هل انهزم الشعب السوري؟

هل انهزم الشعب السوري؟

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

تشير أجهزة الدعاية التابعة للنظام الطائفي النصيري أن الشعب السوري قد انهزم في الحرب الطائفية الشريرة التي يشنها الجيش التابع لهذا النظام ، وقد أعلن المتحدث باسم الخارجية النصيرية أن "القتال على إسقاط الدولة انتهى، وبدأ القتال من أجل استقرار الأوضاع والسير نحو سوريا جديدة" .

وأيد هذا الإعلان  الشيخ حسن نصر الله بقوله : إن الدولة السورية لن تسقط ! ووقف يدشن حملة دعم إعلامية ضد الثورة السورية ، وتأييدا للحكومة الطائفية النصيرية في دمشق .. وأكد أن الحوار السياسي هو الحل الوحيد.. مع أنه يعلم أن الشعب السوري يتعرض لحرب إبادة يومية ومجازر غاية في الهمجية والوحشية.

السيد كوفي عنان يدور الكرة الأرضية بحثا عن تأييد دول العالم لمبادرته التي انتزع منها تنحية الرئيس الطائفي النصيري ، وتشكيل حكومة جديدة تقود الحوار الوطني ، لتكون مجرد محاولة لوقف القتل اليومي الذي تقوم به السلطة الطائفية النصيرية للشعب السوري المسلم ،والسماح بإغاثة المدن والقرى المنكوبة بالمواد الغذائية والأدوية وإخلاء الجرحى والمصابين  .. ومازالت مبادرة عنان تدور في فضاء هلامي ، لأن الرئيس الطائفي النصيري يعلن قبوله للمبادرة إعلاميا ، ويرفضها على أرض الواقع عمليا ، والمجتمع الدولي الممثل في الأمم المتحدة عاجز عن اتخاذ قرار يلزم الرئيس الطائفي النصيري بتنفيذ المبادرة ، بسب معارضة روسيا والصين .

ومؤخرا أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن المعارضة لن تهزم الجيش السوري التابع للنظام حتى لو كانت مدججة بالسلاح ، وقد حذر الوزير الروسي الدول الغربية والعربية من تسليح من سماهم خصوم الرئيس السوري بشار قائلا : إن ذلك لن يؤدي إلا لمزيد من إراقة الدماء ولن يمكّن المعارضة من هزيمة القوات الحكومية. ونقلت وكالة إيتار تاس الروسية للأنباء عن لافروف قوله في أثناء زيارة إلى أذربيجان "حتى لو كانت المعارضة السورية مدججة بالسلاح فإنها لن تهزم الجيش السوري. ستكون هناك مذبحة لأعوام".

وانتقد الوزير الروسي مجموعة (أصدقاء سوريا) بأنها تضعف جهود كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لوقف العنف في سوريا. كما نقلت وكالة إيتار تاس عن لافروف قوله " لقد دعم الجميع خطة كوفي عنان إلا أن قرارات مجموعة "أصدقاء سوريا" التي تهدف إلى تسليح المعارضة وأنباء عن فرض عقوبات تضعف من جهود إحلال السلام". وذلك تعليقا على ما قيل   بعد اجتماع (أصدقاء سوريا) في  استانبول يوم 1/4/2012م ، بأن المجموعة ستدرس اتخاذ المزيد من "الإجراءات لحماية الشعب السوري".

ثورة الشعب السوري البطل تواجه غدرا من الجار الشيعي العراقي العميل للولايات المتحدة جواد المالكي ، الذي تحركه طهران ، كما يدين بالولاء للنظام النصيري مذ كان يتنقل بين النظامين منذ عام 1979 ، وقد عاش ذلك في حزب الدعوة من عام 1970 وعمره لا يزيد عن عشرين عاما. لقد قال المالكي  :  " إنّ لغة استخدام القوة لإسقاط النظام السوري لن تسقطه، قلناها سابقا وقالوا شهرين فقلنا سنتين، ومرت سنة الآن والنظام لم يسقط ولن يسقط ولماذا يسقط".

المفارقة أن المالكي كان في سابق الزمان يتهم النظام في دمشق بدعم الإرهاب في العراق، وها هو يتحول للدفاع  عنه وتأييده ودعمه بالرجال والسلاح وفقا للأوامر الإيرانية ، مثلما يفعل حزب الله وفقا للأوامر الإيرانية أيضا !

السادة الأميركان موقفهم لا يقل خسة ودناءة عن مواقف روسيا والصين والمالكي وحزب الله ، فهم يقولون كلاما يرضي العرب المساكين والرأي العام العالمي  ، والمعارضة السورية في الخارج ، ولكنهم في حقيقة الأمر سعداء ببقاء النظام الطائفي النصيري في دمشق ، لأنه وسيلة أمان مضمونة لعدم إزعاج العدو النازي اليهودي ، حيث تظل الحدود على الجولان هادئة ولن تهتز برصاصة واحدة في الحاضر أو المستقبل ، مع أنه النظام الموصوف بالمقاومة والممانعة ، فضلا عن أن إدارة أوباما مشغولة بالانتخابات الرئاسية ، والتخطيط لمواجهة المشروع النووي الإيراني عبر تجييش أهل الخليج ضده !

أما العرب فلا أمل فيهم لأن مواقفهم متراخية وجهودهم مشتتة ، وهمومهم متشعبة ، والدول العربية الرئيسية مشغولة بما يجري في داخلها وخاصة مصر ، ولذا جاءت القمة العربية التي انعقدت في بغداد، بموقف غير فعال بالنسبة لسورية وشعبها الذي يذبح على مدار الساعة ؛ ولم تخرج بشيء  واضح حيال الأوضاع الإنسانية الصعبة والسيئة التي يعيشها السوريون في مختلف المحافظات والمناطق .

 لقد شعر الشعب السوري أن هناك خذلانا عاما من الأشقاء والأصدقاء ؛ وعدوانا من النظام والمتربصين ، ولم يبق أمامه غير الاعتماد الله عز وجل ، ثم مواصلة الاستمرار في ثورته ومواجهة الحرب الطائفية الخسيسة التي يقود نظام دموي مجرم فقد الرشد ، ينشغل رئيسه برسائل الغرام والدلع مع زوجته الحسناء وأخريات بينما دماء الشعب السوري الأسير تسفح تحت أقدام جنوده المتوحشين !

وإذا كان هذا النظام الطائفي النصيري الدموي قد استطاع أن يجند ويخدع بعض  الأبواق المأجورة في العالم العربي ممن يدعون الانتساب للقومية العربية ، فهذا لا يعني أنه انتصر على الشعب البطل ، الذي يواصل ثورته ويقدم يوميا عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمصابين والأسرى ..

من حق الشعب السوري أن يتمتع بالحرية ، وأن يختار حكامه الذين يثق بهم ويرتضي حكمهم ، وهذه بديهية تتجاهلها الأبواق المأجورة التي تدعى الدفاع عن نظام مقاوم وممانع ، وأعتقد أن الشعب السوري سينتصر بإذنه تعالى ، خاصة بعد أن تشارك دمشق وحلب في الثورة نتيجة الحصار الاقتصادي ، وسيطبق العدالة على القتلة واللصوص الذي سفحوا دمه وصادروا كرامته وسرقوا ثروته ، ويحاولون تشويه ثورته .

دمشق العمرية ستعود مسلمة حرة بإذنه تعالى !