كيف ننتصر في ملحمة حلب
نداء ...نداء ... نداء
إلى قادة المجاهدين
د. أبو بكر الشامي
لقد أطلقت العصابات الأسدية الفاجرة على معركة حلب الدائرة اليوم ( أم المعارك ) ولقد صدقت والله ، وإنّها لكذوبة ، فمعركة حلب تشكّل اليوم بالنسبة للمجاهدين ملحمة رمضانيّة ، ومعركة تاريخيّة فاصلة ، ومعركة تحدّي وكسر عظم بين الحق والباطل ، وبين الإيمان والكفر ، لا تقلّ عن ملحمة بدر الخالدة ...
وسيكون لها ما بعدها بإذن الله ... !!!
فلو ربح المجاهدون معركة حلب ، وسيربحونها بإذن الله ، فستنفتح لهم أبواب العزّة والنصر وأبواب دمشق على مصاريعها ، وستكون لهم منطقة محرّرة واسعة تتصل بدول الجوار الجغرافي الصديقة ، وستكسر ظهر العصابة الأسدية الباغية ، وتقذف الرعب في قلبها وقلب أذنابها وأسيادها ، وستجبر القوى الإقليمية والدولية على الرضوخ لإرادة المقاومة المنتصرة بإذن الله في تسريع الحلّ ، وطرد العصابة الأسدية (( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله )) ...
لذلك نجد لزاماً علينا أن نهتم بهذه المنازلة البدرية الفاصلة أعظم الاهتمام ، كأولوية أولى مقدّسة ، و نزجّ فيها كل ما آتانا الله من خبرات وإمكانات ، ونتوحّد خلفها كسوريين بجميع أطيافنا ومشاربنا ، ومن خلفنا جميع العرب والمسلمين والإنسانيين الشرفاء ، ونؤجل أي حديث عن ( الحكومة الانتقالية ) ، و( مرحلة ما بعد الأسد ) وغيرها من أحاديث البطر والترف والجدل ، التي يمكن تأجيلها الآن ...
كما يجب أن نستحضر في هذه المنازلة التاريخيّة الفاصلة كل ما لدينا ، كعرب ومسلمين ، من رصيد جهادي ، وتجارب عسكرية ، في القديم والحديث ، ولعل من أهم ما أود أن أسجّله للمجاهدين الأبرار ، من دروس وعبر ومعالم على طريق النصر المؤزر في منازلة حلب الفاصلة ما يلي :
أولاً : إنّ روح وجوهر حرب القلّة المؤمنة ، ضدّ الكثرة الكافرة ، وهي الصفة التي انطبقت على جميع حروب العرب والمسلمين وفتوحاتهم المظفّرة ، أو ما بات يُعرف اليوم ( بحرب العصابات ) هي في المعنويات العالية للمجاهدين ، المستمدّة من رسوخ العقيدة ، والوقوف مع الحق ، وعدالة القضيّة ، ...
ثم في براعة التكتيكات الحربية ، مثل الكفاءة الفردية ، و خفة الحركة ، ومرونة الخطط ، والسرعة ، والمبادأة ، والمفاجأة ، والذكاء ، واستثمار الفوز ...
والأهم من ذلك كلّه : التركيز على سحق قوّة العدو الرئيسية ، والمناورة في المكان وعدم التثبّث في الأرض ، والذي يسمى اليوم ( الانسحاب التكتيكي ) ...
فالأرض لا تعني شيئاً في حرب العصابات أبداً ، بل المهم أن تكسر ظهر العدوّ المحارب ، ثم تكون الأرض لمن غلب ... !!!
ثانياً : صمود المقاومة في حلب لأطول فترة ممكنة ، والتركيز الذكي على قطع طرق إمداد العدو المؤدية إلى حلب ...
حيث ينبغي على المجاهدين أن يقطعوا جميع طرق إمداد العدو من الخلف والأجناب، مع الاحتفاظ بطرق خاصة لإمداد المجاهدين ، وهذا من شأنه أن يربك القطعات العسكرية المعادية ، ويحطّم أعصاب قادتها ، ويرفع معنويات المجاهدين ...
ولذلك خيراً فعل المجاهدون بنصب كمائن للعصابات الأسدية المنهزمة من إدلب في أكثر من نقطة على طريقها ، وأوقعوا فيها أفدح الخسائر ...
وكذلك يجب التركيز على طول طريق دمشق حلب ، وزرع أكثر من كمين فيه ، فإذا أُفلت العدو من نقطة ، فلن يفلت من الثانية والثالثة ، والذين يصلوا إلى حلب بعد كل تلك الضربات ، سيصلون بهمّة محطّمة ، ومعنويات منهارة بإذن الله .!!!
وحتى بالنسبة للطرق الجوية التي تسلكها الطائرات المروحية ، يمكن أن نربكها بوضع عدّة خطوط استهداف لها عبر الدفاعات الجوية المتوفّرة لدينا ...
وهذا سيعطي انعكاسات خطرة على النظام ، فينشغل في همّ ايصال الامدادات وتوفير الغطاء لقواته البرية ، وبذلك نعرقل أو نشلّ الكثير من قدرة سلاحه الجوي الذي يتفوق به على المجاهدين ، وهذا سيضعف تركيزه في ادارة معركة حلب ، وستشعر التشكيلات العسكرية المتواجدة في حلب بأنها مهددة ، واهم ما في ذلك أننا نفرض عليه معركة ، نحن الذين اخترنا مكانها وزمانها وتكتيكها ...
