كوبلر والمسؤولية الأخلاقية بشان الاشرفيين في العراق

كوبلر والمسؤولية الأخلاقية

بشأن الاشرفيين في العراق

د. حسن طوالبه

ماذا يريد السيد كوبلر ممثل الامين العام للامم المتحدة ؟ هل يسعى الى حل الازمة الخاصة بالاشرفيين , وتسهيل عملية نقلهم من مخيم اشرف الى ليبرتي ؟ , هل يدرك وهو الذي يعيش عيشة مرفهة ضرورة توفير الحد الادنى من مستلزمات الحياة اليومية , واولها توفر الماء للشرب في هذا الصيف الحار جدا , وتوفير الكهرباء لنقل الماء وتحليته , وادامة الخدمات الطبية وعلاج المرضى , ؟ هل يدرك ان هؤلاء الناس هم من البشر وليسوا من الحيوانات ؟ وانهم كانوا يعيشون في مخيم اشرف الذي وفروا فيه باموالهم كل مستلزمات الحياة الانسانية , وانهم لايطلبون سوى نقل ممتلكاتهم التي توفر لهم الحياة الانسانية .

لقد وقع السيد كوبلر عدة مذكرات واتفاقيات مع الحكومة العراقية كلها تتضمن توفير مستلزمات الحياة اليومية للسكان في ليبرتي قبل الرحيل اليه . فماذا بدا للسيد كوبلر لكي يلقي اللوم على الاشرفيين , ويمدح الحكومة العراقية ؟ ولماذا يفتعل الحوادث لكي يثير حفيظة الاشرفيين , مثل اصطحابه المشرف على قمع الاشرفيين عامي 2009 و2011 . اليس هذا هو الاستفزاز بعينه , ؟ اليس هو محاولة لاسترضاء الجانبين العراقي والايراني على حساب اناس غلبتهم الازمات والظلم الذي وقع عليهم من نظام الملالي , لانهم لم يوافقوا على نهجه المستبد والمضطهد للشعوب الايرانية والطامع في بلدان العرب وخاصة في الخليج العربي . ان الهدف الرئيس لهذه الضغوطات على السكان كي تجبرهم ان يستسلموا ويركعوا امام النظام الايراني .

ماهو الواقع الذي يعيشه الاشرفيون ؟

 الوضع في المخيم الجديد ( سجن ليبرتي )  اسوأ  مما يتصوره المرء حيث لا توجد فيه ماء ولا كهرباء وعلى السكان جلب الماء من محطة للماء تبتعد حوالي 12 كيلومترا من المخيم تقع خارج المخيم , وعندما يطلب الاشرفيون نقل المولدات الكهربائية من مخيم اشرف لنقل الماء ترفض الحكومة العراقية , وتثير اشكالات وهمية بهدف التعقيد واطالة امد الازمة لاذلال السكان وهذا ما يريده نظام الملالي في ايران , الذي يعيش حالة ازمة اقتصادية بسبب العقوبات الدولية عليه , وبسبب الصراع بين اركان السلطة ذاتها قبيل الانتخابات الرئاسية . .وبات واضحا للعيان جسامة  وخطورة الوضع المعاشي في ليبرتي والحكومة العراقية  تنتهك الاتفاقات الموقعة بينها وبين الامم المتحدة وسكان اشرف . ان الحكومة العراقية لا تفعل شيئا لحل المشلات الخدمية في المخيم ولا تسمح لسكان ليبرتي ان يقوموا بحل هذه المشكلات بانفسهم على سبيل المثال : لا تسمح لهم نقل مخازن الماء ومولدات كهربائية. برغم ان السكان اثبتوا حسن نيتهم في النقل الى المكان الجديد لكن تبين لهم ان هذا النقل ما كان في اطار نقل متطوع وان الحكومة جعلت ليبرتي سجنا لهم.

الاشرفيون حالهم كحال العراقيين تعايشوا معهم طيلة ربع قرن , ولم تحصل اية مشكلة او سوء معاملة , اما الفبركات التي ادعاها اركان الحكومة ضد الاشرفيين هي من ابتكار (الاطلاعات ) الايرانية وقائد قوات القدس , لاعداد مسرح العمليات لقتل الاشرفيين العزل.  ان مشروع اخلاء اشرف ونقل سكانه الى ليبرتي هو مشروع ايراني للقضاء على المقاومة الايرانية. وان النظام الايراني يعتبر سكان اشرف المانع الوحيد امام طريقه لابتلاع العراق بشكل كامل خاصة بعد خروج القوات الامريكية من العراق.

 اين الموقف الموضوعي ؟

عودة الى دور السيد مارتن ?وبلر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الذي اطلق تصريحات ملفتة للنظر ضد س?ان أشرف، تحمل في طياتها ?ل معاني التحريض و التأليب و التمهيد للإقدام على مجزرة ثالثة ضد الاشرفيين الذين هم أفراد محميون بموجب قرارات جنيف و القرارات ذات الصلة.

