عندما يكشف ميشيل كيلو عن مكنونات نفسه
عندما يكشف ميشيل كيلو عن مكنونات نفسه
محمد أحمد الكردي
"المناضل"، "الألمعي"، "السجين السابق"، "الشيوعي الشمولي الراديكالي اليسوعي السابق، الديمقراطي الإصلاحي اللاحق"، ميشيل كيلو كتب مقالا بعنوان: رداً على رياض الشقفة: «بيتكم من زجاج»، ونشرته جريدة السفير 4 آب 2012، ولقد قرأت المقال من ألفه إلى يائه بكل انتباه وتوأدة، ووقفت على كل كلمة وجملة خطها ميشيل بحق الأستاذ المهندس رياض الشقفة المراقب العام لجماعة الإخولن المسلمين في سورية، فلم أجد في كل ما أورده شيئاً ذا قيمة أو وزن، ولو بالغرامات فضلاً عن الكيلوات!! وإني لأعجب من شخص اسمه كيلو وليس فيما كتبه أي وزن!!
إنني أسأل: ما الذي أثار كيلو أو الغرام في تصريح السيد شقفة؟ هل يستدعي قول الشقفة:
«ليس ميشيل كيلو أو مناف طلاس من يقرر من سيحكم سوريا؟» رداً على صحفي في إحدى القنوات الفضائية يسأله عن رأي جماعة الإخوان فيما قاله كيلو لدى زيارته الأخيرة لموسكو.
لقد قال كيلو رأيه في مسألة وطنية، وقال شقفة رأيه فيما قاله كيلو. وقرأ أو سمع المواطن السوري وغير السوري كلام الرجلين. ثم جاءت أحداث أخرى ومضت أحداث أخرى كثيرة دون أن يتوقف عندها أحد لا كيلو ولا غيره. فهل ما قاله شقفة حول رأي كيلو مستفز إلى درجة أن أخرج كيلو عن طوره، وجعله يكيل التهم والشتائم لشقفة والتطاول عليه بغير حق؟!
إنني، وكثيرون غيري قرأنا رد كيلو غير المبرر وبهذا الأسلوب المفتقر إلى الأدب والدبلوماسية والكياسة على أنه القشة التي قصمت ظهر بعير كيلو، والمناسبة التي ساعدته على إخراج مكنونات نفسه تجاه أصحاب الاتجاه الإسلامي ومشروعهم بعدما ظهر زيف ادعاءاته وتهافتها أمام الشعارات واللافتات التي يرفعها المتظاهرون السلميون في سورية، وضحالة شعبيته وتراجعها والخطر الذي يتهدد مشروعه الأخرق الذي لا يخرج عن كونه الوجه الآخر لنظام بشار.
إن وصف كيلو للسيد شقفة بالأوصاف الواردة في مقاله يذكّرنا بالمثل العربي: الإناء ينضح بما فيه. وبالمثل العربي الآخر: رمتني بدائها وانسلّت.
إن وصف كيلو للنقد الموجه إلى تصريحه بأنه ضجيج صاخب تختلط فيه الأكاذيب بالوطنية الزائفة، يدل على تجرد كامل من الأدب واللغة السياسية واستيعاب الآخر. من يوزع الوطنية وحسن السلوك؟ أنت؟ ما حظك منها أصلاً؟
وإن قول كيلو:"لو كان لدى الشقفة حد أدنى من الفهم والإدراك"، يدل على أنه مريض بمرض النرجسية، ومرض الكذب وتوزيع التهم والأباطيل جزافاً! إن السيد شقفة فعل خيراً عندما تجاهل افترءات كيلو وأباطيله، حتى لا يعطي أعداء الثورة السورية مادة يتسلّون بها وينالون من خلالها من الثورة والثوار، وحتى لا يتوجه أي جهد إلى غير وجهته.
ويقول ميشيل كيلو في مقاله: لو انتظر الشقفة، لوفر على نفسه البهدلة...ولأدرك أن ما يعتقده في قرارة عقله القليل محض خطأ.