ثالثاً : على المجاهدين فتح جبهات في جميع المدن السورية ، وخاصة دمشق ، وذلك لإشغال العدو عن المعركة الرئيسية ، وإرباكه ، وتشتيت فكره ، وتثبيت قواته التي كان يفكّر بإرسالها لمساندة فلوله المنهزمة في حلب ...
وعليهم التخطيط المتزامن لشن هجمات صاعقة على مواقع حيوية وستراتيجية للنظام لنفس الغرض أعلاه ، وهذا سيربك قيادات العصابة الأسدية ، ويشلّ تفكيرها كما سيضعف الروح المعنوية للعصابات المحاصرة في حلب ، ويدفعها للانشقاق والاستسلام ، وكذلك سيرفع معنويات الشعب الثائر لانه ينتقل من الخوف الى المبادرة والهجوم ...
وهنا يأتي دور العمليات الفدائية المباشرة على المراكز الحسّاسة للعصابة الأسدية ، كما يأتي دور سلاح الهاون لدكّ تلك الأوكار ( مقر الرئيس وقصوره ، موقع وزارة الدفاع ، مقر الامن القومي ، مواقع بيوت القادة العسكريين ، مواقع القوة الجوية (الطائرات المروحية) ، والمطارات العسكرية ... إلخ )
رابعاً : على المجاهدين أن يستفيدوا من دروس الأمة في القديم والحديث كما ذكرنا ، ولعل أقرب مثل أود أن يستفيدوا منه هو معركة باب عمرو في حمص البطلة ، والفلّوجة الثانية في العراق الشقيق ، حيث حرص العدوّ أن يضع المجاهدين في أجواء نفسيّة تدفعهم لحشد كل إمكاناتهم البشرية والعسكرية في مكان واحد ، بهدف سحقهم ، بما يتوفّر لديه من تقنيّة فنيّة عسكريّة متطوّرة ، وقوّة نيران متفوّقة ، وبذلك يكون قد قضى على إمكانيات كبيرة للمقاومة ...
هذا ما حدث في باب عمرو ... !!!
وهذا ما اشتغلت عليه أمريكا في حرب الفلوجة الثانية في العراق الشقيق ، حيث استدرجت المقاومة البطلة إلى أرض الفلوجة الضيّقة ، وحشرتها فيها بجميع فصائلها وإمكاناتها ، واضعفت بذلك قدرتها على الحركة والمناورة ، فضاعت الكثير من مقدرات المقاومة في تلك المعركة ، الأمر الذي انعكس سلباً على معنويات المجاهدين وجمهورهم المؤيد ...
خامساً : على قادة المجاهدين الميدانيين أن يفكّروا بطريقة عسكرية صحيحة ويستحضروا كل السيناريوهات المتوقعة مهما كانت ضعيفة ، وهو ما يسمى في المصطلحات العسكرية : صفحات المعركة المختلفة وهي "الهجوم" و"الدفاع" و"الانسحاب" ...
وعليهم أن يتوقعوا حصول أية صفحة من هذه الصفحات في أية خطوة يُقدمون عليها ، وبالتالي على القائد الحاذق أن يبني في خطّته الهجومية ، إحتمالات الدفاع والانسحاب في نفس الوقت ، ويعطي لكل حالة ما يلزمها من تكتيكات ومناورات واستعدادات ، حتى لا يتفاجأ بأمور لم يكن قد حسب حسابها ، الأمر الذي قد يسبب له الإرباك والفشل لا سمح الله ...
سادساً : المطلوب من إعلام الثورة المجاهد أن يعمل بأقصى طاقاته المبدعة في هذه الملحمة الرمضانية الخالدة ، وكذلك بالنسبة للتنسيقيات المسؤولة عن الحراك الجماهيري في الداخل والخارج ، من اجل إثارة الرأي العام المحلّي والعربي والإسلامي والدولي ضدّ جرائم هذه العصابة الأسدية الكافرة الفاجرة ، وما تمارسه من انتهاكات ، وما تقترفه من جرائم وموبقات ، وهذا من شأنه أن يجلب دعماً وإسناداً وتعاطفاً رسمياً وشعبياً كبيراً للثورة المباركة ، ومعركتها الفاصلة في حلب البطلة ، وأن يحاصر العصابة الأسديّة المارقة في الداخل والخارج ، وفي نفس الوقت يزيد من حراك الشعب السوري الثائر .
سابعاً : إن ملحمة حلب الرمضانية الخالدة ، هي ملحمة سورية كلّها ، وهي فعلاً تستحق أن توصف بأنها ( أم المعارك ) ولذلك وجب أن تكون لها قيادة عسكرية سوريّة واحدة موحّدة مقتدرة ، تجمع تحت رايتها جميع فصائل المجاهدين ، لسحق هذه العصابة الأسدية الظالمة ، وتخليص الشعب السوري العظيم والعرب والمسلمين من غدرها وشرورها إلى الأبد ...
(( ويقولون متى هو .!؟ قل : عسى أن يكون قريباً )) صدق الله العظيم