احتفال غريب بمرور عام على الثورة السورية
احتفال غريب بمرور عام على الثورة السورية
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
في عام 1980 كانت الثورة في سوريا في أوج قوتها , وفي أحد الأيام كنت أجلس مع عسكري سوري (مجند) وكان وقتها في إجازة وروى لي عن الاجتماع الصباحي في السكنة العسكرية , وبعد تقديم المراسم يأتي أعلى ضابط في المقر , ويلقي كلمة , وكانت الكلمات وقتها كنشرة إخبارية عن الاخوان المسلمين , وكلما تحدث بعبارة حماسية كذكر المجرم يصفقون ويحيون , وعقبها بجملة فلقد قامت عصابات الاخوان بعملية اجرامية راح ضحيتها عدد من المحسوبين على النظام , وأعقبها الجنود بالتصفيق , ولم ينتبه الحمار إلا بعد ان انتهوا من التصفيق , فقال لهم ياحمير لماذا تصفقون؟ .
المسيرات العفوية اليوم والتي ضمت الشبيحة والأمن والجيش وبعض العاهرات , وأطفال المدارس , وحول هذا الاحتفال الكبير تساؤلات كثيرة ومنها :
هي مناسبة لمرور عام على انطلاق الثورة ضد النظام واستمرارها حتى الآن واستخدم النظام كل ماعنده من وسائل القمع والبطش والتدمير , والثورة تقوى وتمتد بينما النظام رصيده المادي والبشري بدأ يضعف وضعف كثيراً جداً , وأصبح هو وعصاباته مجرمي حرب ,في نظر العالم كله وحتى من أصدقائهم , بينما الثورة بدأت تكسب ضمير العالم أجمع , ويزداد التصميم على الاستمرار حتى النصر وهو قادم وفي وقت قريب جداً .
والسؤال لماذا يحتفل المجرم ومساعديه بذكرى انطلاق الثورة ضده , والتي وضعته في خانة أسوأ المجرمين والقتلة ؟
كان العالم ينظر له ودوداً بسيطاً , وهذه الثورة أظهرته غبياً مجرماً شريراً , فالمحتفلون الشبيحة للحيوان الأسد لاينطبق عليهم إلا قول الضابط لجنوده , مع اكتمال الشتائم التي لم أذكرها أعلاه .
إن الذي حصل في سورية ويحصل الآن من سفك للدماء وتهجير وتدمير البيوت وانهيار الدولة بالكامل , وقتل الناس بعضها لبعض وتدمير المؤسسات العسكرية والمدنية , لمواقف تثير السخرية , على غباء كل من خرج في الاحتفال بمرور عام على انطلاق الثورة السورية , لأن ذلك يثبت بالدليل القاطع أن هذه الثورة مستمرة حتى اسقاط هؤلاء الحيوانات المفترسة والكلاب الشاردة والمسعورة .
وإني أسأل هل ترى شعباً يخرج تأييداً لمن دمر بلده وقتل وسفك دماء شعبه ؟
والله حتى الحيوانات لاتفعلها , فلو مر قطيع من الأبقار على مكان ذبحت فيه بقرة واشتموا رائحة دم البقرة المذبوحة , لوجدتهم في حالة غضب ويعلوا خوارهم ليعم المنطقة
والمنطق يقول هنا أن الحيوان لايملك عقلاً ولكن يملك إحساساً , بينما هؤلاء والحمد لله لايملكون لاعقولاً ولا إحساساً .
ولو قارنا احتفالهم الحيواني هذا باحتفال أبطال الثورة بذكرى انطلاق ثورتهم لوجدت المقارنة ظالمة جداً والسبب .
لم يكن يحلم السوريون ولو في الحلم قيام ثورة في سورية , ولكن انتفض الأحرار فيها , واستمروا وسيستمرون حتى تحقيق أهداف الثورة بمشيئة الله تعالى, لأنهم اكتشفوا أن من يحكم سوريا لاينتمي للبشر أبداً وحتى لايملكون احساساً حيوانياً .
لذلك يحق للثوار أن يحتفلوا بذكرى انطلاق ثورتهم رغم المآسي والجراح والدموع , لأن الثورة أوجدت قيماً وأخلاقاً طيبة بين الشعب السوري كانت قد طمثت وتخلقت بخلق هذه المخلوقات الغريبة والتي حكمت البلاد عدة قرون , واكتشفوا بعد كل هذا الزمن ولسان حالهم يقول :
كيف استطعنا الحياة تحت حكم هؤلاء ؟
رحم الله شهداء الثورة , وأسكنهم فسيح جناته , وألهم أهلهم الصبر والسلوان وأن يعوضهم الخير الكبير في الدنيا والآخرة , وأن يشف الله الجرحى , ويهيء للأيتام والثكالى دولة راعية تهتم فيهم وتعوضهم عن جزيء مما فقدوه , والعوض الأعظم سيكون من عند الله تعالى ذو الفضل العظيم .