إنني أسأل: من تعرض للبهدلة في هذا المقال يا ميشيل؟ أنت أم شقفة؟ ومن يتصف بقلة العقل أنت أم غيرك؟ والله كنا ننظر إليك قبل أن نقرأ هذه الخزعبلات قامة وطنية عالية، وإذا بك تشط بعنقك وتمط بجسمك لعلك تبلغ نصف أو ربع قامة السيد رياض شقفة، ولكن هيهات هيهات؟ وكنا نتمنى أن تكون بعشر عقله بل بمعشار عشر عقله، ولكن كلامك دل بما لا يدع مجالا للشك أنك في عداء مستحكم مع العقل والركازة بالرغم من عمرك المديد، فهل يا ترى لنوعية الطعام الذي أطعمك إياه بشار وأبوه علاقة بذلك؟ ربما.
وكم كنت أتمنى أن لا يتحفنا ميشيل بمعلوماته الغزيرة والنادرة عن السيد شقفة، فهو يصفه بأنه "لا يفقه شيئا في السياسة، لأنه أمضى شبابه في تنظيم سري مسلح، قبل أن يغادر سوريا بعد «نكبة حماه» التي لعب دورا مهما في وقوعها"، والله يا ميشيل: لا أدري أأحسدك على دقة معلوماتك أم على طريقة سردك؟ هل تعلم أن السيد شقفة يعيش خارج سورية قبل مجزرة حماة بنحو سنتين ونصف السنة على الأقل. فأنا تعرفت عليه أواخر عام 1980 خارج سورية، واستمرت علاقتنا الطيبة حتى ساعة كتابة هذه السطور، بالرغم من أنني صديق له ولتنظيمه ولست عضواً فيه.
أما محاولتك البائسة في النفخ في نار الإقليمية التي ستحرقك إن بقيت نافخاً فيها، بقولك: "هل يصلح شخص كهذا قام بانقلاب حموي ضد الحلبيين في «الجماعة»"!! يبدو يا ميشيل أنك فهيم جداً!! لأنك تعرف كيف تدار الأمور في جماعة الإخوان المسلمين، وكيف تتشكل مؤسساتها؟ وكيف يتم فيها تداول المواقع القيادية؟ وقبل ذلك: ما موقعك بين الحلبيين والحمويين؟
ياميشيل: إن الديمقراطية التي يمارسها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين داخل مؤسساتهم لم ولن تجد مثلها في كل حياتك، ويستطيعون أن يباهوا بها العالم أجمع. وإن الوعي السياسي الذي يتمتع به أعضاء هذه الجماعة يحصّنهم من محاولات أمثالك المكشوفة لبث الفتنة بينهم بافترائك أن ما جرى هو انقلاب حموي على الحلبيين. إن الإخوان الحلبيين والحمويين والحماصنة والأدالبة والديرية والسواحلية والكرد والدرعاوية ومن كل المناطق يد واحدة، وصخرة قوية تتحطم عليها كل الدسائس والمؤمرات منك ومن غيرك. فالعب غيرها مع غيرهم إذا أردت لفتنك التفريخ.
يا ميشيل: قل لي بربك: ما علاقة دفاعك عن نفسك بهجومك على جماعة الإخوان المسلمين، وادعائك التحدث باسم الشعب السوري وقولك:
لا تريد الناس في سوريا أن «تخرج من تحت الدلف لتقف تحت المزراب»، ولا تريد أن يحكمها بعد «البعث» القومي «بعث» إسلامي لن يكتفي بقيادة الدولة والمجتمع، بل سيجعل من نفسه قائد الدين والدنيا.
من فوّضك التحدث باسمه؟ من أين أتيت جئت بمقارنة الإخوان المسلمين بحزب البعث؟ إذا كان الناس لا يريدون الإخوان إذن لِمَ كل هذا الخوف منهم والتحذير منهم؟ ما الذي يخيفك في مشاريعهم التي طرحوها، سواء مشروع سورية المستقبل، أم ميثاق العهد الوطني؟
يا ميشيل: إن الذي يخيف حقاً هو كلامك لأحد الإسلاميين في مؤتمر البحر الميت: لا تحلموا بحكم سورية، لا عبر الديمقراطية ولا عبر غيرها. إذن عن أي ديمقراطية تتحدث أنت وأمثالك؟ ما مشروعك في مواجهة مشاريع الإخوان المسلمين؟
يا ميشيل: لقد قال ربنا في كتابه الكريم:
((قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)) سورة آل عمران/ الآية118.