أمور على الثورة أن تأخذ بها لضمان استمرارها ونجاحها
أمور على الثورة أن تأخذ بها
لضمان استمرارها ونجاحها
محمد عبد الرازق
في ظل المنعطف السياسي الذي شهدته الثورة السورية مؤخرًا متمثلاً في انتخاب رئيس المجلس الوطني السوري، ثمَّ استقالته؛ و ما تبع ذلك من حراك على مستوى ترتيب المعارضة السورية أوراقها؛ فإنَّ على قوى الثورة في الميدان أن تسعى لإيجاد مظلة سياسية تمثلها مستقبلاً، ضمن مكونات المجلس الوطني، و إذا ما حصل هذا الاتفاق على مشترك سياسي، وأطلقت صيغة تنظيمية جامعة، تكون قد حررت قرارها، ووضعت نفسها على طريق التحول إلى شخص اعتباري يقوم بدوره المباشر من دون وسيط أو مندوب.
هذا وحده ليس كافياً للقيام بما هو مطلوب لنجاح الثورة، فالوضع السوري مركب ومتداخل مع ملفات إقليمية ودولية معقدة، في ظلِّ تمسك النظام بالبقاء في السلطة من دون اعتبار لمصلحة الشعب والبلد، وإنَّ عجزه عن تحقيق ذلك بقدراته الذاتية، جعله يستدرج تدخلاً خارجيًّا لصالحه؛ حوّل سوريا إلى ساحة صراع وتصفية حسابات إقليمية دولية زادت في تعقيد المشهد السياسي السوري، بحيث لم يبق مجرد صراع بين نظام قمعي وشعب ثائر. بل أخذ أبعادًا وامتدادات إقليمية ودولية خطيرة.
وبذلك بات نجاح الثورة مرهونًا بتوافق إقليمي دولي، ما يعني أنها بحاجة، إلى جانب إبقاء نار الثورة متقدة عبر التظاهر السلمي، إلى جهد سياسي دبلوماسي، إقليمي ودولي، كبير، كي تبقي مطالبها على جدول أعمال المجتمع الدولي، وبحاجة إلى غطاء دولي لحراكها الشعبي يلجم النظام ويحد من توحشه، واستخدامه المفرط للقوة، بحاجة إلى عرض كل ذلك عبر ممثلين شرعيين، وهذا يستدعي وجود أذرع للثورة في الخارج، بإيفاد ممثلين من الداخل، أو التحالف مع قوى سورية معارضة موجودة في الخارج، وهو الأسهل والأقرب منالاً.
كما ستكون بحاجة إلى توسيع حاضنها الاجتماعي الداخلي بالانضمام إلى الثورة أو التضامن معها ودعمها معنويًّا وماديًّا، أو تحييدها عن الصراع وإبعادها عن النظام، وهذا يحتاج، بالإضافة إلى الخطاب السياسي الناضج، إلى شبكة علاقات وخطوط اتصال ووسائط عريضة وواسعة. ما يعني أنها بحاجة إلى إمكانات وقدرات كبيرة، وهي خارج نطاق قدراتها منفردة، إنها بحاجة إلى جهود قطاعات مالكة لمفاتيح اجتماعية، وإمكانيات اقتصادية ومالية...الخ. كل هذا جعل انتصار الثورة بحاجة إلى قدرات أكبر من قواها الميدانية، السلمية والمسلحة، وإلى خبرات وإمكانات مادية تعزز الطاقات الروحية التي أطلقها الشعب والبطولات والتضحيات من أجل نيل الحرية والعيش بكرامة. وهذه تستدعي قيام جبهة وطنية متحدة من كل القوى السورية بوصلتها استمرار الثورة وتحقيقها أهدافها، قائمة على اسس واضحة ومحددة، على أن تكون قوى الثورة في القلب، وفي موقع القيادة، ولا تقبل أن تكون ملحقًا بتنظيمات أو تشكيلات سياسية أو تسلم زمام قيادتها لقوى من خارجها.
تستحق الثورة والشعب بعد هذه التضحيات الجسيمة، بذل الجهد المُضاعَف لتحقيق هذا الهدف وإنجازه؛ لضمان بلوغ الثورة أهدافها المجيدة.