النظام السوري يلعب في لعبة القاعدة

النظام السوري يلعب في لعبة القاعدة

وينقلب عليه سحره

م. محمد حسن فقيه

[email protected]

لا يشك محلل منصف أو محايد في الطريقة الأمنية والنهج الإجرامي المتوحش الذي اختاره النظام السوري كخطة قمعية  لمواجهة شعبه الذي هب مطالبا بحريته المصادرة وانسانيته المفقودة وكرامته المسحوقة ، ولم يأبه يوما بالرقص على دماء الشرفاء والأحرارمن أبناء شعبه الذين خرجوا بصدورهم العارية وهاماتهم المرفوعة في مظاهرات سلمية يطالبون بالتغيير، فانهال عليهم الرصاص الحي يحصدهم  وهم يحملون غصن الزيتون ويهتفون للحرية .

أطلق النظام كذبته من الأيام الأولى وتكلم عن مندسين وعصابات مسلحة وجراثيم .... وطرف ثالث ، ودخلت الثورة عامها الثاني ولم يتمكن النظام رغم قمعه وعسفه وإجرامه وأجهزة أمنه السبعة عشر من القضاء على هؤلاء المندسين أو كشف ما سماه الطرف الثالث ، بل تعامل مع جميع أبناء الشعب من السوري من  الشرفاء والمخلصين على أنهم جراثيم ومندسون وطرف ثالث ! .

حاول النظام من الأيام الأولى توريط الناس المتظاهرين بطريقة سلمية وحضارية بالعنف والسلاح ليتسنى له الإجهاض على الثورة في مهدها بطؤيقته البوليسية ، وحاول ان يرمي لهم السلاح من قبل شبيحته وعصاباته الأمنية ليستخدموه في مظاهراتهم ... إلا أنه لم يفلح ، وبقي استخدام السلاح مقتصرا على أجهزته الأمنية وعملائه الذين دسهم بين المتظاهرين لينفذوا أعمالهم الإجرامية من اصطياد النشطاء وخلق الفتنة وترويع الناس ،علما بأن مظاهرات التأييد التي صنعها وساق رجالها بالإكراه والتهديد ... لم يطلق عليها رصاصة واحدة في حين كان الرصاص ينطلق ليستهدف النشطاء والمعارضين .... والأنكى من ذلك كله كانت عصابات النظام وشبيحته تلاحق وتعتقل وتخطف وتنكل بأولئك النشطاء والمتظاهرين السلميين الذين يتعرضون للإطلاق من المندسين أو الطرف الثالث بحسب رواية النظام .

للنظام تاريخ عريق مع احتضان المجموعات الارهابية بكافة أصنافها وألوانها وتوجهاتها اليمينية واليسارية .... والمحسوبة على تيارات أصولية متطرفة ، فقد قام بتجنيد مجاميعها في العراق بالتنسيق مع شريكه في طهران ، وافتتح لها معسكرات للتدريب ودفع بها الى داخل العراق لتقوم بأعمال انتحارية يتحكم بريموت التفجيرضابط مخابرت من نظام الاسد ! وما أحداث نهر البارد ومجموعات شاكرالعبسي المغرر بها عن ذلك ببعيد !.

بعد تفجيرات وزارة الخارجية ويوم الأربعاء الشهيرة في وسط بغداد ، طفح الكيل مع نوري المالكي وهدد برفع شكوى ضد النظام السوري للأمم المتحدة بتصديره الإرهاب إلى أراضيه معلنا عجزه عن حماية حدوده ومنع الإرهابيين من التسلل إليه عبر الأراضي السورية ، لكن الغريب في الأمر عندما انعكست المعادلة اليوم  وانقلبت الاية فتحول المالكي إلى صديق ودود وحليف استراتيجي للنظام السوري فأغدق على نظام الإرهاب السوري المليارات ليساعده على قتل شعبه ويصبح شريكا معه في ذلك ، بل أعطى المالكي تعليماته لجنوده وسخر إمكانياته لحراسة الحدود السورية من الجهة الشرقية ليحول دون هروب بعض أبناء الشعب السوري إلى الأراضي العراقية عند أبناء العمومة والعشيرة هربا من بطش النظام السوري وأدوات قمعه الإجرامية ... فضلا عن استقبالهم كلاجئين من ناحية انسانية ردا على الجميل حين استقبل الشعب السوري مئات الآلاف من العراقيين الذين فروا إلى أراضيه طلبا للأمن والأمان إبان الاحتلال والفتنة الطائفية ، إذ تجرد هذا المالكي من كل مقومات الرجولة ، وبدا معتديا على كل القيم الانسانية ، وناكرا للمعروف جاحدا لحق الجوار والعروبة والاسلام ...

لقد غير المالكي موقفه الى الاتجاه الآخر والمعاكس تماما ، بسبب الانسياق الطائفي المقيت والرضوخ لتعليمات أسياده في قم الذين نصبوه زوؤا وبهتانا في موقع لا يستحقه ليصدق عليهم حال القائل : من لا يملك يجود على من لا يستحق .

