ما لذي يثير الدهشة بمؤتمر جنيف الخاص بسوريا ؟

ما لذي يثير الدهشة

بمؤتمر جنيف الخاص بسوريا ؟

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

ينعقد المؤتمر غداً والذي دعى إليه كوفي عنان , والبحث عن حل سياسي ينهي الأزمة كلها , مع الابقاء على أكبر مجرم في القرن الواحد وعشرين في منصبه .

سؤال يفرض نفسه هنا :

هل الداعين للمؤتمر هم أغبياء ,أم أنهم ينظرون لنا بأننا نحن الأغبياء ؟

فلو فرضنا أننا نتعامل مع حكماء وأذكياء , وهم يمثلون قادة العالم والذين توفرت لديهم أسباب القوة المادية والعسكرية , وجعلتهم في هذه المكانة . في هذه الحالة ستكون محاولاتهم تصب في الابقاء على مصالحهم الآنية والمستقبلية , وهم يرون أن بقاء بشار الآسد في السلطة يحقق لهم مصالحهم وأهمها مصلحة اسرائيل .

في هذه الحالة على هؤلاء  الأذكياء أن تكون حساباتهم تلك مستندة على معطيات واقعية , تجعلهم في هذا المسار الداعم والمنقذ لصاحبهم الشبيح والقاتل والمجرم .وهنا سيفرض عليهم الواقع الموجود على الأرض سلوك طريقين لاثالث لهما :

الطريق الأول : هو فرض الخطة المقترحة على الأرض بالقوة , وهذا لايمكنهم تحقيقه , إلا بالتدخل العسكري إلى جانب القاتل للقضاء على الثورة , وبما أن الثورة أصبحت إلى جانب سلميتها مسلحة بالعزيمة والسلاح . بينما تلك القوى حديثة الخروج من تجربة مرة عليها في العراق , وما تتحمله من خسائر في افغانستان , فسوف تواجه مقاومة شديدة , ستكون كارثية عليها . ولا أعتقد أن الأذكياء أو الحكماء لهم القدرة على سلوك هذا الطريق .

الطريق الثاني : عن طريق اغراء فصائل المعارضة السياسية , في مكتسبات سلطوية , وتشكيل الحكومة المقترحة ولها كامل الصلاحيات , لاجراء انتخابات حرة ديمقراطية .

فالمعارضة السياسية في الداخل سقطت في تفاهات مواقفها , والتي حملت العصى من المنتصف , ومع ميلانها للابقاء على المجرمين والقتلة , وبالتالي ليس لها قيمة تذكر , لاعند الثوار , ولا عند المجرم أو المجتمع الدولي . ويبقى المنضويين تحت مايسمى بالمجلس الوطني من أحزاب وتكتلات تمثل كتلة كبيرة من المعارضة في الخارج .وحول هذه التكتلات السياسية المنضوية تحت اسم المجلس الوطني أمامهم موقفين اثنين :

الأول :موقفاً مشرفاً داعماً للثور ة حتى تحقيق أهدافها الكاملة في اسقاط النظام وأركانه ومحاسبة مجرمية , فإن أصرت هذه المعارضة على هذا الخط الداعم للثورة , وهنا ستثبت لهذه القوى أن المعارضة السياسية السورية على أنها جزءاً مكملاً للثورة لايمكن أن تنفصل عنها مهما كانت المغريات , وستكون عوناً في افشال خطط من يريدون انقاذ المجرم وشبيحته في سوريا , وسيرتفع رصيدها عند الشعب السوري الثائر.

الثاني : سقوط المعارضة قبل سقوط المجرم وشبيحته , في حال سارت مع الحل السياسي المقترح واعطائها ضمانات , للقتلة والمجرمين وخونة الأمة والأمانة ومصاصي الدماء وآكلي لحوم البشر , وستصبح فريقاً ينتمون لنفس فصيلة الحيوان في السلطة , مما سيترتب عليه وضعها في مرتبة الأغبياء , والوقائع على الأرض تشير إلى أن القوى الثورية لاتتبع هذه المعارضة , بينما العكس هو الصحيح , وسيكون مصيرها في هوة عميقة ليس لها قرار , كسقوط العصابات المجرمة , والدلائل كلها تشير لنهايته هو وأعوانه القتلة والمجرمين .

فالثوار في سوريا وإصرارهم على تحقيق الأهداف , وتطوير الذات والاستمرار والسير في طريقهم المرسوم , طوال هذه المدة وكثرة المآسي فيها , لهو دليل واضح على أننا نحن حاملي لواء التحرير لسنا أغبياء , وستثبت الأيام القليلة القادمة بعون الله أن النصر والتحرير , يتمثل في راية الثورة سترفرف راية خفاقة فوق ربوع الوطن وفي المحافل الدولية جميعها.

وأقول للداعين لهذا المؤتمر , احذروا الوقوع في خانة الأغبياء , فأنتم تتعاملون مع جيل جديد انتفض من أجل الحرية والحياة وهو يعلم في أي طريق يسير .