فروقات بين الوضع العراقي والوضع السوري
فروقات بين الوضع العراقي والوضع السوري
ابو ياسين
لقد حذر كثير من السياسيين والكتاب من مصير سيء لسورية ومشابه للوضع العراقي من حيث سفك الدماء وانتشار العمليات الارهابية التي قتلت المدنيين في الدرجة الاولى واذا كان من هؤلاء السياسيين من يحذر من هذا السيناريو رغبة في ايجاد حل يحقن الدماء فان منهم من يذكرنا بالحالة العراقية كتخويف للسوريين من المضي بالثورة وانتصارا للسفاح وكان اخر هؤلاء المدعو حسن نصرالله وهنا لا بد من الاشارة لبعض الاختلافات بين الحالتين السورية والعراقية :
1- ان العراق قد تعرض لاحتلال اجنبي ادى الى اختلاف كبير بين العراقيين في طريقة التعامل مع هذا المحتل حيث لم تكن هناك رؤية واضحة للكثيرين حول الاساس والمبدأ في التعامل مع الوضع الجديد فمنهم من انساق تماما للمحتل ومنهم من هادنه ومنهم من قاومهم سياسيا ومنهم من قاومه عسكريا وبين هؤلاء حصل التعارض والصدام وهو الامر الذي ادى للمأساة العراقية المستمرة حتى هذه اللحظة و لهذا تسبب الاحتلال الامريكي بايجاد وضع صعب على كثير من العراقيين ضاع فيه المبدأ والهدف والاسلوب. اما في سورية فقد تسلطت سلطة فقدت الشرعية من شعب طالبها بالرحيل وهذا الشعب مصر على هذا المطلب ويعمل بصور متنوعة ولكنها متدرجة ومتوحدة في تحقيق هدفه والشعب السوري باغلبيته الساحقة متوحد خلف مطلب واضح ومحدد وهو نيل حريته وحقوقه .
2- في سورية سلطة عزلها العالم وحملها مسؤولية كبيرة في اراقة الدماء وطالبها بسحب قواتها العسكرية ووقف اطلاق النار واطلاق المعتقلين . اما في العراق فقد وجدت سلطة دعمت من قسم لا بأس به من العراقيين ومن قبل مجتمع دولي لا زال يتعامل معها مع ان هذه السلطة هي التي كانت تحرك الاحداث في العراق وتقوم بالتفجيرات والاعمال الارهابية وتنسبها للقاعدة و تعتقل الالاف العراقيين بتهمة الارهاب.
3- في سورية ظهر الجيش السوري الحر المؤيد للثورة ولحقوق الشعب وهذا الجيش وان لم يحظى باعتراف صريح لكن اصبح طرفا شرعيا ظهرت اصوات عربية ورسمية تنادي بتسليحه بوجه جيش مؤيد للنظام و للقمع والقتل الذي يقوم به اما في العراق فتم تدمير جيش وطني حلت مكانه ميليشيات تابعة لاحزاب طائفية متنازعة واجهت مجموعات متناثرة تقاوم الامريكيين ولكنها هي الاخرى مخترقة ومتنازعة فيما بينها .
4- في سورية هناك نظام عار تماما ومنكشف امام شعبه كعميل للصهاينة وايران وهو يكسب كل يوم مزيد من الاعداء ويخسر كثير من الاصدقاء اما في العراق فقد استطاع المحتل ترسيخ سلطة عميلة طائفية لكنها اشغلت باقي العراقيين بانقسمات وصراعات جانبية كبيرة .
5- في العراق المحتل كان هناك رؤوس وزعامات سنية – عربية وكردية - ممثلة في الحكم العراقي وحتى ولو كان بعض هذه الزعامات محدودة التأثير بفعل السيطرة الصفوية الا ان ذلك شكل تشتت للقوة السنية وبالتالي تلاشي للقوة المواجهة للسلطة العراقية . اما في سورية فكل القيادات والزعامات السياسية والعسكرية من لون واحد وتحارب شعبا باكمله ولا تحترم هذه القيادات اي رمز من الشعب ولا تقيم له اي وزن و بالتالي صارت بنظره قوة مستبدة وغير شرعية يجب اسقاطها .
6- اذا كانت التفجيرات والعمليات الانتحارية هي الوسيلة التي يراد منها تخويف السوريين المنتفضين فيجب معرفة كيف كانت تحصل بالعراق ؟ ان تلك العمليات كانت موجهة بالاساس لعدو خارجي ولكن وجد هذا العدو الخارجي من يتعاون معه والى درجة اصبح هذا المتعاون درعا يتقى به المحتل هذه التفجيرات وهو الامر الذي ادى الى انشغال العراقيين بعضهم ببعض فترة طويلة اما في سورية فلن يجد هذا النظام احدا يتلقى هذه الضربات عنه فنحن اذن امام شعب متوحد يعلم تماما من عدوه .
7- المواجهة في سورية واضحة انها بين طرفين هما الشعب و عصابة تمردت على هذا الشعب وشعبنا السوري وهو في حربه مع هذه العصابة يسير بثبات نحو تنظيم جهوده ونشاطه السياسي والعسكري حيث يعتمد شعبنا بعد الله على جيش عسكري حر ومهني مدعوم بمجلس وطني سياسي نال اعترافا دوليا اما في العراق فقد تشتت وتنازعت الزعامات السياسية السنية مما انعكس ذلك على القوى المقاومة تشرذما واختراقا بل نظر الكثيرون لتلك القوى المسلحة على انها ارهابية والارهاب منها براء.
8 - ان الشعب العراقي العظيم قد اعتمد بصورة اساسية على المقاومة المسلحة في رفضه للاحتلال الامريكي واعوانه لكن الشعب السوري بدأ حراكه بصورة سلمية ومازال يستخدم هذا الاسلوب في كسب اصحاب الضمائر والشرفاء مع استخدامه للقوة العسكرية التي هي حق مشروع ومطلوب للدفاع عن النفس ..