يتحدثون عن الأسلحة الكميائية

معاذ عبد الرحمن الدرويش

معاذ عبد الرحمن الدرويش

[email protected]

عندما جيش النظام أولى أرتال دباباته و سيرها باتجاه حمص،ارتفع صوت "أردوغان "عالياً(لن نسمح بحماة أو بحمص ثانية ) حسب تعبيره.

لكن دبابات النظام و مدفعيته و من ثم طائراته  لم تعر أي انتباه "لتصريحات أردوغان" و  لم تترك لا حماة و لا حمص و لا  دمشق و لا حلب و لا قرية و لا شارعاً و لا بيتاً - على اتساع رقعة  سوريا - إلا و كررت مأساة حماة فوق مبانيها و بحق ساكنيها.

و اليوم نمسي و نستيقظ على تصريح من هنا و مؤتمر صحفي من هناك،من مسؤولين كبار عالميين و على رأسهم الرئيس الأمريكي "أوباما" على أن استخدام الأسلحة الكميائية  من قبل النظام المجرم خط أحمر.

لا ندري وفق أي معايير أخلاقية أو إنسانية او حتى  عسكرية و سياسية يسير هذا العالم المظلم.

فالعالم حريص على المحافظة و الإبقاء على الأسلحة الكيميائية في عبواتها أكثر من حرصه على  حقن دماء الشعب السوري.

و الظاهر أن الدبابات و المدافع و الصواريخ و البراميل المتفجرة تدغدغ  مشاعر سياسيي  العالم  بأصوات أنفجاراتها، و هي تدمر ما تدمر و تقتل ما تقتل ....

و إذا كانت الأسلحة الكميائية محرمة دولياً كونها تعتبر أسلحة دمار شامل و تؤدي إلى قتل عدد كبير من الناس و لا تفرق بين مدني و عسكري.....

أليست سلسلة القتل التي انتهجها النظام المجرم و المتزايدة بشكل  مضطرد من يوم إلى آخر ؟ِأشد فتكاً و أكثر تدميراً و أكثر قتلاً فيما لو استخدم الأسلحة الكيماوية .

 و أليس النظام ينتقم من المدن  و المدنيين أكثر من الجيش الحر و الثوار ؟

و كم عدد الأطفال و النساء  الذين استشهدوا حتى الآن؟

هذا بالإضافة إلى مأساة عظيمة لا تزال غائبة عن العالم و لم تأخذ حقها على شاشات الإعلام العالمي-  بسبب مآسي الموت التي غطت على ما هو دونه - مأساة عشرات الألوف ممن انعطبت حياتهم و لا يزالون أحياء ،و قد فقدوا أطرافهم و انعطب جزء كبير من اجسادهم و أصبحوا أشباه أحياء عاجزين عن العمل و الحركة.

و حقيقة الأمر أن العالم لن يكون سعيداً ،إذا انتهت الأزمة السورية بسرعة و بصمت،و أيضاً لن يكون سعيداً إذا لم تدمر حجارة سوريا قبل ناسها ، لأن العالم المتآمر يدرك أن الشعب لا يمكن أن يموت،لكنه بالإمكان تأخير نهضته بتعميق جراحه و تهديم ما أمكن من البنية التحتية للوطن.

فاستخدام الأسلحة الكيميائية قد تحرج العالم للتدخل و إنهاء الأزمة قبل البرنامج الموضوع لها.

فالعالم فعلاً قد يتدخل إذا ما لجأ النظام المجرم إلى استخدام الأسلحة الكميائية على نطاق واسع،فهو يدرك  هذه النقطة من جهة،و يدفع بالنظام من جهة ثانية إلى ترك الأسلحة الكميائية لحين لحظة النزاع الأخير بحيث يقوم النظام باستخدام تلك الأسلحة و هو على فراش الموت، يطلقها من جهة و يطلق انفاسه الاخيرة من جهة ثانية،و تكون خاتمة الموت على عشرات الألوف من الشعب السوري.

و النظام السوري من جهته لا يعرف أي خطوط حمراء،في سبيل القضاء على الشعب السوري،أو الحفاظ على حياته ،و لن يتوانى عن فعل أي شيء عندما يراه  يناسب حماقته،كما فعله ذلك من قبل..

و حينها تكون ذريعة وهمية لكي يتدخل العالم تحت أقنعة إنسانية ليفرض أجنداته على الشعب السوري المثخن بالجراح .بعدما يكون النظام قد أدى مهمته على أكمل وجه.

فهم يريدون أن تطول الأزمة السورية قدر المستطاع،في سبيل تدميرها تدميراً نهائياً و تسليمها بقايا دولة لمن يتبقى من الشعب السوري الذي تقاسمه الموت و المرض و  المخيمات ...

لا يحزن "المقبور حافظ" و لا يحزن من بعده - "المقبور ابنه لاحقاً " بإذن الله -  إذا كانت قد حطمت تماثيلهم و أصنامهم في ساحات و شوارع سوريا ،، ليرقدا بهناء لأن إسرائيل بكل تأكيد ستبني لهما تماثيلاً و أصناماً في كل زاوية من زوايا تل أبيب، لأن ما قدماه لإسرائيل خلال حياتهما عجز عن تقديمه مؤسس دولة إسرائيل نفسه .