لعنة حزيران

جميل السلحوت
jamilsalhut@yahoo.com

لعنة حزيران

جميل السلحوت

jamilsalhut@yahoo.com

في حرب حزيران 1967 لم تهزم الجيوش العربية في ستة أيام، بل هزمت في أقل من ست ساعات، لكن اسرائيل أنهت إحكام احتلالها لما تبقى من فلسطين وجوهرتها القدس، وصحراء سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية في ستة أيام، وفي اليوم السابع اعتلت عرش الشرق الأوسط بقضّه وقضيضه...وبدأت بتنفيذ مشرعها الصهيوني التوسعي بهدم حارة الشرف حيّ المغاربة وحيّ النمامرة، وجميعها تحاذي حائط البراق-الحائط الغربي للمسجد الأقصى- في القدس القديمة.

وتمرّ هذه الأيام خمسة وأربعون عاما على تلك الحرب العدوانية تخللتها حروب أخرى أزهقت أرواح عشرات آلاف الأشخاص، دون أن يصل أطراف الصراع الى حلّ عادل يحقن دماء شعوب المنطقة، بل استطاعت اسرائيل أن تفتت الموقف العربي الموحد، فانفردت بمعاهدة كامب ديفيد مع مصر، تلك المعاهدة التي أعادت سيناء لمصر بشروط اسرائيلية جعلتها –صحراء سيناء- رهينة بأيدي الاسرائيليين يستطيعون احتلالها في ساعات، وأخرجت مصر كبرى الدول العربية من حلبة الصراع، كما انفردت بالأردن ووقعت معه اتفاقية وادي عربه،

واسرائيل التي لا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني على أرضه، إلّا من خلال تصريحات دبلوماسية تدخل ضمن سياسة فنّ إدارة الصراع، تبتعد كيلو مترات عن طريق السلام كلما اقترب العرب منه خطوة واحدة، يساعدها في ذلك الدعم الأمريكي اللامحدود وعلى مختلف الأصعدة...حتى بات المرء يتساءل عمّن يملك أوراق الضغط على الآخر؟ هل هي أمريكا أم اسرائيل؟ وتعمل اسرائيل على تكريس احتلالها للضفة الغربية وجوهرتها القدس من خلال الاستيطان المتواصل يوميا.

 لكن الدول العربية لم تعمل شيئا يستحق الاهتمام لتحرير الأراضي العربية المحتلة، اللهم إلّا اذا استثنينا حرب اكتوبر 1973، والتي شكلت هزة عنيفة لاسرائيل. ومع ذلك فان الدول العربية لم تستغل نتائج تلك الحرب لإجبار اسرائيل على الانسحاب.

 وتوالت لعنة حزيران على العرب عندما اجتاحت اسرائيل لبنان في حزيران عام 1982،  وما تبع ذلك من اخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، لتعقبها مباشرة احتلال العاصمة اللبنانية بيروت، ومذابح مخيمي صبرا وشاتيللا في أطراف بيروت.

وفي حزيران هذا العام وبعد مرور 45 عاما على احتلال اسرائيل للأراضي العربية اجتمعت وزراء خارجية لجنة المتابعة العربية في الدوحة عاصمة قطر لدراسة الخطوات القادمة بعد ردّ نتنياهو المخيب للآمال على رسالة الرئيس محمود عباس، وهناك اتخذوا قرارات وتوصيات بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والمعلوماتية...الخ مع سوريا...بل سمعنا أصواتا عربية تطالب مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار ضد سوريا تحت البند السابع...مما يعني دعوة لتدمير سوريا واحتلالها...ومع أن ما يجري في سوريا يدمي القلوب، ويدعو الى وقف أعمال العنف بشكل فوري من قبل أطراف الصراع كافة، إلا أنه كان من الأجدر اتخاذ هذه القرارات ضد اسرائيل كي تجبر على انهاء احتلالها للأراضي العربية المحتلة، من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وكي يتمكن الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيرة وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

لكن الأحلام شيء والواقع شيء آخر، فبدلا من اتخاذ قرارات  لتحرير الأراضي العربية المحتلة صدرت دعوات لاحتلال سوريا، وهذا ما لا يقبل به عاقل، وإذا كان "أصدقاؤنا" في أمريكا وأوروبا معنيون حقا بحقوق الانسان، فلماذا لم يتحركوا خلال الخمسة والأربعين عاما الماضية لإنها الاحتلال الإسرائيلي الذي أهلك البشر والشجر والحجر؟ أم أن الفلسطينيين والعرب ليسوا بشرا؟

وإذا كان النظام السوري يعي تماما أن ما يجري في سوريا هو مخطط لتقسيم سوريا، تطبيقا لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي دعت اليه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية  السابقة...فإن هذا النظام مطالب بحماية شعبه، ومطالب باطلاق الحريات، ونشر الديموقراطية لتفويت الفرصة على من يتربصون بسوريا وبالأمة العربية، وتحديد موعد لانتخابات نزيهة للرئاسة، واحترام نتائج هذه الانتخابات بغض النظر عمن يفوز بها. أم أن لعنة حزيران ستبقى قائمة الى ما شاء الله؟