ما يجري في اليمن أمر لا يصدق!!

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

تسارع الأحداث في اليمن تجعل الإنسان يقف عاجزاً عن توصيف حالته وإلى ما وصل الأمر إليه، وكأن عصاً سحرية بيد مارد غامض جاء من المجهول يرتب الأمر بغير ما يدركه العقل وما يعيه الفؤاد.

زرت اليمن أكثر من مرة وفي إحداها مكثت لأكثر من ثلاثة أشهر اختلطت خلالها برموز من اليمنيين وبعض قياداته السياسية الفاعلة على الأرض، ومن بينها الرئيس المخلوع علي عبد الله الصالح الذي لم أرتح له ولا لحديثه ولا لنظراته ولا لابتساماته المليئة بالسخرية والغمز واللمز، وقلت حينها لبعض معارفي القريبين مني: إني لم أرتح لهذا الرجل إنه فاق رجل سورية في الخمسينات من القرن العشرين والذي لقب بثعلب الشرق (أكرم الحوراني)، فعلي عبد الله الصالح هو خليط من ثعلب في المكر وقرد في الخفة والشطارة.

ولعل خير من يوصّف الحالة اليمنية هم أبناء الخليج العربي الذين يتخوفون من كل ما يجري في اليمن لأنه يمس أمن الخليج وكياناته، وفي مقدمتهم الساسة الكويتيين ومفكريهم وكتّابهم، وقد امتلكوا حرية الكلمة والسقف العالي في التعبير عن الرأي، مقتبساً بعض ما جاء على لسانهم في الصحافة الكويتية إثر تسارع الأحداث في اليمن، فهذا الأمين العام للحركة الدستورية الإسلامية الأسبق السيد عيسى الشاهين يقول بعد سيطرة الحوثيين على القصر الرئاسي في صنعاء: "كان حلم الشاه "محمد رضا بهلوي - آخر إمبراطور بهلوي على عرش الطاووس - أن تكون حدود إيران الغربية تطل على البحر الأحمر؛ حلم فارسي تحقق"، مبيناً أن "جهالة رهط الثورة المضادة أدت بهم وكراسيهم إلى مأزق، حاربوا التيار الإسلامي الوسطي؛ فبرزت "داعش"، تآمروا على ثورة الشعب في اليمن فتسيد الحوثيون".

أما المفكر والمختص بالشؤون الإيرانية المتطلعة إلى إحياء الدولة الساسانية العظمى التي وصلت حدودها إلى شواطئ البحر المتوسط، وكانت تنازع الدولة الرومانية في الهيمنة على العالم في حينها أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبد الله النفيسي يقول: "انتقل الإيرانيون في اليمن إلى مرحلة العمل المباشر وهي مرحلة التمكن من المؤسسات الصلبة وفرض الأمر الواقع، وما حدث في صنعاء البارحة واليوم هو رد إيراني على خفض أسعار النفط والبقية في الطريق".

فيما تساءل النائب السابق د. وليد الطبطبائي عما إذا كان سقوط نظام صنعاء بيد الحوثيين بعد إعلان "القاعدة" باليمن المسؤولية عن حادث باريس، وسقوط نظام "طالبان" بعد اعتراف "القاعدة" بحادث نيويورك مصادفة، مشيراً إلى أن "أذرع إيران تواصل ابتلاع المنطقة.. صنعاء تلحق بغداد وبيروت ودمشق وتشكل كماشة حول الخليج بانتظار الفريسة القادمة"!

وأكد الدكتور فيصل المسلم قائلاً: "إن سقوط اليمن بيد حوثيي النظام الإيراني يؤكد عدة أمور؛ من أخطرها غفلة ونوم دول مجلس التعاون نومة أهل الكهف، التفاهمات الأمريكية الإيرانية السرية والعلنية ستغير خرائط دول التعاون، الحماية الغربية لدول المجلس وهم ستكون الإفاقة منه بعد خراب مالطا، تدمير الجبهة الداخلية لليمن جعله دولة من ورق سقطت في لحظة تآمر وخيانة، المشهد اللبناني ثم العراقي وأخيراً اليمني يجعل إنشاء أقلية طائفية وتسليحها هو النموذج الإيراني الذي ستحتل به بعض دول مجلس التعاون خلال سنوات، تمزيق الجبهة الداخلية لدول التعاون السلاح الأصيل والركن الركين في الدفاع عن دولها وأنظمتها سيدمر هذه المجتمعات ويفتح الباب واسعاً لإجرام النظام الإيراني".

وقال المحامي محمد الدلال: "اليمن السعيد بلا سعادة ولا استقرار بتدخل إيراني وتواطؤ غربي وعربي مفضوح، والخشية أن يطال الخليج شرور هذا التدخل فينقلب السحر على الساحر"! وبين الدلال: أن "دول الخليج العربي عليها مسؤولية انتشال اليمن من يد عصابات الحوثيين بالتحرك الحازم سياسياً وعسكرياً، وخلاف ذلك يعتبر خذلاناً للشعب اليمني".

فيما قال رئيس اتحاد البرلمانات العربية السابق على الدقباسي: "إيران تتبع معنا سياسة الكماشة، وهي تضغط علينا من الشمال للجنوب، فيما تشغلنا بقصص "داعش" ومحاولاتها فتح الجولان، وها هي التهمت اليمن"!

وقال المحامي أسامة عيسي الشاهين ساخراً من موقف الخليجيين: "الحوثيون احتلوا قصر الرئيس، واختطفوا ابنه ومدير مكتبه، وسرقوا مخازن الجيش اليمني، واقتحموا تلفاز الدولة الرسمي؛ وحكومات الخليج.. أبشركم.. شجبت"!

فيما قال الأكاديمي الدكتور على السند: "عندما لا تحظى الأنظمة بالشرعية الكافية من الداخل، فإنها تتسول الشرعية من الخارج، وعندها تكون مرتهنة لتحالفات الكبار، فيحددون لها سقف التحرك! فهل تستطيع دول الخليج في الوضع الحالي أن تتمرد على استحقاقات التقارب الإيراني الأمريكي والتي منها ترتيب الوضع في اليمن؟!

وقال الكويتي ناصر الدويلة غاضباً من موقف حكومات الخليج: "الأحداث في اليمن كارثية، ولم نلحظ أي غضبة مضرية من حكومات الخليج كالتي أعلنتها في دعم انقلاب الجيش المصري.. أين أنتم يا عرب؟ لمن يترك يمننا"؟

ونختم مقالنا بما قاله الكاتب الصحافي الأردني ياسر الزعاترة متفائلاً: "سفهاء الحوثيين والمخلوع يدمرون اليمن، والأشقاء يتفرجون، والشرفاء في حالة من انعدام الوزن.. متأكد أن ذلك لن يطول، إنه منطق السياسة والتاريخ".