بين خطة النظام وخطة الشعب
محمد زهير الخطيب/ كندا
ما هي خطة النظام السوري؟ خطته واحدة: الكذب، وكسب الوقت، والحل القمعي المدروس الذي لايستدعي التدخل الدولي.
وتطبق هذه الخطة على الجميع، على الشعب السوري والجامعة العربية، والاتراك والروس والاوربيين والاميركان... وكل العالم بشرقه وغربه. ويجب أن تبقى القضية كالكرة ترمى من قدم إلى قدم ومن ملعب إلى ملعب، وفي كل مرة كذب جديد، ووقت جديد وقتل جديد. فالنظام بلا أخلاق، وبلا مستقبل، وغير قابل للتغيير والاصلاح. ولا يتقن غير البطش والقمع.
الآن جاء دور روسيا لتلعب، روسيا تطوعت باعطاء النظام السوري وقتاً جديداً بالفيتو في مجلس الامن، وسيزور وزير خارجيتها سورية بعد أيام لاستكمال اللعب والتضليل، فقد أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس اجهزة الاستخبارات الخارجية الروسية ميخائيل فرادكوف سيتوجهان الى دمشق الثلاثاء السابع من فبراير للقاء الطغمة الحاكمة في دمشق وللمساعدة في إجراء حوار في روسيا مع كافة اطياف المعارضة. حيث سيتم استدعاء المعارضة الهزيلة المسبقة الصنع المصنعة "تحت سقف الوطن" الذي هو سقف النظام الامني وسيحاول النظام في هذا الوقت اجهاض الثورة وتحقيق ما فشل في تحقيقه خلال الاشهر الطويلة الماضية التي قاربت السنة.
ولا يكفي في هذه الزيارة عدم جدية النظام إنما يضاف إليه عدم جدية الروس أيضاً، حيث أن دوافع الروس تتعلق بالمصالح الروسية وبيع الاسلحة والحفاظ على موقعهم في ميناء طرطوس وإرضاء إيران الحليف الطائفي للنظام السوري والظهور كلاعب دولي أمام أميركا بعد تهميش وعزلة دولية، ولتقديم دعاية انتخابية لبوتين في الانتخابات الروسية القريبة والتي يتهمه فيها الغرب بالتلاعب وعدم النزاهة.
أما خطة الشعب السوري فهي:
فبالاضافة إلى إستمرار المظاهرات السلمية الصامدة والمتنامية، أخذ زمام المبادرة بعد تلكؤ وفشل المجتمع الدولي والعمل على زيادة أعداد المنشقين من الجيش والقادرين على القتال من الشعب والتحاقهم بالجيش السوري الحر، ورعاية الجيش الحر تسليحاً وتدريباً وتنظيماً وتأمين مناطق وممرات آمنة له، توثيق عرى الثقة بينه وبين المجلس الوطني وتأمين الدعم المالي والمعنوي والفني واللوجستي له، ومأسسة عمل المجلس الوطني السوري وتأمين الموارد المالية التي توفر المتفرغين له وتنقله من العمل التطوعي إلى العمل المؤسساتي الاختصاصي، فالثورة السورية تحتاج لعمل موسع دؤوب لأنها تواجه نظاماً شرساً استهلك كل امكانيات الدولة لبناء آلة وحشية متفرغة للتشبيح والقتل وحياكة المؤامرات وفبركة الاكاذيب.
روسيا ستراجع نفسها مرة أخرى بعد عدة أسابيع عندما ترى حقائق جديدة على الارض السورية وترى أن النظام يترنح تحت ضربات الجيش الحر ويتآكل تحت وطأة الانهيار الاقتصادي، عندها ستجد أنه لا مصلحة لها بانقاذ نظام مفلس انتهت صلاحيته، عندها ستسعى راكضة لتلملم بعض المصالح من هنا وهناك. ولكن يبدو أن أحداً لا ينوي أن يقدم شيئاً للروس لعدم وجود موارد اقتصادية كبيرة في سورية كالبترول ولعدم شعور الغرب بأن هناك ما يستأهل تقديم أي شيء لروسيا فهي ستأتي صاغرة في الوقت المناسب، الفرق الوحيد عندها أن الشعب السوري سيكون هو صاحب الكلمة آنذاك، والجميع سيتعاملون مع المنتصر الجديد ويمدون له يد العون لكسب صداقته بعد أن أثبت جدارته وأوشك ان يحقق نصره بيده.
