أم الأيتام....وجدتهم

محمد سعد الدين

لايتوقف محدثي من حماة عن البكاء....وأبكائي في كل محادثة هاتفية,الرجل الوقور لايمل من تكرار القصة ذاتها...يقسم بأغلظ الأيمان بانه راها بعينه في مقبرة المدينة....تلك المراة العجوز وهي تودع أبنائها الثلاثة الذين أستشهدوا جميعا  في رمضان 2011 ....أبنة حماة كانت تتلقى عزاء الأقارب وقد عزّ البكاء وجف الدمع....والدهم أستشهد  قبل عقود ثلاثة قتله  الأسد الأب أثناء مجزرة حماة الأشهر بالثمانينيات.....تكفلت الأرملة الصابرة بتربية أطفالها الثلاثة حتى أضحوا شبابا.....لم يمنعهم قهر اليتم ولا قلة الزاد من الأحتفاظ بنخوة الحمويين وشهامتهم ....لم يتحججوا يوما بخذلان الأشقاء وأهمال الجيران من نصرتهم حين....أحتاجوهم

صوت المراة المتهدج كان واضحا في تعبيراته....لم أتعب من تربية الأيتام بعد ولن أتعب,سابدأ بتربية أحد عشر يتميا جديدا...أذا بقى من العمر بقية...ولكنها تسائلت ببراءة ألم يتعب هولاء من القتل....ألم يستحي البعض من أدّعاء صداقتنا ونصرتنا

لم أعد أحتمل المزيد توقفت عن محادثة قريبي هناك.....فقد تعبنا نحن البعيدون من مجرد سماع الأخبار !!!ولم تتعب نساء ربما بنصف صحتهم من أنجاب وتربية الأبطال

بعدها تضاعف شوقي لرؤية مدينتي حماة التي لم أراها منذ 35 عاما..لعلني أظفر برؤية تلك المراة الأسطورة فاقبل يديها وأنا أخجل من نفسي...لعلني أستطيع مشاركتها ببعض أحزانها فتشاركني هي ببعض عنفوانها وكبرائيها

من قال أن نواعير حماة هي أجمل ما في مدينة الشهداء وأمهاتهم!!!سامحينا أيتها المراة العظيمة فقد كشفت لنا كم نحن صغارا أمام تضحيتك....فقد علميتنا أن مجاهدي الكلمة والسياسة .......لا يساوون بحق ظفر من أظافر أم الأيتام وجدتهم.