بيان مجلس قيادة الثورة في حماة
الذكرى الثلاثون لمأساة العصر
مجازر مدينة حماة عام 1982م
ثلاثون عاماً ، مرت على مجزرة العصر ، مجزرة حماة عام 1982م ، عندما تم تدمير المدينة ، و القيام بأبشع المجازر و الممارسات الهمجية عبر العصور ، من قتل و سحل و تعذيب ، و اغتصاب و تهجير، و انتهاك للحرمات و المقدسات ، بما يندى له جبين الإنسانية ، تاركة أفـظع الآثار النفسية و الاجتماعية ، عند من بقي على قيد الحياة من أهالي المدينة ، في ظل تآمر و تعتيم إعلامي مريب .
و قد استغل النظام الأسدي ، آنذاك ، كما يفعل اليوم ، بعض الأصوات المعارضة في سورية ، سبباً ليضرب بيد من حديد كل المناطق المعارضة له ، صاباً جام حقده على مدينة حماة ، مرتكباً بأهلها جميعاً بلا أي استثناء ، أفظع الجرائم ، مستخدماً آلته العسكرية الوحشية ضد المدنيين العـزل ، مخلفاً وراءه عشرات الآلاف من الشهداء اللذين لم يتم إحصائهم بدقة من قبل أي جهة قانونية ، مستمراً في قمعه لأهالي حماة و اعتبارهم معادين له حتى اليوم .
وكان من نتائج هذه المجزرة ، قيام النظام بضرب كافة القوى الوطنية و شلل الحياة السياسية في سوريا ، زارعاً الفرقة بين مكـونات الشعب السوري الواحد ، فارضاً نظاماً أمنياً استبدادياً قمعياً ، منقطع النظير .
وهنا ، لا بد أن نؤكـد ، أن ما حدث في حماة في الثمانينات ، لم يـنـتـه ، و هـو حق لا يموت بالتقادم ، و نطالب بفتح هذا الملف الدامي للتحقيق فيه ، من قبل المنظمات الحقوقية و القانونية المحلية و العربية و الدولية ، و اعتبار ما حدث ، جرائم حرب ضد الإنسانية ( إبادة جماعية ) و تقديم الجناة إلى العدالة ، لمحاسبتهم بما اقترفت أيديهم من جرائم تشيب لها الولدان .
ومع انطلاق الثورة السورية المباركة ، ولجوء النظام الأسدي لأساليبه الدموية في قمعها ، و انكشاف حقيقة النظام المجرم ، لباقي أبناء الشعب السوري ، شعرت حماة الجريحة بواجبها تجاه الوطن ، بأن لا تسمح لمأساتها أن تتكرر ، و أن لا ينفرد النظام الأسدي المجرم بأية مدينة ، كما حدث في مجازر الثمانينات في حماة ، فهب أهلها ريفاً و مدينة بشجاعة نادرة ، كاسرين جدار الخوف و القمع ، لرد نـداء الـفـزعـة المـنـطلـق من حـوران ، فـكانت المظاهرات المليونية الرائعة في ساحة العاصي ، و تـقـديـم الشهداء بسخاء على طريق الحرية لـنــصرة أهـلهم في سوريا .
وكما في بقية المدن الثائرة ، فقد تعرضت محافظة حماة للحملات العسكرية و الأمنية القمعية ، تلاها اجتياح شرس في شهر رمضان الماضي ، مخلفاً مئات الشهداء و آلاف المعـتـقـلـيـن و الملاحقين ، و قد طالت هذه الحملات جميع مدن و بلدات و قرى المحافظة الثائرة ، و كان للتلاحم الكبير بين أبناء المحافظة ، ريفاً و مدينةً ، أثراً كبيراً على صمود و تطور الحراك الثوري بالمحافظة ، بلغ حداً لم تشهده المحافظات الثائرة الأخرى .
و مع دخول الثورة السورية شهرها الحادي العاشر ، لا تزال محافظة حماة الثائرة ، تعاني من الاحتلال المباشر و تقطيع أوصالها ، و انتشار العصابات الأسدية في جميع أنحائها ، و استمرار النهج القمعي في التعامل مع الأهالي ، لإخماد جذوة الثورة المـتـقـدة ، والتي لن تنطفئ ، إلا بسقوط هذا النظام ، و محاكمة الجناة ، و بناء دولـة العـدالة و المساواة دولـة الحـرية والكرامة لكل أبناء شعبنا السوري .
و نعاهد شهدائنا في السير على طريق الثورة المباركة حتى النصر بإذن الله.