لا يفل "العسكري" إلا "الميدان"
لا يفل "العسكري" إلا "الميدان"
علاء الدين العرابي
عضو رابطة الإسلام العالمية
المجلس العسكري كشر عن أنيابه وأخرج كل ما في جعبته ، وكشف القناع الذي غطي به وجهه طيلة الفترة الماضية ، وكان خطابه للشعب أنه حامي الثورة وأنه لا يريد ناقة ولا جمل بل أقسم أنه سيسلم السلطة في موعدها وقد مضى على موعد التسليم الأول كما جاء بالإعلان الدستوري الأول قرابة العام ، وعندما أوشك الموعد الثاني على الانتهاء وأحس بأنه خارج من السلطة لا محالة ، قام بانقلاب ، ولكن هذه المرة لم يكن انقلابا خشنا لأنه يعلم أن مثل هذه الانقلابات مضى عهدها ، ولكنه غلفه بصفة قانونية ليبدوا شرعيا ، وقد بدأ بحل البرلمان ثم بالإعلان الدستوري والبقية تأتي
ونحن نقول أنه انقلاب حقيقي لأن الانقلاب معناه الخروج عن الشرعية ، والشرعية هنا هي شرعية الثورة
اذا اعتبرنا أن القوى الرئيسية في مصر الآن هي المجلس العسكري - وليس الجيش – والثانية الإخوان المسلمون ، فلنا أن نسأل : هل هناك توازن في ميزان القوى
المجلس العسكري يملك السلاح ، ويمتلك أجهزة الدولة العميقة ، ويسانده في هذه اللحظة بقايا النظام السابق ، وقد يملك بعض الدعم الدولي من القوى التي تعادي مصر دوليا وإقليميا كما يسانده بصورة أكبر من كل هذا ترسانة من الكره الموجه ضد الإخوان والتي تقوده وتعمقه آلة إعلامية تصور الإخوان بأنهم أشد خطرا على الوطن من إسرائيل
جماعة الإخوان تملك قوة تنظيمية كبيرة ، وتملك قوة من الحشد الشعبي ، ولكن هذا الحشد تم إضعافه بصورة ممنهجة ومتعمدة ، وتمتلك تاريخ من النضال
فهل هناك توازن في القوى 00 القراءة البسيطة تقرر أنه لا يوجد توازن في القوى
الإخوان المسلمون يمكن أن تقلب ميزان القوى لصالحها ومن ثم لصالح الثورة والوطن إذا قامت بتجميع القوى الثورية وتوحيدها على أهداف الثورة ، وهذا يقتضي في هذه اللحظة قرارات تاريخية تخرج بها جماعة الإخوان عن حيز الصراع التقليدي مع العسكر ، وأن لا تدخل مع المجلس العسكري في أي تفاهمات حالية إلا في وجود قوى الثورة ، فالصراع الحالي قد تبلور في ثورة تريد أن تأخذ مصر إلى طريق دولة مدنية ديمقراطية وبين ثورة مضادة يقودها المجلس العسكري – وليس الجيش – وتريد أن تبقي مصر في حكم عسكري ديكتاتوري
إنني أتصور أن أهم قرارات المرحلة القادمة ما يلي :
قيام د.مرسي بدخول قصر الرئاسة وفي يده مجلس قيادة للثورة يتم تشكيله من قيادات الشباب ومن الشخصيات الثورية العامة التي لها ثقل في الشارع المصري ومنهم بعض مرشحي الرئاسة السابقين ، وقيادات الأحزاب ، ويكون هدف هذا المجلس هو تحقيق أهداف الثورة والتصدي لأعدائها
ذوبان الجماعة في المجتمع المصري لأنها في موقع المسئولية وهذا يختلف عن كونها في موقع المعارضة ، وهذا يقتضي أن تتعامل حركة الإخوان مع كل من لا ينتمون لها بنفس تعاملهم مع من ينتمون لها ، وهذا ليس صعبا بدليل أن الجماعة استطاعت خلال 18 يوم داخل ميدان التحرير أن تقلب الانطباع السلبي الناتج عن فزاعة الإخوان إلى انطباع إيجابي عندما وجد الكثيرون من شباب الإخوان يتعاملون داخل الميدان برقي حضاري وتضحية وبسالة نادرة
أن تتخلى كل القوى المدنية الليبرالية واليسارية عن معاداتها للتيار الإسلامي وتدرك أن عدو الثورة الحقيقي هو النظام السابق بكل أركانه وأشخاصه والذي يحاول أن يعود من جديد وليس التيار الإسلامي ، وأن تدرك هذه القوى أن المجلس العسكري استطاع أن يوقع الفتنة بينها بهدف البقاء في السلطة
وأهم من ذلك كله أن يظل الحشد في الميدان حتى يسلم المجلس العسكري السلطة كاملة ، ويعود كما كان قبل تسلم الثورة ، وأن يكون لدينا يقين بأنه لا يفل قوة المجلس العسكري الذي يعتمد على قوة السلاح إلا قوة الحشد في الميدان ، ولن تنجح الثورة إلا إذا استمر الميدان متصدرا لمشهد الثورة حتى بعد تسليم السلطة.