 اكتسب النظام السوري خبرة طويلة في تعامله وتدريبه وتنسيقه مع المجاميع الإرهابية كانت يسارية أو أصولية سواء في معسكراته التي فتحها لحزب العمل الكردستاني (ب . ك . ك ) ، أو اختراقه لتنظيم فتح الاسلام في نهر البارد ، لكن تجربته الطويلة كانت مع العراق ومعسكراته التي قادها أبو القعقاع ضد حليفه الجديد نوري المالكي  .... والقاسم المشترك هو تأمر النظام السوري على هؤلاء في التهاية بعد استغلالهم وتسخيرهم لمصلحته فقد سلم عبدالله أوجلان في تمثيلية مكشوفة يوم هددت تركيا وحشدت جيشها على الحدود السورية في زمن الطاغية الأكبر حافظ الأسد ، ودبرالنظام  مقتل أبي القعقاع داخل المسجد على يد أحد المغرر بهم .... وانتهى شاكر العبسي في مخيم البارد بطريقة مازالت غامضة ومجهولة .

أقدم النظام على تفجيراته الإرهابية قي صفوف المدنيين بطريقة تتفق مع نظام تلك المجاميع الإرهابية التي عمل معها ردحا من الزمن ، وكان أغلب أولئك الضحايا من المعتقلين الذين أخرجهم من سجونه أو من خطفهم من الشوارع كما فعل في تفجير المصطومة غرب إدلب وذلك بتلغيم الحافلة التي كانت تقل المعتقلين وقد كشف ذلك بعض المعتقلين الذين كتب لهم النجاة من تلك الحافلة ، وأما تفجير مبنى المخابرات في حلب الجديدة فقد فضحه أحد عناصر الأمن من نفس المركز الأمني ، كما أن الحافلة التي قاموا بتفجيرها كانت تحمل داخلها المعتقلين والمخطوفين من المعارضين والمتظاهرين ضد النظام ، وأما  تفجيرات الميدان قرب مسجد الحسن في الميدان والذي حدث في منطقة ساخنة تحفل بالمظاهرات اليومية ضد النظام وتنطلق من مسجد الحسن وهي منطقة تحت المراقبة الشديدة والمتابعة من عصابات النظام الأمنية ، وقد فضح النظام في هذا التفجير واتضح ضلوعه في إعداده  وتدبيره ، والترتيبات التي تبعت التفجير وذلك بتواجد فرق الإسعاف والكتائب الأمنية للنظام مباشرة بعد التفجير مع حضور وسائل الإعلام للتصوبر ، إلا أن الذي كشف ضلوع النظام وفضحه على الملأ بشكل جلي ... هي تلك الصور التي التقطها أحد النشطاء لشبيحة النظام وعناصره الأمنية وهم يرمون بأكياس الخضار حول جثث الضحايا وأجسادهم المثخنة بالجراح !.

وأما التفجير الجديد الذي نفذته عناصر الأمن الأسدية في حي الميدان قرب المدارس فهو نسخة أخرى مفبركة من تفجير يناير 2012 وذلك للفت الأنظار عن عمليات القتل التي يقوم بها ، وقد اختارها هذه المرة بجانب مدرسة بدلا من المسجد يستهدف فيها هذا الحي المعارض ، لينتقم من أبنائه ويعاقبهم على مواقفهم المعارضة لنهجه الاستبدادي ، ومطالبتهم بحريتهم وسقوط هذا النظام .

أن النظام السوري بكتائبه وعصاباته الأمنية يقوم بتنفيذ هذه الأعمال الإرهابية في محاولة خسيسة للفت أنظار العالم إلى وجود تنظيمات إرهابية على أرضه تشيع الفوضى وتبث الذعر وتهدد دول الجوار والمجتمع الدولي ، ناسيا أن تمثيلياته وفبركاته الإعلامية أصبحت فجة ومكشوفة بوقاحة لا تخفى على إعلام يحلل الحدث ويتابع أدق التفاصيل ليقع هذا النظام الأحمق في فخ حسب أنه قد نصبه للآخرين للإيقاع بهم فيقع في شركه ويفضحه الإعلام الحر ، وينقلب السحر على الساحر من نظام قد أدمن الكذب والتضليل كما أدمن القتل والعنف ضد الشرفاء الأبطال المناهضين له من أبناء الوطن الغيارى والذين لن يثنيهم عن عزيمتهم مهما بطش هذا النظام بهم فقد اختاروا طريقهم وحددوا هدفهم ، وليس في جعبتهم أقل من إسقاط هذا النظام ومحاكمة جميع جلاوزته محاكمة عادلة أمام العالم ليكونوا عبرة لجميع أنظمة الطواغيت والاستبداد من بعدهم .