لمحة تاريخية

م. عبد الستار عبود

م. عبد الستار عبود

لابد من لمحة تاريخية تضع خلفية لمشهد الصراع على ساحة البلاد الإسلامية عامة وفي ما يسمى الشرق الأوسط خاصة وفي العراق وبلاد الشام الأكثر خصوصية , فمشهد الصراع له محورين رئيسيين 

1 - بين الإسلام دين الله الذي ختم شرائعه وارتضاه للبشرية منهج هداية إلى قيام الساعة وبين مناهج الضلال التي تريد تعبيد البشر للنار والجان والحجر والشجر أو مبطن مثل أحبار ورهبان من مسخوا دينهم من عبادة الله إلى عبادة سلطانهم بالشراكة مع طغاة زمانهم

2 - ومحور آخر يتمثل  بالطواغيت مدعي الربوبية بشكل صريح  مثل طواغيت الفرس والرومان والذين لا هم لهم إلا استعباد شعوبهم وتسخيرهم لمد رقعة حكمهم على المنطقة المحيطة بهم لينهبوا خيراتها ويستعبدوا أهلها ويمصوا دماءهم أو الطواغيت الأصغر مثل أبي جهل وأبي لهب وأمية بن خلف وأشباههم.

جاء الإسلام الذي يحرر العقول والأنفس و الأموال ويصدع جبين الباطل ويصرعه ليقيم دولة الحرية والعدل , لقد انتصر الإسلام على الباطل في جزيرة العرب وحرر العرب وقاد بهم أروع وأنصع حرب تحريرية دحرت المترببين وكهانهم  ليمد ظلال العدل والحرية لينعم بها غيرهم كما نعموا هم بها.

لقد خلفت هذه المعركة أشلاء هنا وهناك كان أكثرها خزياً ومهانة أشلاء عباد النار من المجوس وأشلاء اليهود لكن الفتح الإسلامي لم يحول الروم إلى أشلاء كما فعل بالمجوس واليهود , وطبعاً كل ذلك بقدر وحكمة من الله .

بدأ المكر بتآمر من بقايا المجوس وهزائم اليهود على الدولة الإسلامية الوليدة بالأحداث التي كثر الحديث عنها وتفصيلها  ولاحاجة لتفصيلها هنا لكن يحسن ذكر أنها خلفت حلفاً عميقاً بين هاتين الفئتين فقط خاصة مع وجود عداء تاريخي سياسي وعقدي بين المجوس والنصارى وعداء عقدي بين اليهود والنصارى مع وجود مجازر وحمامات دم بينهم لحقبة طويلة من التاريخ

تميز الصراع بين فلول المجوس واليهود مع المسلمين بالتآمر والفتن وبث الأفكار الهدامة للعقيدة والقيم الفكرية والثقافية مستخدمين طوابير من المنافقين يتدثرون , كذباً, إما بالتحزب لآل البيت أو بالفلسفة وحكمة الإغريق والهند وغيرها........ بينما تميز الصراع بين المسلمين والرومان بالكر والفر المكشوف على الأرض مع بعض الإستثناءات ربما القليلة لأشكال مشابهة لمكر الحلف المجوسي اليهودي , لكن حسب إطلاعي فإنه لم يصدر من المواطنين النصارى في البلاد الإسلامية ما يخدش وطنيتهم إلى أن جاءت الحروب الإستعمارية ونبش المستعمرين لورقة النصارى ومحاولتهم جرهم للتعاون معهم , وكما أقرأ ولا أدعي الخبرة في هذا الموضوع , أن كثير من النصارى العرب لم يستجيبوا لهذا الإستجرار لكن بعضهم قد استجر فعلاً وأصبح طابوراً داخلياً مضاداً لتوجهات أبناء وطنهم من المسلمين

التاريخ الحديث يبدأ من القرن الثامن عشر الذي تميز ببدء النهضة في أوربا مصاحبا للإنحدار الشديد للعالم الإسلامي  والغزو الصليبي ( الإستعماري ) الجديد الذي بدأ بغزو الأطراف مع ضربات متلاحقة إلى القلب في نفس الوقت تغلغل اليهود ضمن الجسم الصليبي بمعارك من نوع آخر انتهت بسيطرتهم شبه الكاملة على شرايين وأوردة ومراكز القرار في العالم الغربي توج بإنشاء الدولة المسخ وزرع ودعم هذا الدمل الوسخ في وسط العالم الإسلامي

لقد صاحب الغزو العسكري غزو فكري تمثل بالعلمانية والليبرالية , بالمفهوم الغربي الذي يعتقد أنه صناعة يهودية, إنسحب الإستعمار المكشوف في منتصف القرن العشرين مخلفاً لنا استعمارين وخنجر واحد إقتصادي وآخر طابور من العملاء بعضهم عميل كامل الخيانة وآخرين كثيرين لا يدرون أنهم عملاء ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً والخنجر هو إسرائيل  . 

عاد الحلف الحاقد النجس بين اليهود والمجوس إلى الظهور بقوة وساق اليهودُ الصليبيينَ [ إنتبه إلى التشكيل لتعرف السائق من المسوق] إلى مشروعهم  , وأظن ذلك لإستخدامهم كبغال حمولة وانفراد الحلف الثنائي إلى حين , إلى أن يغدر اليهود بالمجوس ويسحبوا الكراسي من تحتهم , 

كل هذا يفسر لنا أحداث المنطقة والتصرف اللاإنساني القذر للمجوس الذين مارسوا أقذر الجرائم على الشعب العراقي  ثم يمارسونها الآن على الشعب السوري مع السكوت المريب للعالم , مع التذكير أنهم مارسوها من قبل ولا يزالون يمارسونها على الشعب الإيراني.