ماذا يريد ثوار سوريا من أصدقاء سوريا؟

ماذا يريد ثوار سوريا

من أصدقاء سوريا؟

د.هشام الشامي

مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية

لو تأملنا في نتيجة الاقتراع الذي حصل ليلة أمس في الجمعية العامة للأمم المتحدة لوجدنا أن أصدقاء النظام السوري هم روسيا و إيران و الصين و كوريا الشمالية و بضعة دول ديكتاتورية شمولية لم يتجاوزوا اثنا عشر دولة بما فيهم النظام الأسدي نفسه ، بينما أصدقاء الشعب السوري مئة و سبع و ثلاثون دولة بما فيهم جميع الدول العربية و الإسلامية ، لكن أصدقاء النظام السوري متورطون بشكل مباشر بدماء السورين و خاصة إيران التي تدعم النظام بالمال و الرجال و المعلومات و المشورات و روسيا التي تدعمه أمنياُ و عسكرياٌ و أممياُ ، بينما أصدقاء الشعب السوري الكثر مازالوا مترددين و خائفين و خجولين في دعم هذا الشعب الثائر الأعزل

بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير الأسبوع الفائت و في اتصال لقناة الجزيرة الإخبارية سُأل صالح الحموي الموجود داخل حماة المحتلة و المحاصرة بالدبابات و المجنزرات العسكرية منذ أشهر ، عن رأيه في قرارات هذا الاجتماع ، و الذي اعتبرت القرارات الصادرة عنه طفرة في مجال العمل الدبلوماسي العربي ، أجاب صالح  الحموي وهو الناطق باسم الهيئة العامة للثورة السورية : نحن نشكر مواقف إخواننا العرب على مواقفهم و إن جاءت متأخرة ، و أقول إن الشعب السوري يحتاج عاجلاً لا آجلاُ لأربع ضرورات و هي :

1-  السلاح

2-  الخبز

3-  الدواء

4-  الأكفان.

فقد أجمع أكثر الثوار في سوريا أنهم لا يرغبون بتدخل دولي عسكري في سوريا ، لأن مثل هذا التدخل له عواقب سيئة على مستقبل سوريا ، و ثوار سوريا قادرون بأنفسهم على تحرير سوريا من عصابات الأسد ، إذا ما تم دعمهم بالسلاح و الذخيرة .

فرغم أن الجيش السوري الحر لا يملك إلا الأسلحة الخفيفة التي انشق بها ، و يجابه كتائب الأسد المدججة بأسلحتها المتوسطة و الثقيلة المتطورة ، فقد استطاع دحرها في أكثر من جبهة ، و لكن ما كان يقصم ظهر الجيش الحر و يجبره على التراجع التكتيكي هو عدم توفر الذخيرة لديه بالكميات المناسبة ، و خصوصاُ أن هذه الذخيرة لم تعد متوفرة في الأسواق السورية المراقبة بدقة ، إضافة إلى ارتفاع ثمنها ، فبينما كانت طلقة البندقية الروسية بأربعين ليرة قبل اندلاع الثورة ، أصبحت اليوم بمائة و خمسين ليرة إضافة لعدم توفرها ، و لعل مشكلة الذخيرة أهم مشكلة ملحة يجب على أصدقاء الشعب السوري علاجها ، أما إذا ما تم تطبيق منطقة عازلة و حظر جوي على أجزاء من سوريا فهذا سيشجع كثيراُ على زيادة وتيرة الانشقاقات عن الجيش الأسدي ، إضافة لإمكانية الانشقاق بالأسلحة المتوسطة و الثقيلة مما سيسرع في سقوط نظام الأسد و سيوفر الكثير من دماء السوريين المهدورة

أما الخبز فسيساعد توفره على صمود الشعب ، الذي خرج يطالب بحريته و كرامته ، و خصوصاً بعد الغلاء الفاحش في الأسعار ، فقد وصل سعر ربطة الخبز – 2 كيلو غرام – لثمانين ليرة و كذلك ثمن كيلو الرز و السكر إلى أكثر من سبعين ليرة  مع عدم توفر هذه المواد الأساسية بشكل كاف في المناطق الساخنة ، و قس على ذلك بقية المواد الغذائية عداك عن ارتفاع أسعار و عدم توفر الغاز و المازوت و بقية المحروقات في شتاء سوريا القارص

أما الدواء فقد أدى شحه  إلى استشهاد الكثير من الجرحى و المصابين بنيران كتائب الأسد حتى و لو كانت إصاباتهم سطحية و بسيطة ، إما بسبب النزف المستمر ، أو بسبب التجرثم و التقيح و عدم توفر المعقمات و المضادات الحيوية المناسبة ، هذا بالإضافة إلى خوف المصابين من العلاج داخل المستشفيات الحكومية  خشية الاعتقال و التصفية من قبل الكتائب الأسدية المجرمة الني تتخذ من المراكز الطبية معقلا لها ، و تفضليهم تلقي العلاج في المستشفيات الميدانية الغير مؤهلة لاستقبال مثل هذه الحالات إن كان من حيث الإمكانيات أو من حيث الكوادر ، أما عن شح حليب الأطفال و شرابات و علاجات الأطفال فذلك وجه آخر للمأساة السورية

و أخر احتياجات الثوار في سوريا هي الأكفان ، فهؤلاء الأبطال الذين خرجوا بصدورهم العارية يواجهون أعتى و أجرم و أظلم و أطغى نظام ألا يستحقون قطعة قماش بيضاء تكفن أجسادهم العارية و هم الذين ضحوا من أجل أن ينعم إخوانهم في سوريا و أبناءهم من بعدهم بالأمن و الأمان و الحرية و الكرامة التي حرمهم منها نظام الأسد على مدى أكثر من أربعة عقود ، بل إنهم ضحوا من أجل إخوانهم و جيرانهم من عرب و مسلمين ، فكم عانى اللبنانيون و الفلسطينيون و الأردنيون و العراقيون و حتى الأتراك و أبناء الخليج من إجرامهم و إرهابهم المباشر أو غير المباشر عن طريق دعمهم  لمنظمات إرهابية محلية و عالمية

لهذا كله يجب على كل الأحرار في العالم الذين خذلوا الشعب السوري المظلوم بعد ما يقارب العام على اندلاع ثورته المباركة ، و لم يفعلوا شيء سوى الكلام و الاستنكار و الإدانة ، إضافة لإحصاء عدد القتلى و المصابين و الأسرى و المهجرين ، و كأن الشعب السوري أصبح مجرد أرقام ليس إلا ، وجب عليهم أن يصحوا قبل فوات الأوان من غفلتهم و ترددهم و يقدموا كل ما يستطيعون من مساعدات مادية و معنوية بالمال و بالعتاد و المعلومات ، و بالإعلام و داخل المنظمات الدولية السياسية والحقوقية و الطبية بما فيها الممرات الآمنة الإنسانية و كل من يتقاعس عن ذلك فهو شريك مباشر مع النظام الأسدي في قتل السوريين

و يبقى الواجب الأكبر في هذا المجال على التجار و الميسورين السوريين داخل الوطن و المغتربين منهم خارج الوطن ، ثم على إخواننا العرب و المسلمين ، ثم على كافة الأحرار في هذا العالم المتحضر المتخاذل 

و يبقى السؤال المطروح بقوة اليوم هو : هل سيتحول أصدقاء سوريا الذين سيجتمعون الأسبوع القادم في تونس الخضراء من الأقوال إلى الأفعال ؟؟!!