العيد .. والهدنة ...

عقاب يحيى

أكيد أنه كان عبقرياً ذلك المتبني وهو يموج بالحنين لجدته، فتضرب الغربة أوتار الذكريات والمرار.. تهيج العواطف والدنيا عيد، وهو في الطريق.. فيبدأ قصيدته هجاء لكافور وقد ضربت الخيبات أطنابها فيه.. وتبخّرت تلك الأحلام الذاتية....

شعبنا الثائر على اغتيال الفرح عقوداً، التوّاق لإطلاق قيود حبيبته سورية من أسر الفتك والحقد والطغيان.. حمل الحلم الكبير أعياداً.. معتقداً أن أهازيج الزفّة بالانتصار لن تطول.. ومع أول هلة عيد فطر توقع أن يكون مقروناً بتحصيل حقه، وحق بلده المغتصب.. لكن .. ذهب العيد، وبعده أعياد.. والقاتل كشّر عن أنياب الافتراس والتدمير بعد أن فلتوا له كل الحبال، وسلّحوه بالاطمئنان بأن لا أحد لن يحاسبه، بل هناك كثير يدعمه ليُخرج خزين غله في الشعب والحجر والشجر.. والأثار.. وكل عامر في بلدنا الحبيب.. وبتصاعد  يثير أسئلة عديد المحللين، خاصة ممن لا يعرف حقيقة تلك الطغمة، تركيبتها الإجرامية، والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه.. فيصاب البعض بالذهول والوخة : أمعقول أن يحدث الذي يحدث ؟..أطبيعي أن تقصف بلد الحضارة والتحضر والعمق والتاريخ والآثار بالائرات والدبابات والمدفعية.. من قبل طغمة تدعي أنها من الشعب، وما زالت ترفع شعارات الدجل والتدجين والعبث ؟؟.. وإلى أين تمضي؟.. وتقود البلاد وقد بلغ الشهداء عشرات ىلآلاف، ولم توفر الآثار التاريخية التي ما تجرّأ الغزاة البرابرة على الاقتراب منها...؟؟..

ـ وبعد ذلك.. يروح ويجيء، ويجيء ويروح مندوب الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى مشق وعديد عواصم قرار الطغمة.. ثم يخرج بطبخة" كبيرة"... هدنة لمناسبة العيد.. وتفكر الطغمة.. وتضع شروطاً.. بينما عمليات القصف والذبح لم تتوقف...وينتظر الناس التقاط الأنفاس ليتفقدوا موتاهم وجرحاهم وما حل ببيوتهم وأهلهم وبلدهم...وكأننا في حرب كونية ....

                                                ******

العيد هو حلم الشعب السوري الذي يحمله في القلب وبين الضلوع . عيد خاص وعيد عام لوطن غاب الفرح عنه من زمكان.. وآن له أن يحتفل بأعياده الدينية والعامة والخاصة كبقية الشعوب، وبما يليق بشعب الحضارات وصناعة السعادة.. لكنه يغيب اليوم في أكفان الشهداء، وبين المقابر، وفي المعتقلات والمستشفيات، وعر أنين الثكالى واليتامى، والنازحين والمهجرين واللاجئين الذين يعانون الويلات.. والشتاء يضرب العظام، والجوع يصرخ، والحاجات الضرورية غير متوفرة.. بينما تعجز المعارضة عن القيام بالمأمول منها . عن صياغة معادل عنضالها . عن التوافق على المشتركات العامة . عن النهوض بالأعباء الضرورية، وعن تشكيل البديل الذي يقطع الذرائعية المصنّعة لدول القرار، ويمسك بالقرار الوطني نهجاً، وثابتاً لا يمكن التلاعب به، ولا مطمطته وفق رغبات  هذه الدولة أو تلك، والإذعان لشروطها وتسويقاتها المتناثرة في بازار السوريين المدمنين على الحركة بكل الاتجاهات..وإشعار الذات أنهم يفعلون شيئاً، وأنهم يحاولون .

ـ نعم شعبنا انطلق بثورته سلمياً . قابل بالصدر العاري لأشهر طوال كل الانتهاكات وعمليات القنص والقتل والاغتيال المنظم، والاعتقال المهين، المميت . حاول انتزع حقوقه بالتظاهر والضغط السياسي .. لكن هيهات.. فقد تكشّفت كل حقائق الطغمة ـ لمن كان لا يعرفها، أو يراهن على ثقوب فيها ـ انها اقلوية، مافيوزية، قاتلة، وانها لا تعرف غير العنف والذبح والتدمير طريقا، وان مواجهتها تفرض المقاومة المسلحة بما تيسر.. وبالتالي.. فإن الشكوك كبيرة بخرق الطغمة لأي هدنة، مثلما هو الحال فيما يتعلق بما يعر بالمبادرات والحلول السياسية التي دهسها ونحرها..

ـ الطغمة تراهن على شيء وحيد : مزيد من القتل والدمار ...ولا شيء آخر..ووضع الثورة أمام الخيار الذي لا بدّ منه : المقاومة حتى النصر..

ـ للعيد الذي يمر.. حزيناً في الأفئدة والبلاد سلام.. ووعد بالاحتفاء حين يصبح حقيقياً ..

ـ لأهلنا الصامدين . الصابرين . المكافحين ..سلام ..