عقارب أمريكا تنقلب ضدها

كاظم فنجان الحمامي

عقارب أمريكا تنقلب ضدها

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

يصعب على العقلاء تجاهل الدروس والعبر, اما الذين لا يعتبرون والسادرون في غيهم, فإنهم يدفعون في النهاية ثمن تهورهم, فالاستئناس برفقة الأفاعي, والاستعانة بالعقارب لن تدوم طويلا, ومن المؤكد إنها ستتمرد عليهم وتنقلب ضدهم, فالعقارب لا تميز بين الغريب والقريب, ولن يثنيها الترويض عن العودة إلى ممارسة نزعاتها الشريرة, فالذين احتضنوا العقارب ودربوها على لدغ أقرب الناس لابد أن تلدغهم في بطونهم حينما تسنح لها الظروف. .

مما ريب فيه إن الشواذ الذين خانوا العراق, وجندتهم أمريكا للتجسس علينا, وصفقت لهم عندما أساءوا إلى آبائهم وذويهم, لن يترددوا في نفث سمومهم داخل المجتمع الأمريكي, فالخائن يظل خائناً, والفاسد يظل فاسداً, ولن تستقيم ذيول الكلاب حتى لو وضعوها في القوالب الفولاذية, ويبقى الاعوجاج هو الخصلة الثابتة في طباع الجراء الصغيرة مهما كبرت. .

فالصبي الخبيث (جاسم محمد حسين رمضان), الذي شجعته أمه على الخيانة, وعلمته على الاستهانة بكرامة الأب وهيبته والتمرد على سلطانه, والخروج عن طاعته, وعلمته أن التجسس هو أفضل الوسائل لتحقيق النجاح في ظل الاحتلال, وإن أفعاله ستمر من دون عقاب, وأنه لا توجد لعنة على من يرتكب الخطيئة, ذهب بنفسه إلى ثكنات المارينز المحاصرة لمدينة (القائم) الحدودية, واعترف على أبيه النقيب (محمد), وأرشدهم إلى مكانه في قرية (حصيبة), وكان متنكرا معهم داخل مركبتهم المدرعة, فتعرف على أبيه من نافذة المركبة بعدما قادهم بنفسه إلى الوكر الذي يختبئ فيه. .

احتضنته ثكنات المارينز عام 2003 قبل بلوغه سن الرشد, كان بعمر (13) عاما, فألبسته ملابس المارينز, وكان يتصرف مثلهم, ويضع قبعتهم المرقطة على رأسه, لا يخلعها حتى في أوقات المنام, فعاش بين عناصر فوج (التنينDragon) كواحد منهم, أشركوه في غاراتها الحربية على الرغم من صغر سنه, وكان هو عينهم الخفية, ومخلبهم السري, وهو دليلهم وكلبهم المطيع, فنشأ وترعرع في معسكراتهم متنقلا من تشكيل إلى آخر. .

عاش الخائن الصغير تفاصيل الأجواء الحربية الدامية, فرأى رؤوسا مقطوعة, وأجساداً مبعثرة, وبطونا مبقورة, وشاهد عراقيين من مدينته يموتون أمامه, ورأى بيوتاً تُحرق وتُنسف بالمتفجرات, وسمع استغاثات الجرحى, ودوي المدافع الثقيلة, حتى تحول إلى عقرب شرس بجسد طفل شرير. .

استعانت به القوات الأمريكية في معظم عملياتها التعبوية داخل العراق, فأطلقت عليه اسم (السلاح السري) لكنها كانت تخاطبه باسم: ((ستيف - أو. Steve-O), وكانت فخورة به إلى حد بعيد, باعتباره من أدواتها الميدانية المفيدة. .

وشاءت الأقدار أن تموت أمه مقتولة بنيران الحرب, فاصطحبه جنود الاحتلال إلى أمريكا بعد انسحابهم من العراق, وظل تحت رعاية العريف (هندركس), لبعض الوقت, قبل أن يدخل في برنامج التبني, فتحدثت عنه الصحف الأمريكية, وظهر في برنامج (أوبرا), فشاهده الناس وهو  بعمر (19) سنة, وكان يتكلم بلكنة أمريكية متقنة, وعبر عن رغبته بالعناية بابنته من زوجته الأمريكية, (يبدو انه تزوج وأنجب), وأفاض في الحديث عن والدته التي علمته الخيانة والتمرد على أبيه, وقال: ((أنا لست نادماً على مساعدتي لقوات الاحتلال, فقد فعلت الصواب بناءً على رغبات أمي)). .

كان هذا العقرب واحدا من خمسة عقارب خبيثة احتضنتها ثكنات المارينز, ودربتها على الخيانة والتجسس, وشجعتها على النذالة, فكانت تلك العقارب هي التي ارتكبت أبشع الجرائم الجنسية ضد سيدة عجوز في العقد السادس من العمر, تسكن في حارة (غولد راش) من ضواحي مدينة (كولورادو سبرنجر). .

كانت السيدة (الضحية) متعودة على الخروج ليلا, كونها تعمل في النوبات الليلية, فسمعت خمسة من الشباب يتشاجرون في الشارع العام, وكانوا (جاسم محمد حسين رمضان), وأربعة من العقارب المشحونة مثله بالسموم الفتاكة, وهم (ياسر جبار جاسم), و(مصطفى ستار الفراجي), و(محمد حسن الجبوري), و(سرمد فاضل محمد), فحاولت تهدئتهم وحل مشاكلهم, ونجحت على ما يبدو في مساعيها الطيبة, فتصالحوا مع بعضهم البعض, ودعوها لتناول العصير معهم في منزلهم القريب, وما أن دخلت المنزل حتى عادوا إلى ممارسة نزواتهم الحيوانية الغادرة, فدسوا لها المواد المخدرة في العصير, ثم انقضوا عليها كالذئاب الكاسرة, فمارسوا معها أبشع أنواع الاعتداءات الجنسية الوحشية, وكانوا يتناوبون على تعذيبها من دون مبرر. .

عثرت الشرطة عليها مرمية خارج منزلها, وكانت غارقة في بركة من الدماء بسبب النزف الشديد, فنقلها الجيران إلى المستشفى, حيث أجريت لها هناك أكثر من عملية جراحية, لكنها لم تسترد عافيتها كما كانت عليه في السابق. .

ختاما نقول: يتعين على المحكمة الأمريكية التي ستقاضيهم أن تأخذ بعين الاعتبار الجريمة التي ارتكبتها قوات المارينز عندما غرست بذور الشر في نفوس الفتيان الصغار, فهي التي دربتهم على ارتكاب الفواحش وقادتهم إليها, وهي التي زينت لهم السقوط الأخلاقي في مستنقعات الرذيلة, فالذي يزرع الخير يحصد الخير, والذي يزرع الشر لابد أن يحصد الشر, وهذه هي سنة الحياة. . .