النظام السوري.. من التشبيح إلى التفجير
جعفر عبد الله الوردي
تنتقل الأزمة السورية إلى مفترق عظيم وخطير، يقوده ويوجهه النظام السوري المجرم، حيث كان ابتداؤه من القمع الأمني ثم إلى التشبيح وبعدها تطورت إلى العصابات المسلحة والأخوان المسلمين والجماعات الأصولية وإقامة الأمارات السلفية، وأسند كل تهمة إلى جهة مناسبة، وبقي في أشهره التسعة المنقضية على هذه الحالة..
ولما لم يجد الأمر نفعا وبقي المجتمع الدولي مؤكدا على كذب النظام السوري وأنه هو من يفتعل كل هذه الأسماء والألقاب حتى يحافظ على نصيبه من الاستفراد بالحكم، لجأ مؤخرا -النظام السوري- إلى افتعال التفجيرات والتخطيط لها بشكل منظم، وجهز التهم والمتهمين لذلك حتى يؤكد صدق حجته ودعواه.
كان أول تفجير خطط له هو تفجير كفرسوسة بدمشق حيث تزامن مع قدوم بعثة المراقبين العرب، ليشغلهم النظام السوري عن قمع المظاهرات في المدن الأخرى، واستطاع أن يراهن على تلك الجمعة برِهان مفلس حيث عامل الوقت لم يضح نافعا له بل معكوسا عليه، فكلما طال الوقت تشعبت الأمور واستفحلت الأزمة في السوء وعدم الانفراج.
والمماطلة بعامل الوقت ليس من صالحه بتاتا خلافا لمن يرى ذلك من الناشطين، فالوقت يغدره ويقلب موازينه كلما طال عليه، وليس العكس.
لعبة التفجيرات ينظمها الأمن السوري الآن ويعد لها جيدا، وهذا ما توقعه بعض السياسيين القارئين للحدث السوري، حيث أكد غير واحد عن إنها مرحلة جديدة بدأها النظام السوري بعد إفلاسه بتسليط الشبيحة والمرتزقة لقمع المتظاهرين العزل في الشارع السوري.
ويأتي التفجير الثاني في دمشق أيضا التي تشهد حراكا مناهضا للأسد وزمرته، وبحي عُرف عنه أنه من أول الثائرين منذ بدأ الأزمة السورية وهو حي الميدان بوسط دمشق، وتتزامن عوامل الانفجار زمانا ومكانا، حيث الحي الثائر وحيث يوم الجمعة الذي هو بوصلة الحراك والتظاهر السوري..
ولم يفتأ حي الميدان كما في كل جمعة عن التظاهر والمطالبة بإسقاط النظام الدموي الأسدي، ورحيله ورموزه الفاسدة..
هذين الانفجارين على أن الإعلام السوري يجيش الرأي العاطفي ضد المتظاهرين إلا أنه لم يفلح يوما بإقناع العقل والمنطق بأي حدث أو خبر يأتي به، فالانفجار ليس من مصلحة أحد في ذلك المكان وهذا التوقيت إلا من مصلحة النظام نفسه، فلا يعقل أن يفجر متظاهر نفسه بين أخوته وفي حييه..!
لذلك كان حري بكل سوري وفي كل المناطق المنتفضة أن يخشى من هذه اللعبة الجديدة من هذا النظام الأسدي المجرم الذي لا يراهن إلا على بقاء ذوات محددة ويضحي بالكل بعضه ببعض، حتى بأبناء طائفته وجلدته..
عليهم أن يراعوا جيدا هذا التحول الخطير حيث لا نستبعد أبدا ، بل نتوقع أن يسير سيناريو التفجير في مدن أخرى كحلب مثلا وغيرها، حتى يرهبوا الأهالي بذلك ويضربوا –كما يحسبون- بيد وحشية لإسكات هذا الشارع الثائر، لكن ذلك صعب المنال على هذا النظام، ومتعسر الإدراك..