اغتيال مرسي!

اغتيال مرسي!

موفق محمد فوزي

لم يقترب مرشح إسلامي في التاريخ العربي الحديث من رئاسة جمهورية بلاده ، كما اقترب الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات المصرية الأخيرة ، صعودٌ كان وحتى عهد قريب أسيرَ خانةِ الأحلام المستحيلة ، التي تحققت "وبقدرة قادر" فكانت أبرز آثار ونتائج الثورة الربيعية الكبرى!.

اليوم تعيش الساحة المصرية حالة تخبط واضح يعتري "النخبة" قبل العامة ،  غذاه شعور بالظلم والإقصاء لدى بعض القوى الثورية ، وحسد من خارطة المشهد السياسي الجديد لدى أغلب القوى السياسية الأخرى ، ومن المفيد القول أن تراكمات "السخط" لدى هذه التيارات ستنفجر عند كل مناسبة وستخترع "المناسبة" لتعبر فيها عن عدم رضاها عن الشكل والمضمون رغم عدم قرائتها له منتهجة "المؤامرة" كنظرية يتيمة في تفسير الأحداث . هذا الأمر يلزم جماعة الإخوان المسلمين أن تستوعب هؤلاء الناس وتقدم النموذج "البراغماتي" الحكيم في توزيع الهم الوطني ، وإلا فقد يغدو المشهد السياسي مستتقبلاً مرهون باستقطاب شديد لا يوقفه إلا "ديكتاتور" أو "مصارحة جدية"!.

 الحالة المصرية الراهنة ، تحمل للمراقبين نبوءة عن ماهية المستقبل ، فالأزمة تصلنا بطريقين اثنين مهما اختلفت "السيناريوهات" المتفرعة : إما فوضى وعودة للنظام القديم ، وإما نظام نهضوي ثوري قوي يرسم بزوغ "إمبراطورية" بكل ما للكلمة من معنى ، ومفتاح ذلك بيد الثوار وليس بغيرهم .

جماعة الإخوان المسلمين اليوم تتمتع برؤية واضحة ، تطل من خلالها وبكل ثقة على المشهد ، وإذا استمرت بعض القوى والشخصيات بممارسة "العنترية" السياسية ، فقد تزداد أسهم الإخوان بشكل ملحوظ .

"اغتيال مرسي" ليس عنوان مقال فحسب ، بل خبر سيتصدر المشهد السياسي ولربما الإخباري لا قدر الله ، ونحن الآن في مرحلة "الاغتيال السياسي" ، القائم على محاولة تنحية شخص "مرسي" وحزبه عن دائرة "التنفيذ" في مصر ، بالمبادرات والأطروحات الفضفاضة التي تبعد الإخوان عن منصب رئاسة الدولة على تخوف "اعتبار ما سيكون" مبني على معلومات خاطئة وتضخيمات للأمور يتأباها الواقع والتاريخ لا محل لها من الإعراب .

أما الشق الثاني ، وهو الأخطر ، وإن حدث فسيكون بوابة الفوضى والعودة إلى الوراء ، وهو المتمثل بالتصفية الجسدية ، خيارٌ يجب أن يوضع تحت الحسبان في خضم هذه الفوضى ، فنحن نتحدث عن تحقق مصلحة لجانبين واحد إقليمي والآخر محلي ، فالأخير المحلي نقصد به النظام الذي تغلغل في شرايين الدولة العسكرية والمخابراتية ، وبوصول إسلامي إلى سدة "التنفيذ" فيها فقد يعطل مصالح الكثيرين ، وهو معنيّ بفوضى تقدَّمُ له البلاد على طبق من دم وأشلاء ، وهو وإن لم يستعمل مبدأ الاغتيالات السياسية مع خصومه أول الثورة ، إلا أن الفترة الراهنة مفصلية في سجل عمره ، ولربما تدفعه لاستخدام بلطجة مركزة ضد شخصيات مؤثرة محددة في الساحة المصرية .

الاحتمال الأول صعب التحقيق وإن كان واجهة مغرية لاستخدامه من قبل التيار  الإقليمي ، الذي نعني به الدولة ذات الأنياب السحرية : "إسرائيل" ! ، فالدولة "الجارة" وتيار الإخوان يحملان لبعضهما ثأراً لا تمحيه الأزمان ، منذ زمن مرشد الإخوان الأول : حسن البنا ، الذي يوصف في كتابات الإسرائيلين بأنه العدو اللدود الذي كان يشكل الخطر الأكبر على قيام دولة إسرائيل" ، ولولا "تخلص أصدقاء إسرائيل في مصر منه اغتيالاً ومن أتباعه سجناً لحدث ما لا يحمد عقباه"! ، وبالحديث عن مصطلح "الخطر" فإن الموساد الصهيوني يفاجؤنا دائماً بخبرة استشعار الأخطار ، واقتلاعها في براعهما ! ، والتاريخ يشهد على ذلك ، والسؤال تحت أي "يافطة" ؟ ومتى ؟، وهل عندهم الجرأة والوقاحة لفعله ؟! ، الإجابة "المطمئنة" يرسمها توافق الثوار ويقظتهم ... وإلا فرحم الله مرسي شهيداً لم يعطَ حزبه فرصة تحقيق نهضة لشعبه!.