الإخوان وحق المواطنة

عزة الدمرداش

[email protected]

و من التهم التي قد يشوش بها المتشدقون : دعوى أن الإخوان متعصبون ضد الأقليات الدينية ، و أنهم لا يعطونهم حق المواطنة، و لا يبدأنهم بالسلام ، ونقول لهؤلاء لا شك أن الإسلام أقر تعدد الأديان و جعل ذلك واقعا بمشيئة الله تعالى، و لو شاء لجمع الناس على الهدى و مع هذا جعل الإسلام لليهود و النصارى منزلة خاصة و سماهما (أهل الكتاب) أي التوراة والإنجيل فهم أهل دين سماوي في الأصل فقد أباح الإسلام مؤاكلتهم و مصاهرتهم حين قال القرآن (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) المائدة5 و أعتبر النصارى أقرب مودة للمسلمين من اليهود الذين وقفوا للأسف موقف العداوة للدعوة الإسلامية و لنبيها صلى الله عليه و سلم .وكان الأستاذ البنا رحمة الله يعي تعاليم الإسلام جيدا في ذلك و يتعامل مع الأقباط بروح التسامح الإسلامي الأصيل الذي يصدر عن عقيدة لا عن نفاق سياسي . و لقد كان في اللجنة السياسية للإخوان بعض الأقباط المعروفين من رجال السياسة المحنكين. و يكفي أن يذكر د. يوسف القرضاوي في كتابه الإخوان المسلمون سبعون عاما من الدعوة و الجهاد) بأن الأستاذ لويس فانوس من زعماء الأقباط كان من الزبائن المستديمين لدرس الثلاثاء الذي يلقيه الأمام البنا و كانت بينهما صداقة وطيدة ، و إن الإمام البنا عندما تقدم مرشحا لانتخابات البرلمان كان وكيله الذي يمثله في مقر إحدى اللجان الانتخابية رجلا قبطيا و يذكر أيضا أن توفيق غالي من أقباط مصر رد على مقالات لسلامة موسى في عهد الإمام البنا اتهم فيها موسى الإخوان بأنهم يثيرون الفتن الطائفية ، فقال توفيق غالي في رده:( إني أعترف بأنهم –الإخوان المسلمين- أشرف الجماعات مقصدا وأنبلهم خلقا، و لن أقدم دليلا إلا أن شعبتهم يجاورها المسيحيون في كل جانب، و مع ذلك لم نرى فيهم إلا كل أدب و تقدير لإخوانهم المسيحيين). و لم تتوقف هذه السياسة بعد استشهاد الإمام البنا بل التزم بها الإخوان المسلمون دينا و أصلا ، فكان مرشدوه الأمناء حسن الهضيبي ، و عمر النلمساني و محمد حامد أبو النصر على نفس السياسة و المنوال إلى الآن. و في حديث إلى جريدة الحياة 24يناير 1996:أن العلاقة بين الإخوان و الأقباط طيبة جدا منذ أيام البنا و كانت هناك لجنة سياسية في عهد المرشد الأول ممثل فيها أقباط و لم تحدث طوال تاريخ الجماعة خلافات بيننا و بينهم. و المصريون مازالوا يذكرون دور الإخوان في احتواء الفتنة الطائفية التي فجرت في حي الزاوية الحمراء . و في حديث أخر للشرق الأوسط 16يوليو 1996 ،إذا كان هناك أقباط يوافقون على برنامج الإخوان الإسلامي و يتقبلون مبدأ الإسلام هو الحل فلم لا نقبلهم معنا .

والادعاء بأن سيادة النظام الإسلامي فيه إرغام لغبر المسلمين على ما يخالف دينهم ادعاء غير صحيح ،فالإسلام ذو شعب أربعة عقيدة ، و عبادة ، وأخلاق ، و شريعة فأما العقيدة و العبادة فلا يفرضهما  الإسلام على أحد. و في ذلك نزلت آيتان صريحتان أحداهما مكية و الأخرى مدنية في الأولى يقول تعالى ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) يونس 39و في الثانية يقول سبحانه وتعالى في أسلوب حازم  ( لا إكراه في الدين ) إذن فكيف يكون هذا حكم الإسلام الرباني الأخلاقي الإنساني و مصدر خوف و إزعاج لصاحب دين يؤمن بالله و رسوله و اليوم الأخر ؟ على حين لا يزعجهم حكم لا ديني علماني يحتقر الأديان جميعا و لا يسمح بوجودها إلا في ركن ضيق من أركان الحياة ؟ إذن من الخير للمسيحي المخلص أن يقبل حكم الإسلام و نظامه للحياة فهي أقرب للمثل العليا التي جاءت بها المسيحية من القوانين الأجنبية ،فالمسلم يتقبل الشريعة على إنها دين و انقياد لله ، و غير المسلم يتقبلها على إنها قانون و نظام شأنه شأن سائر الأنظمة و القوانين .

و من أجل ذلك وجب علينا التوضيح و البيان حتى لا تلتبس الأمور و تفهم الحقائق على غير وجهها و يضربوا أبناء الأمة الواحدة بعضهم ببعض و هم المستفيدون أولا و أخيرا .