سقوط الحركات الصوفية بلهيب الثورة السورية
سقوط الحركات الصوفية بلهيب الثورة السورية
معاذ عبد الرحمن الدرويش
تنتشر الجماعات الصوفية انتشاراً كبيراً في سوريا، و هي مختلفة المشارب و التوجهات، إلا أنها في مجملها ليس لها أي أبعاد سياسية ، و تتوحد في طقوسها الخاصة من خلال إقامة حلقات الذكر و استعراض الكرامات التي يتمتع بها الكثير من أفرادها، حيث يقوم المستعرض بضرب بطنه بالسكين أو أن يقوم احدهم بإطلاق عيار ناري من مسدس على نفسه أو أن يرمي نفسه وسط نار ملتهبة أو غير ذلك من الأمور الخارقة للعادة.
و هناك أسماء لمشايخ باتت معروفة سواء على مستوى منطقة معينة ، و تعدى في بعض الأحيان ليتجاوز حدود سوريا واصلاً إلى لبنان و الأردن و العراق ،و وصل عدد المريدين لبعض المشايخ إلى عشرات الآلاف .
يتمتع الشيخ بولاية مطلقة من قبل مريديه و هم ينفذون أوامر الشيخ بتلذذ و يعتبرونه تكريماً و تشريفاً لهم و رفعة لمقامهم الوضيع أمام المقام الرفيع للشيخ الجليل.
و كانوا يعتبرون أنفسهم حاملي راية الإسلام في هذا الزمن الفاسد.
لكن و مع اندلاع ثورة الشعب السوري ،تفرقت شمائلهم و أخفقت راياتهم و غابت كراماتهم . و انطفأت جرأتهم لتتحول إلى جبن منقطع النظير، و كان أكثرهم شجاعة بأن التزم الصمت.
لا نريد أن نقول أن الثورة السورية ثورة إسلامية ،لكي يهب حاملي الراية الإسلامية لنصرتها ، لكن كان حري بهم أن يهبوا بوجه النظام الذي هدم المساجد و منع الصلاة و دنس القرآن و قتل الأبرياء من الأطفال و النساء أن يوخزهم ضميرهم و يتحركوا كما تحرك الناس العاديين على الأقل.
ألا تشكل الأحداث فرصة ثمينة لهم ليستعرضوا كراماتهم و يستنجدوا بمشايخهم و يستقبلوا رصاص هذا النظام على صدورهم التي لا تأبه بالرصاص و يحموا إخوانهم الذين يسقطون شهداء و جرحى في كل ساحات الوطن و على مدار الوقت.
أو على الأقل كان حري بكل شيخ أن يجمع الآلاف من مريديه و يقوم بمظاهرة سلمية تطالب بالحرية و رحيل النظام الظالم.
و لعل الانتشار الكبير لمشايخ الصوفية في مدينة حلب يعتبر أحد الأسباب الرئيسية الخقية لتأخر حلب في اللحاق بركب الثورة حيث أن معظم هؤلاء المشايخ كانوا موالين للنظام و معظمهم أئمة مساجد.
و هنا يأتي جواباً على تساؤل قديم يلاحقنا منذ سنوات :
يعتبر النظام السوري أي نشاط ديني أو أي تجمع بشري من أشد المحرمات لديه و التي لا يتوانى عن اجتثاثها و من جذورها فوراً ، فكيف به سمح لهؤلاء بأن يمارسوا هذه المحرمات مجتمعة بالسر و بالعلن ؟.
الجواب أن النظام الخبيث يعرف حقيقة هذه الحركات و يدرك أنها مجرد حركات جوفاء و يعرف أن هذه الرؤوس إنما هي رؤوس فارغة ، ومن أجل ذلك تركها تتمايل و تلوح على هواها كيفما تشاء .
فيما أنه حارب و قطع الرؤوس المليئة ولم يتوانَ عن قصفها بالأسلحة الثقيلة و الخفيفة ، و الخفية و الظاهرة منذ تسلمه زمام السلطة و حتى هذه اللحظة.