رسالة إلى الشعب السوري

د. محمد سعيد حوى

﴿ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ، لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ ﴾ [الأنفال:7- 8].

﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 128-129].

﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص: 5-6].

﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ [الأحزاب: 33].

﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ، وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ القَوْمِ الكَافِرِينَ ﴾  [يونس :84-86].

أبها الشعب السوري العظيم: قمت بثورتك العظيمة بقرار حر وطني شريف....، لم تستشيروا فيه أحداً من الناس ولم تسأذنوا فيه أحداً،  ولم يكن وراء ثورتكم لا حزب ولا سياسي ولامدع لمعارضة لا في الداخل ولا في الخارج ولم يكن لواحد منكم مصدر يتلقى منه لا إقليمياً ولا عربياً ولا دولياً ؛ بل كانت ثورة حرة ذاتية وطنية ثرتم فيها على الطغيان والاستبداد والفساد والقتل وانتهاك كرامة الشعوب وسلب مقدراتها وارتهان إرادتها والمتاجرة بالأوطان تحت ستار الشعارات ، ثرتم ولم يكن يتوقع كثيرون أن تثوروا لما يعرفون من شدة القمع والفتك الذي ستواجهون به  ، ثرتم وكسرتم جدار الخوف وكسرتم القيود والأغلال وضربتم أروع الأمثلة في البطولة والتضحية والفداء ، ثرتم ولم تكونوا تستجدوا نصراً من أحد ، ثرتم متوكلين على الله وحده مؤمنين بقضيتكم ، اعلنتموها ثورة سلمية شعبية وطنية ، هكذا كان شأنكم وهكذا سيبقى ، ولكننا لا بد أن نضع بعض النقاط على الحروف فنقول : إن العالم كله يعرف من هو الشعب السوري في وطنيته وإبائه وعطائه وأثره التاريخي ، وإن العالم يعرف أنه إذا تحرر هذا الشعب من هذه الطواغيت فإن ذلك يعني بداية النهوض الحضاري للأمة ككل ، وأن ذلك بداية التحرير لفلسطين ، وهم يعرفون أيضاً ماذا قدمتم من قبل للعالم وللإنسانية في النضال والشموخ والعلم والسياسة ، فلذا لا نستغرب أن نرى أن الجميع يتآمر على هذا الشعب متبعين سياسة (دعهم يقتل بعضهم بعضاً) (دعهم يحطم بعضهم بعضاً) إتهم يتمتعون بان يروا الدم السوري العزيز يسيل غزيراً ، ثم يذروا الرماد في العيون بتصريحات هاهنا وهاهنا وإجراءات ومهل وبعثات ومراقبين ؛ ليمكنوا للطاغية أكثر وليزداد سفك الدم السوري أكثر ، وليحولوا سورية إلى بلد كل شيء فيها محطم فلا تقوم له قائمة ، لو أن عشر هذه الدماء التي سالت في سوريا قد سالت في أي بلد آخر لوجدت العالم ينتفض كله ، لكنهم لا يريدون لشعبنا في سورية أن يتحرر، ومع ذلك نجد القوى الخارجية تتبع سياسة إعلامية خبيثة تظهر حرصها على الشعب السوري وتوهم أن لها يداً  في دعم هذه الثورة وما تريد من ذلك إلا تشويهها وتشويه نقائها وتقديم أدلة للنظام يستخدمها ضد الثورة ، ثم لعلهم يركبوا موجتها ويؤثروا فيها وتعبث أصابعهم في مصيرها ومستقبل سوريا كله ، ثم إذا نظرنا في هؤلاء الذي يعلنون عن أنفسهم أنهم سياسيون معارضون سواء من الداخل أو الخارج نجدهم في حقيقتهم لا يمثلون إلا أنفسهم ويريدون أن يركبوا موجة هذه الثورة ويدعون تمثيلها واكثرهم لو بحثت  في حقائقهم لا تأتمنهم على شيء ؛ فليس أمام الشعب السوري من خيار إلا أن يمضي في ثورته حرة .... شعبية..... وطنية ....بعيداً عن كل ما يحاول البعض أن يستجرهم إليه من طائفية أو عسكرة ،وبأيديكم من الأسلحة السلمية بدأً من المظاهرات إلى عصيان مدني  ما يكون سبباً في تغيير جذري شامل بإذن الله ، ولا بد أن يكون هذا التغيير داخلياً صرفاً وجذرياً وشاملاُ، حتى لا يكون لأي أحد ممن كان جزأً من النظام السائد -الذي سيصبح بائداً بإذن الله- ولا لأحد ممن كان يقدموا الدعاوي العريضة بلا فعل ، ولا لأولئك الذين يمسكون العصى من الوسط - حتى لا يكون لأحد منهم أي يد في حاضر أو مستقبل سوريا  ، فضلاً عن أن يكون لأي جهة خارجية أي يد أو تأثير ، وهنا لا بد لكل فرد من أفراد الجيش السوري أن يكون له كلمته وموقفه التي يرضي الله بها ويسجلها له التاريخ أولاً في رفض توجيه بنادقه نحو الشعب ، وثانياً : في حماية هذه الثورة وإيصالها إلى بر الأمان ، ألا من رجل رضع حليب أمه في ليلة بدرية نورانية يحمل مشعل التحرير في هذا الجيش العربي السوري ، ولا بد لجميع أولئك الذين لهم  مواقعهم داخل النظام من دبلوماسيين وموظفين أن تكون لهم كلمتهم الحاسمه  وموقفهم الوطني الصارم قبل فوات الأوان...، ولابد للعلماء أن يقفوا الموقف الذي يرضي الله وينصر الحق والشعب .

أيها الشعب السوري : إن القراءة السياسية الواضحة وبعيداً عن كل العواطف تؤكد أن القوى الخارجية قررت أن تترك هذا الشعب السوري ليسفك دمه على مذبح الحرية من غير أن يكون منهم أي عون حقيقي ، بل لا يريدون له أن يخرج من ازمته ، ويسعون إلى أن تتحول الأوضاع إلى حرب طائفية ضروس تحرق الأخضر واليابس خدمة للمشروع الصهيوني وحلفائه ، إن على الشعب السوري أن يقود ثورته وقد اتضحت روئيته ووجهته وتحررت ارادته واستعد لكل تضحية في صفاء إيماني ووطني ، إنه لربما خالج بعضنا شعور بالرغبة في أن نرى حملة انقاذ لشعبنا من الخارج ، أو قرارات تحمل في طياتها حماية دولية ، فلا بد أن نعيد حساباتنا ونتوكل على الله وحده من جديد مستذكرين أنه ( وما النصر إلا من عند الله) ﴿ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ، لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ ﴾ [الأنفال:7- 8].

﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ [الأحزاب: 33].

﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ، وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ القَوْمِ الكَافِرِينَ ﴾  [يونس :84-86].

  ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 128-129]

﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص: 5-6]