابات, وإصرارهم علي فرض مطالبهم التعسفية قبل البدء في أي حوار, فإنهم لا يخجلون من تأييد طاغية دمشق الذي يتعامل مع شعبه المسكين بالقصف الجوي والأرضي, ويمارس مع الأسري أبشع ألوان التعذيب, وقد وصل عدد ضحاياه من القتلي إلي أكثر من تسعين ألف قتيل عدا المهجرين والنازحين والجرحي والمصابين.
لقد ذهب بعضهم إلي الطاغية المختبئ في دمشق وشاركوا عناصر يسارية من عمان والعراق في إلباسه عباءة سوداء بوصفه زعيم العرب والقومية العربية والمقاومة والممانعة! ولا أدري ماذا كانوا سيفعلون لو أن النظام المصري تعامل مع المجرمين الذين يستخدمون الرصاص والخرطوش والمولوتوف والحجارة ويقتحمون قصر الرئاسة ويسبون الرئيس علنا بأفحش الألفاظ والبذاءات, بمثل لغتهم ولا أقول بلغة طاغية دمشق ؟
إن الناصريين واليساريين وحلفاءهم من النظام السابق; يعلمون جيدا أنهم يمثلون أقلية مرفوضة في الشارع المصري, وأن عامة الناس قد ضجت من وقف الحال وإغلاق الميادين والشوارع, ومن المؤكد أن هناك لحظة قد ينفجر فيها الشعب, وهو الانفجار الذي سيأتي علي الأخضر واليابس, ولا أظن أن القوم سينعمون بالسلامة والسكينة. لقد ولي زمن الاستبداد الذي أسسته الناصرية منذ ستين عاما ولن يعود, وأولي أن نحتكم جميعا إلي العقل, ونعمل علي بناء الوطن, ونحترم الديمقراطية والصندوق.