السيد ?وبلر الذي يقوم بدور الوسيط بين س?ان أشرف و الح?ومة العراقية، يفترض فيه أن تتسم مواقفه و تصريحاته التي يدلي بها بقدر من الحيادية والحرفية السياسية و المهنية، لكنه ألقى الامر على عواهنه في تصريحاته الاخيرة يوم الخميس المصادف 19 تموز/يوليو، عندما قال بأن هناك:" صعوبات استمرار الحوار بين الـيونامي والحكومة العراقية وبين السكان"، حيث بين من خلال هذا الزعم بأن الطرف الذي يقف عائقا في طريق تنفيذ بنود مذ?رة التفاهم الخاصة بالحل السلمي لقضية أشرف هم الس?ان  .. وهذا التصريح او التلميح هو في حد ذاته مثل "صب الزيت فوق النار " ، ذلك ان س?ان أشرف "?ونهم لاجئون سياسيون و معارضون للنظام السياسي القائم في إيران"، قد رحبوا منذ الايام الاولى بتوقيع مذ?رة التفاهم الخاصة بحل مش?لتهم بين الامم المتحدة و الح?ومة العراقية، و?انوا دوما مبادرين و سباقين في القيام بخطوات إيجابية لتطبيق و تنفيذ بنود المذ?رة على الرغم من انها ?انت في ال?ثير من الاحيان غير منصفة بحقهم، كما ان الاشرفيين أثبتوا بأنهم الطرف الا?ثر إستعجالا لإتمام العمل و تطبيق المذ?رة بحذافيرها، ل?ن الح?ومة العراقية، التي تخضع بإعتراف رئيس الوزراء نوري المال?ي نفسه لضغوطات من قبل النظام الايراني ، هو الذي قام و يقوم بوضع العراقيل واختلاق المش?لات". ان إنتقال 2000 من س?ان أشرف من أصل 3400 فرد الى سجن ليبرتي، يعني أن أ?ثرية الس?ان قد صاروا في السجن الجديد مما يظهر جليا جدية و عزم الس?ان على تنفيذ الاتفاقية، ل?ن النقطة المهمة التي تحاشاها و تجاهلها السيد ?وبلر قاصدا ومتعمدا، تتجلى في النقاط العشرة التي طرحها س?ان أشرف ?آلية من أجل تصفية مسألة الاموال المنقولة لهم و التي تقدر بأ?ثر من 500 مليون دولار، وهي المسألة التي تتهرب منها السلطات العراقية بتأثير من النظام الايراني، هذا إضافة الى أن الس?ان قد رحبوا على الدوام بإستمرار الحوار مع بعثة الامم المتحدة و ممثلي الح?ومة العراقية، ل?نهم إمتنعوا فقط عن المشار?ة في الاجتماعات التي يرأسها مسؤول عراقي متورط في المجازر و المواجهات السابقة التي حدثت ضد س?ان أشرف، وهذا المسؤول مطلوب من قبل مح?مة اسبانية، علما بأن السيد ?وبلر قد إعتذر حينها للس?ان عن إصطحابه لذلك المسؤول الى أشرف بصفته مدير لإجتماع في ?انون الثاني الماضي.
ان تأ?يد ?وبلر أمام مجلس الامن الدولي بخصوص "عدم عزم الس?ان للشرا?ة في عملية التسهيل لليونامي"، يتناقض مع تصريحات أدلى بها بنفسه في جلسة مجلس الامن الدولي يوم العاشر من نيسان الماضي بعد نقل 1200 من س?ان أشرف الى مخيم ليبرتي و التي أ?د فيها بقوله:" أود أن أسلط الضوء على أن سكان المعسكر على الرغم من الصعوبات الأولية فقد أظهروا حسن النية والتعاون في عملية النقل مؤخرا. انهم بالفعل، قطعوا شوطا طويلا، ومن الصعب حقا التخلي عن المكان الذي عاشوا فيه اكثر من عقدين من الزمن." ?ما أن ?وبلر بنفسه قد ش?ر س?ان أشرف بتأريخ 23 حزيران الماضي . ولذلك فإن تصريحات ?وبلر الاخيرة تبدو ملفتة للنظر وتثير كثيرا من التساؤلات والشكوك . نرجو ان يجلي السيد كوبلر موقفه الموضوعي والانساني كونه يمثل الامين العام للامم المتحدة المسؤولة عن الامن والسلم الدوليين . واذا كان جادا في حل هذه الازمة لابد ان يكون موضوعيا يضع النقاط على الحروف, ويضع تحديدا توقتية لتنفيذ بنود الاتفاقيات المبرمة بين الاشرفيين والحكومة العراقية, وينظر لمطالبهم بعين المسؤولية الاخلاقية التي نصت عليها وثائق الامم المتحدة .

* كاتب أردني