دعونا لا نضيع وقتاً، النصر يحتاج للمجلس الوطني والجيش الحر، ويحتاج للمال والثقة، ويحتج لعمل سياسي دؤوب لاحتلال مواقع جديدة كل يوم ولكسب أنصار جدد في كل لحظة، وأن يكون الموقف التونسي نموذجاً لباقي الدول الصديقة، الاعتراف الكامل بالمجلس الوطني السوري وتقديم الدعم المالي والمعنوي له، وطرد سفراء النظام السوري وسحب السفراء من دمشق.
بضع أسابيع ويكون الشعب السوري يرسم مستقبله والعالم كله يبحث عن صداقته لانه المنتصر وصاحب الكلمة في مستقبل سورية بل ومساهما ايجابياً في مستقبل الشرق الاوسط الذي سيكون مستقبلاً مشرقاً مبني على الحرية والديمقراطية وحسن الجوار والالتفات إلى التنمية والتطور بدل الصراعات الاقليمية والاغتيالات السياسية والابتزاز والمؤامرات الضيقة التي مارسها النظام السوري لعقود مع جيرانه.
بعد خروج القضية من مجلس الامن هناك إمكانية للتحرك السياسي باتجاه الجمعية العمومية للامم المتحدة، حيث لا يوجد فيتو في الجمعية العامة والاكثرية المطلوبة مؤمنة هناك، فقد أدانت لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ فترة قريبة حملة القمع التي تشنها الحكومة السورية ضد المحتجين، وذلك في تصعيد للضغوط الدولية على النظام وجاءت الإدانة في قرار حصل على 122 صوتا مقابل 13 صوتا، وامتناع 41 عن التصويت.ويقول القرار إن (اللجنة تدين بشدة استمرار الانتهاكات الخطيرة والمنظمة لحقوق الإنسان من جانب السلطات السورية مثل الإعدامات التعسفية والاستخدام المفرط للقوة واضطهاد وقتل المدنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتدين أيضا الاعتقال التعسفي وحالات الاختفاء القسري والتعذيب وإساءة معاملة المعتقلين بمن فيهم الأطفال، وتطالب بنهاية فورية لمثل هذه الانتهاكات) ولم يحمل القرارا السابق تبعات قانونية في ذلك الوقت، ولكنه يمكن أن يكون الآن بداية لتشكيل تحالف دولي للدول الصديقة للشعب السوري ويمكن أن تلعب تركيا وبعض الدول العربية دوراً رئيسياً فيه. وهناك شواهد على مثل هذه الحالة مثل القضية الكورية اواسط القرن الماضي التي تحولت من مجلس الامن إلى الجمعية العمومية بعد فيتو روسي.
وخلال تبلور هذا السيناريو قد تحصل بعض المفاجئات الممكنة مثل أن ينهار النظام فجأة نتيجة تمزق حلقته الصغرى المتمثلة في اسرة الاسد وأقاربها بحيث يؤْثرُ بعضهم الهرب –كما هرب بن علي- فتصيبهم العدوى ويفرط العقد، أو أن تتفاقم الازمة الاقتصادية فينخفض سعر الليرة السورية إلى الحضيض ويفشل النظام في دفع الرواتب للجيش والامن والشبيحة فيصبح حالهم كالقائل "انج سعد فقد هلك سعيد" والايام حبلى بكل جديد، وما من مُشاهدٍ لتطور أحداث الثورة السورية إلا ويجزم بان بشائر الصبح باتت تلوح من وراء التلال، ولو كان الناس يعلمون الغيب لاستكثروا من الخير وما مسهم السوء، ولكنها أيام ويأتيك بالاخبار من لم تزود.