حوارات مع ثـوار الشام من بني العلمان - 2

حوارات مع ثـوار الشام

من بني العلمان - 2

السلام عليكم,

استكمالا لحديثنا بالأمس, نورد لكم اليوم المقال التالي الذي وردنا من أخ علمانيٍ ثائرٍ تاني,

أخي الكريم

على قدر موافقتي على صحة الأفكار التي تدعو إليها, على قدر ما أمقت و أنفر من اللهجة الدينية التي تصيغ بها رسائلك

يا أخي كلنا مع الثورة بكل مراحلها و ضروراتها و متطلباتها

لكني أخبرك فيما لو كنت تتساءل مالذي يمنع الأخوة النصارى و العلمانيين و غيرهم من المشاركة مع أخوتهم في إسقاط هذا النظام الفاجر.... فإن السبب هو هذه الصبغة الدينية التي تأخذها الثورة

يا أخي و بصراحة أنا ما عدت أتحمل لهجتك الدينية

يا أخي أنا مع الثورة و أنا علماني

و لا يهمني أبدا ما فعله رسول الله و كيف أن الله نصره

أنا لا أؤمن أبدا بكل هذه الهذيانات

و مع ذلك فأنا مع الثورة

فإذا أردتنا أن نتشارك في دفع هذه الثورة إلى الأمام و إسقاط هذا النظام بالسرعة الممكن, أرجوك أن تخفف من اللهجة الدينية المتزمتة في رسائلك

توفق عن الاستشهاد برسول الله و الصحابة (مع احترامنا لهم جميعا) لكننا هنا لسنا بهذا الوارد

أنت بحديثك هذا تخيف الأقليات و تعمل على تعزيز ابتعادهم و تقوقعهم

لقد بدأت باستلام رسائلك منذ عدة أشهر

و في ذلك الحين كانت الرسائل تحمل فحوى اجتماعية تخاطب العقل, و موجهة للجميع لأنها تبين الحالة المذرية التي وصل إلى المجتمع السوري للأسف

كما تعرّي و تكشف الكذب في الادعاءات التي سوقها حزب البعث و ملأ بها كتب التربية القومية و المناهج الدراسية

و كان هذا جهد مشكور منكم

و كانت نتيجته -بحسب رأيي- إيجابية لأنها تكشف الحقيقة للجميع دون أن تخاطب فئة محددة أو تلتزم خطاب و لهجة فئة محددة

كانت الرسائل ببساطة تبين حقائق الحياة في سوريا, و تسرد منجزات 40 عاما من حكم حزب البعث 

و طبعا شدتني الرسائل هذه و صرت أترقبها, كما أنني اقتبست منها بعض المعلومات لأضيفها لعدة مقالات كتبتها في مواقع الثورة المختلفة (أرجو ألا تمانع ذلك) و هذا هو ما أوافق عليه

 الآن و على الرغم من أنني لا أؤيد حمل السلاح و عسكرة الثورة

و السبب في ذلك أن عسكرة الثورة سوف يسقط النظام و لكنه سيدخلنا مباشرة في دوامة من المشاكل الداخلية و الحروب الأهلية التي ستتطلبنا أكثر من 10 سنوات لإيقافها و من ثم نبدأ بناء بلدنا. و الدليل على ذلك هو الدروس المتعلمة من التاريخ و من ثورات أشقاءنا العرب

 و على الرغم من ذلك فأنا أدرك أن أهلي و أشقائي يتعرضون للقصف و التنكيل و القتل بشكل همجي و هي جرائم منظمة هذفها إبادة شعبي و أهلي, و للأسف نعلم كلينا أن هذه هي عقلية النظام و هو لن يتراجع عنها

مما اضطرنا آسفين لأن نلجأ لحمل السلاح لإيقاف حمام الدم الذي أهدره النظام في مختلف المدن السورية

 فأنا أوافقك في كل النقاط من الرسائل السابقة بأن النظام لم يقدم أي شيئ لسوريا على مدى 40 عاما

كما أوافقك بأننا مضطرين حاليا للدفاع عن أنفسنا و عن أهلنا

 و لكن أنا لا أفرق بين مسيحي و مسلم و علوي و سني و شيعي و و و و

فالكل متضررون و الكل خاسرون و الكل منتهكون و الكل و الكل و الكل

و لك أستغرب لما توجه حديثك لجزء من المجتمع بهذا الشكل

و أستغرب ما علاقة الوضع الحالي و الضرورات الحالية بما حث مع رسول الله و الصحابة

 لماذا تكون الدعوى للمشاركة بالثورة قائمة على أسس دينية

و لماذا الخطاب المتزمت دينياً, الوطن للجميع و الدين لله, و كذلك سوريا هي لكل السوريين

و أخيرا إذا لم توافقني الرأي و قررت الاستمرار بهذه الرسائل المتزمتة و التي تخيف الأقليات و تبعث على الطائفية و التخوف من المد الإسلامي الذي سيطمس كل الثقافات و الاعتقادات الأخرى, في هذه الحالة أرجو منك أن تحذف عنوان بريدي الالكتروني الشخصي من قائمة المستقبلين لرسائلك المتدينة

