الحقيقة التي يجب أن تقال(8)
إلى من يهمه الأمر
الحقيقة التي يجب أن تقال(8)(تنبيه)
أ.د عبد العزيز الحاج مصطفى
إن التغيير الذي تشهده الشعوب ، وكذا الانقلابات الاجتماعية والثورات التاريخية ؛ كل ذلك يكون عادة مليئا بالمخاطر التي تعترض ذلك التغيير. وقد يكون بعضها مستعصيا ،... وقد يزهق كثيرا من الأرواح ، ويؤدي إلى خسائر كبيرة على الأصعدة كافة ؛الوطنية والقومية . وقد يؤدي إلى إفشال الثورة أو إجهاضها .والثورة التي تشهدها سورية اليوم تشهد يوميا وعلى مدار الساعة مخاطر حقيقية لا تقل شأنا عن المخاطر التي تعرضت لها الثورات التاريخية سابقا . و هذه المخاطر تتمثل في :أولا- المخاطر الداخلية : وتتمثل في النظام السوري واٌلمتحالفين معه من أصحاب المصالح المشتركة وهم أكثر من أن يحصوا ويضمون في صفوفهم العسكريين والأمنيين فضلا عن شبيحة النظام ومرتزقته ولجانه الشعبية كذلك. ويضاف إليها فئتان تعدان أكثر خطرا حتى من النظام نفسه وهاتان الفئتان هما :آ - فئة المندسين من العملاء السريين : الذين يوظفهم النظام في مهام داخلية وخارجية قصد تخريب العمل الثوري وتعطيله ومنعه من أن يحقق النجاحات المرجوة ؛ سواء أكان ذلك بالخلافات المصطنعة أو بإثارة الشكوك بين الثوار، أو الإيقاع بهم والتآمر عليهم.ب - فئة الوصوليين والانتهازيين والمتسلقين : الذين ينظرون إلى الثورة السورية وكأنها مغنما فيحاولون - بكل الطرق الرخيصة وغير الرخيصة - إيجاد موضع قدم لهم فيلحقون من الضرر بالثورة ما يعد أكثر خطرا من مخاطر النظام نفسه .ثانيا – المخاطر الخارجية : وهي بالنسبة للثورة السورية أكثر من خطيرة وتنقسم إلى قسمين :أ- المخاطر التقليدية : وهي تتمثل في حزمة من المصالح الدولية التي تتنافس من أجل موضع قدم لها في سوريا ومثال ذلك المصالح الروسية والصينية والأمريكية والصهيونية وبسببها استعصت القضية السورية في مجلس الأمن ، الذي يبدو اليوم عاجزا عن نصرة الشعب السوري رغم جرائم النظام التي عدت وفق تقارير المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان بأنها ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية .ب-المخاطر المستجدة : وتتمثل في المخاطر الإيرانية الصفوية التي ترمي بثقلها اليوم في مواجهة الثورة السورية بالجهد المباشر ، وعبر امتداداتها الطائفية في كل من العراق ولبنان وغيرها من البؤر الشيعية المشتعلة التي تُحَاوِلُ إيران أن تزكي أوارها اليوم حيث من المتوقع أن يشمل خطرها المنطقة كلها .ولذلك تجد الثورة السورية نفسها بين فكي كماشة ؛بين المصالح الدولية المتربصة بها من ناحية ، وبين المخاطر الطائفية المصطفة مع النظام والمجيشة معه من ناحية أخرى . كل ذلك في غياب الوعي الإقليمي الذي ستطاله مخاطر ذلك إن عاجلا أو آجلا والذي سيجد نفسه مضطرا إلى أن يقول أكلت يوم أكل الثور الأسود !!! وفي غياب الدور الفاعل لأصدقاء سورية الذين أحسنا الظن بهم طويلا ولا نزال ننتظر، وفي غياب الموقف الدولي الرافض للجرائم الوحشية وللممارسات التي توصف بلا إنسانية!!! والتي من المفروض أن تتعدى حدود المصالح التي تعبر عن إنسانية تلك الدول وعن المستوى الحضاري الذي بلغته .نرجو النشر