عذرا إليكم أيها الشعب السوري العظيم

حسام السباعي

عذرا إليكم أيها الثوار الأحرار ، عذرا إليكم أيها الأبطال الأوفياء ، عذرا إليكم أيها الأمهات الثكالى عذرا إليكم أيها المشردون اللاجئون ، عذرا إليكم أيها الجرحى المصابون ، عذرا إليكم أيها الأيتام

عذرا إليكم من نفسي المقصرة أولا لأنني لم أقم بواجبي الحقيقي نحوكم مع القدرة على فعل المزيد

عذرا إليكم من أقلام النخب والعقلاء والمثقفين ، فبدل أن توجه هذه الأقلام لدحض الأعداء وإسقاطهم وفضيحتهم وحشد النصرة لكم ، صارت أقلامهم توجه لبعضها البعض

عذرا إليكم من علماء انطووا على أنفسهم وآثروا الصمت والركون ، بدل أن تلهب خطبهم الجماهير وتشحن الهمم وتحتل قنوات الإعلام

عذرا إليكم من أصدقاء يتآمرون عليكم لإجهاض ثورتكم

عذرا إليكم من معارضة سياسية مفككة ، لم تدرك فقه المرحلة وشغلت بالمناصب والجدل والخلاف ولو على أشلائكم وتضحياتكم

عذرا إليكم من شعوب العالم الإسلامي الذين لم نر منهم تأييدا لثورتكم

عذرا إليكم من كل دول العالم المتآمرة عليكم والتي لا تريد نصرتكم ولا الوقوف بجانبكم

عذرا إليكم من منظمات تدعي حقوق الإنسان وهي لاتعرف عن الإنسان شيئا ، عذرا إليكم من عصبة الأمم ، عذرا إليكم من الظلم والقهر والكيل بمكيالين

ولكني أجزم لكم أيها الشعب العظيم أنكم منصورين بإذن الله  ، لأن الله معكم ، وهو حسبكم وهو ناصركم ، وهو الذي يؤيدكم ، وشاءت لثورتكم أن تكون يتيمة ، واليتم لها مكرمة عظيمة كما كان اليتم مكرمة لسيدنا رسول الله

لن يخذلكم الله مهما خذلكم الآخرون ، لن يضيع الله لكم هذه الثورة وستنتصر رغم أنوف المتآمرين والمتسللين وأصحاب الشهوات والمناصب

لقد علمتم العالم معاني التضحية والصبر والإيثار والثبات والعزيمة

وأما نحن فإننا مع الأسف لم نتعلم أننا إذا تواضعنا وصبرنا وذابت نفوسنا عن شهواتها وجندنا أنفسنا لخدمتكم فإننا سنكون دعما لكم ، لم نتعلم من هذه الثورة أن نكون أرضا لسمائكم الشاهقة ،  بل أردنا أن نناطحكم هذه السماء التي لا نصيب لنا فيها حيث كنا نعيش لعقود من الزمن في أرض سبخة لا تعلم من يعيش عليها التحليق وعلو الهمة

فعذرا إليكم مرات وآلاف المرات ، وإننا ننتظر اللحظة التي نكون فيها خدما لكم ، نقبل الأيادي والجباه والأرجل ، فأنتم تستحقون منا أكثر من ذلك بكثير ، وعبق دم شهيد واحد منكم يعدل كل نفوسنا وذواتنا وجاهنا ومالنا وفكرنا وعلمنا وتحليلاتنا

عذرا إليكم ، عذرا إليكم ، عذرا إليكم .