الآن قد بلغتك لماذا لا تشارك الأقليات معك بالثورة, فما أنت فاعل؟؟؟

نقول, اخي الكريم

شكرا لردك المباح و الذي قرأتُه بامعان, وآمُلُ أن استمراري على نهجي لن يعكر ما بيننا من صفو الحياة

بداية ليس المطلوب من الخطاب ان يقنع جميع الناس

بل ان يبرز وُجهة نظرنا في الاساس

هو ليس موجها لفئة من الناس, بل للكثير ممن يؤمن بهذا الكلام

هدفي وهدفك واحد فلنعمل على اسقاط النظام

لكن من دون تنازل, فانا ديني الاسلام

قد لا يعجبك فحوى الخطاب, قد تعارضني في بعض الاراء

قد تتعصب لهواك لكنّا نبقى اصدقاء

وهنا يكمن الفارق بين العقلاء و بين القتلة من ازلام البشار

انت لك علمانيتك, أما انا فدستوري القرآن

انت لك جماعتك, وانا إمامي محمد عليه الصلاة و السلام

ما تعتبره انت من الهذيانات, هو لغيرك عقيدة قامت عليها الارض والسموات

انا لم اهاجم علمانيتك, و لم احرض ضد نصرانيتك

ساشرح موقفي كأيّ حرّ من البشر, له لسان و عقل و ليس كالحجر و ارجوا منك ان تتفهم:

انا مسلم عقيدتي اسلامية لكني احمل أصالة هوية سورية

انا مسلم فلا تطلب من بابا الفاتيكان ان يدعوا للاسلام؟

انا مسلم أؤمن بالاديان لكني لا احاسب على اساسها الناس

نعمل فيما عليه اتفقنا, و تعذرني واعذرك عند الاختلاف

انا رجل صريح لا احسن التمثيل و لا اخدع غيري بفن التطريز

كما أني لست من اهل السياسة جماعة التطبيل و التزمير

لم يمنعني ديني يوما من أن أتعايش معك, و لم تحجزني عقيدتي عن سماعي لوجهة نظرك

علمانيتك و عقيدتي نقيضان, لكنهما لا يقفان عثرة اذا اردنا معا البناء

اخي كل حزب له برنامج عليه يسير, و كل جمعية لها بروتوكول به تستنير

في كل دول العالم المتحضر و غير المتحضر احزاب دينية, حتى عند اعداءنا كالدولة الصهيونية اليهودية

 لا تخلو بلد في اوربا الديمقراطية من حزب ديني, الحزب الديمقراطي المسيحي عند الطليان

شاس و المفدال و يهود التوراة عند اليهود شذاذ الافاق, الاتحاد الديمقراطي المسيحي عند الالمان,

كلهم يسعى لبناء الوطن و لم يمنعهم اختلاف مذاهبهم يوماً معاً من العمل

ألست تبحث عن الحرية و تنادي بالديقراطية ؟ فلما تعاملني بديكتاتورية و تفرض رأيك عليَ بإجبارية؟

اليس من المفترض ان الديمقراطية تقوم على رأي الاغلبية؟

قد لا تتحمل لهجتي الدينية, لكن غيرك يوافقني مية بالمية

الاقليات التي كنت عنها تتحدث, حكمت البلد اربعين عاما او اكثر

وغيرهم من الكرد او السريان لو الى الكرسي وصل لما ترك لغيره اصلا وطن

فلماذا لا تتوقف عن الجدال و تعمل معي على اسقاط النظام و لنترك الامر لصناديق الاقتراع؟

يعني نكاية بالطهارة بدنا نعملها بلباسنا, و يا بتتنازلوا عن الاسلام يا منوقف ضدكم مع النظام!

انا اتكلم معك و اراسلك واعمل لدفع الثورة للامام

و انت تخيرني بين التعامي عن ديني او حجبك من بريدي, شو فرقك عن بشار؟

الاقليات الأن عليها العديد من التساؤلات, بدلا من ان تتهددني ادعهم ليشاركوا في الحراك

فلعل فعلهم يشفع امام اهل حمص و درعا لهم

قبل ان يجدوا انفسهم عراة بالعراء, يعني ايد من وراء و ايد من قدام

اخي اعلم اني لا امثل وجهة نظرك, لكني احترمك

قد اكفر بمذهبك لكني لا احاسبك

اوافقك ان الوطن للجميع و وسوريا للسوريين

لكن عليك ان تبصر ان اغلبهم من المسلمين

لذا شتان بين قولك الدين فقط لله و ايماني بقول الله "لكم دينكم ولي دين"

انا ديني لا يفرق بين السوريين بالمواطنة أو بالمعاملة

أنا قناة مرئية, أو أخبار اذاعية, إقلبها كلما استفزتك كقناة العربية

لا احجب من قائمتي انسان بل اترك له حرية الاختيار

ان وجدتني في بريدك احذفني او اغلق صندوقك عني

ابذُلُ غاية جهدي لكن لا تطالبني بما ليس في وُسعي

لم ابتلعك يوما فلا تحاول أكلي و لم اتجاهل وجودك فلا تطلب حذفي

و السلام عليك و على اخواننا الثوار اجمعين و كلنا أمل أن نلتقي في يوم قريب!