الثورة السورية.. ترمي بشرر كالقصر..!

جعفر عبد الله الوردي

الثورة السورية.. ترمي بشرر كالقصر..!

جعفر عبد الله الوردي

[email protected]

لم تخمّن أي وسيلة سياسية مطلعة وغير مطلعة على نشوب ثورة سورية عظيمة كهذه التي نراها ونعاينها، الثورة السورية هذه ألهبت المنطقة بأسرها، منطقة الشام بجميع دولها، وتكاد أن تكون محورا أساسيا لإشعال بعض الدول الأخرى حتى.

وبعد ما حصل وظهر بسورية، تفيض قرائح المحللون السياسيون لاستنباط دراسات ونظريات وتخمينات جديدة لم تكن بالحسبان، بل وفاجأت كل صغير وكبير..

الثورة السورية طالت أم قصرت هي منتصرة بحول الله وهذه نظرية لا تحتاج مزيد ذكاء أو كثير فهم، فالذي يرى شعبا يقتل منه ما يقرب من مائة مواطن في اليوم على مدار خمسة عشر شهرا ولا يزال على زخمه الأول، سيذهل حقا..

فأي تصميم هو، وأي إرادة تلك التي يملكها شعب كهذا..

ما نفعت معه التهديدات ولا المجازر ولا التشويه ولا التعذيب ولا الاغتصاب .. وما يفعله النظام السوري الآن من أنواع البلاء بالشعب ما هو إلا نقمة وحيلة المفلس الذي يوقن يقينا أشد من يقين الثوار بهلاكه وزواله..

هذا الشعب وما سطره، فتح أفواه العالم على كثير من القضايا العالقة في خبايا السياسة المنتنة..

واضطر وأحرج كثيرا من الحكومات أمام شعوبها، وفرز كثيرا من السياسيين ومواقفهم وتوجهاتهم..

فلبنان مع أول فتيل نار بسورية اضطرب وأصبح فريسة في كف عفريت، وهذا العراق أيضا على اضطرابه فهو متوجس من سورية ومتطلع لما قد يحصل بها من أي مجهول، أما الأردن فعلى أعتاب زلزلة قوية، فهذه مخابراتهم متخبطة التصرف، والشارع يغلي فيها من سلفيين وإخوان، والنظام الملكي ما عاد يطعم الشعب دقيقا ولا قمحا، وما ذاك إلا لتخلي أرباب السلطة عنها وجعلها ريشة بكف الغرب، فالأردن مباع منذ زمن للغرب بكافة مستوياته، فلا القرار قراره ولا التصرف من تلقاء نفسه، بل كلها إملاءات تملى عليه ويضطره عجزه على إسناد الهم للغرب ليزيد الأخير من تحكمه بسياسة البلد وتوجهاته، مما يصعد سخط الشعب، ذلك خلا عن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تزداد يوميا..

وظهر في الأردن مؤخرا اللاجئون السوريون، مما أزم الوضع أكثر مما يحتمل، فنفسية الأردن –حكومة- لا ترحب بهم ولا بمقدمهم، لكن حياء مما يسمى أخوة وجيرة، وحفظا لخاطر الشعب أن يثور ويندد، فهي مرتبكة بالسوريين ومجيئهم ومتوترة ماذا تفعل معهم، وها نراها كل حين تضيق الأمر عليهم شيئا فشيئا، حتى توحي لهم بأنهم غير مرغوب بهم..

وما لهذا الشعب الجريح إلا أن يصبح ذا فهم سميك، نكاية بهذه الأخوة المزرية التي لم تأت للعرب بصلح أو وحدة أو تجمع ..!

وأما تلك البعيدة إقليميا، فإيران قطعت أوصالها وتعرقلت ثورتها التي ارتفعت على جماجم الإيرانيين منذ سنين، وهي تلك تريد أن ترتفع على جثث السوريين الآن، لكنه صعب المنال ومستحيل التحصيل..

إيران وحسب قراءات سياسية عدة سيشهد ثورة شعبية وافرة، تندد بتضييع البلد لرغبات ورعونات عمائم منتنة، سخرت المواطن ما لديه ومن لديه في سبيل أهداف يطمح لها بضعة أشخاص يعتلون باسم الله والدين والآل..

حينها سيعلم العالم أي حكم هو الحكم الإيراني، وستصبح الثورة الإيرانية الجديدة المعاكسة، ثورة حقيقة على الثورة المزيفة القديمة، سيرتكب فيها ملاعين الحكم في إيران أبشع صور وأفظع أفعال، وستهون الثورة السورية أمامها، فما يحصل بسورية ما هو إلا تدريب إيراني وإرشاد وتعليم، فما بالك بفعل أيديهم بأيديهم ..!

وهذه روسيا الأخرى تثور على قادتها وحكمها الدكتاتوري، حيث أججت الثورة السورية شعوب العالم أجمع وأحرجت حكامهم، وأجبرتهم للوقوف ضد نظام الشاب الأشقر بشار، ويشتهي جل حكام العالم وبعض حكام العرب أيضا أن يتركوا الشعب السوري وشأنه حتى لو فني عن بكرة أبيه، إلا أن شعوبهم لهم بالمرصاد، وولى عهد الشيخ الكبير الذي إن وصلت إليه حكمت البلد بأسره، كما يقول مفكر غربي عن حكام العرب..!