خيمة الرمل استمرت في تمتين حبالها الرملية هذا اليوم

القدس ورمل الفرقة

الأربعاء 2 أيار :

خيمة الرمل استمرت في تمتين

حبالها الرملية هذا اليوم

مارست مهمة تنظيف بلاط الساحة الخارجية من الرمل فتجمّعت كومة منه لها ملمس الخشونة ورائحة الصحراء ولون الشمس المحمرّة . قلت : لا أستطيع المشي جيئة وذهابا ؛ رياضتي الصباحية المتضامنة ( !!) مع اسرى الحرية ، فوق الرمل .

للرمل فوق البلاط صوت مؤذ ، وشعور جارح . لا يمكن السير بالهدوء الصباحي و ( الخلوة) الفكرية الذاتية المتأملة بوجود الرمل .

الرمل يقاوم كل من يحاول إهانته . الرمل يحافظ على تماسكه وحياته ومستقبله . الرمل يتحد ويتكتل في وجه من يحاول سحقه ...الرمل يعلّمنا لو نوينا التعلم .

أخذنا منه فرقته ووحدانية ذراته ، وأبقينا خصائصه الأخرى لغيرنا ممن يجيدون لعبة الوحدة في وجه (الأخطار) وإن كانت مزعومة بلا أساس واقعي .

استمرت الديكة تصيح هذا الصباح ، والعصافير تغرد ، والرمل ينتشر ؛ كل يدري مهمته فلا يتقاعس ولا يتوانى . فالحياة مستمرة ؛ خيمة الحياة تواصل حركتها واستقبال ضيوفها وأبنائها وتوديعهم إلى عالمهم الآخر .

خيمة من رمل ، وخيمة من أصوات الطبيعة . وحده الرمل يظل يمارس هوايته ورحلته وبقاءه . تنفست كثيرا من الرمل هذا اليوم ، فكيف سأذهب إلى مدرستي هناك في زاوية القدس الجنوبية ؛ بيت صفافا التي صودق على بناء وحدات استيطانية تزيد غرفها عن الألف على أرضها ؟!

برمل ، ونشاط ، وأسئلة كنت هناك ... سمعت نقاشا حول توفير الطاقة ، والملابس ، والثقافة . عجلة الدوام اليومية المعتادة ...

مساء كنت في نادي جبل المكبر . خيمة أخرى للوحدة والثقافة . خيمة النادي أقيمت لتكريم مبدعي البلدة وأسراها المحررين ؛ محمود شقير ، وجميل السلحوت ، وابراهيم مشعل ، وتوفيق عويسات .

حضر الاحتفال وألقى كلمات التكريم والتفاؤل ؛ مفتي القدس الشيخ محمد حسين ، ومحافظ القدس المهندس عدنان الحسيني ، والمحامي أحمد الرويضي مسؤول وحدة القدس قبل إلغائها ، وأدار اللقاء الكاتب راسم عبيدات .

أجمع المتحدثون على أهمية الثقافة ، وأبرقوا بمشاعر المحبة والتقدير إلى المضربين عن الطعام من أسرى الحرية ....

خيمة الوحدة الوطنية والثقافة المقدسية .

مؤخرا التفتت بعض مؤسساتنا الرياضية للثقافة والمثقفين . الرياضة أخذت النصيب الأكبر من الرعاية والاهتمام وحشد الجمهور . الرياضة رغم أهميتها لم توجد جمهورا يحقق حلم الثقافة ، وثقافة الحلم . هل لأن التعبئة انصبت على جانب بعينه بعيدا عن الميدان الثقافي بمفهومه الشامل ؟!

أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا ...لا بأس .

أخبرتني زميلتي ظهر اليوم أن ابنتها الطالبة في الصف الثاني الابتدائي قد رجعت مستغربة من وجود أكثر من نصف الطلاب في صفها ممن لا يقفون على معنى هويتهم الوطنية ...فلمت ذويهم ، ثم مدرستهم ، ثم مؤسسات المجتمع الرياضية والثقافية .

احتلال الوعي أخطر من احتلال الأرض .

المشهد الثقافي في القدس يحتاج للرعاية والتخطيط والانتماء . أرسل إليّ صديقي الكاتب جميل السلحوت ( شخصية القدس الثقافية لهذا العام ) مقالة وافية تشخص المشهد الثقافي المقدسي ، سأقرأها بتمعن ، ودموع ، وتحسر على حال الغياب المجرم للفعل الثقافي ...

القدس كانت مصدر إشعاع وتثقيف ومركزا للفعل الثقافي قبل أن تغتال روحها الثقافية وتنتقل إلى رام الله ....

أعيدوا إلينا قدسنا المستلبة ، ونحن كفيلون بشعلتها الحضارية ؛ لا تخنقوا القدس .