بدء إضراب الكرامة
ومؤتمر للمجلس الوطني في تونس
مع بداية الأسبوع المنصرم بدأ إضراب الكرامة الذي دعت له تنسيقيات الثورة السورية والمجلس الوطني السوري بسلسلة فعاليات احتجاجية وتستمر حتى نهاية العام تهدف للتأكيد على سلمية الحراك الثوري وتنتهي بالعصيان المدني الشامل. الإضراب الذي قابلته قوى الأمن و الشبيحة بحملات عنيفة ضد المواطنين ما بين اعتقالات ومداهمات وإطلاق رصاص مما تسبب في زيادة عدد الشهداء خلال الأسبوع المنصرم، كما ذكر الناشطون مرور قوات الأمن و الشبيحة على محلات ومنازل التجار وأصحاب المحلات في دمشق واللاذقية وحماة وإجبارهم على توقيع تعهدات بعدم الاستجابة لإضراب الكرامة وإغلاق المحّال التجارية.
الاستجابة للإضراب كانت واسعة حيث شملت غالبية مناطق حمص ودرعا و إدلب وريف دمشق، ففي حمص لوحظ غياب شبه كامل لمظاهر الحياة بالمدينة سوى بعض شاحنات النقل على الطريق الدولي، وشق صمت الإضراب إطلاق كثيف للنار صوب أحياء بابا عمرو وتلبيسة وإحراق عدد من المنازل والمدارس، أما في درعا فأجبرت قوات النظام أصحاب بعض المتاجر على فتح محلاتهم وقامت بتكسير ونهب وحرق المستجيبين للإضراب. وفي ريف حلب وصلت نسبة الإضراب إلى ما يقارب 90٪ وشهدت مظاهرات حاشدة بالمدينة والريف كما شهدت حملة اعتقالات واسعة.
كما شهدت سوريا الأسبوع المنصرم انتخابات لمجالس البلدية في المحافظات، الأمر الذي لاقى معارضة واسعة ومقاطعة من قبل السكان، ومشاركة البعض بوضع كلمات داعية لرحيل النظام، أو أسماء شهداء ومعتقلين كمرشحين في حملة دعا إليها ثوار في مختلف المحافظات السورية.
كما شهدت مظاهرات حاشدة في البلاد في ظل استمرار حملة القمع والتنكيل التي تواجه بها الحكومة المحتجين والتي أسفرت عما يزيد عن مائتي شهيد من بينهم أطفال ونساء، إضافة إلى مئات المعتقلين الذين تم اعتقالهم خلال الأسبوع، فقد شهد ريف دمشق تكسير وسرقة محتويات عشرات من المحلات التجارية من قبل الأمن في محاولة لفك الإضراب مما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء، كما قامت قوات الأمن بقصف منازل في حي الحمدانية وقامت بمنع التجول ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى المصابين، وفي إدلب تعرضت بعض المنازل للمداهمة، كما تم اقتحام بعض الأحياء وإطلاق الرصاص العشوائي وسط استنفار أمني كثيف، وشهدت عدة أحياء من حمص قصفاً عنيفاً بقنابل الآر بي جي والهاون، وفي دمشق استمرت الاعتقالات وإعمال العنف لتطال طلاب المدارس والجامعات، وفي حوران اقتحمت قوات النظام و الشبيحة قرية إزرع بأكثر من 100 دبابة، ووُصفت الحالة الإنسانية داخل المدينة صعبة جداً حسب ناشطين.
يوم الجمعة الذي أُطلق عليه "جمعة الجامعة العربية تقتلنا" في دلالة على السخط الواضح تجاه المُهل التي تقدمها الجامعة العربية للنظام السوري خرجت المظاهرات في غالبية المدن والمحافظات سورية في أكثر من 360 نقطة تظاهر في البلاد منددة ومطالبة بإسقاط النظام وفقدان شرعيته.
محافظة حمص التي باتت تعرف بعاصمة الثورة تعرضت لانفجارات وإطلاق للنار في أحيائها، أما في حلب فقد خرجت العديد من بلداتها وقراها وأحيائها بمظاهرات حاشدة من عندان وحريتان والأتارب والحمدانية والصاخور، وفي دمشق استشهد شاب من حي الصالحية وخرجت عدة مظاهرات من دمشق ومن ريفها الذي منعت قوات الأمن أهاليه من الخروج إلى المساجد في دوما وحرستا وغيرها مع انتشار لحواجز الأمنية بشكل واضح جداً، وفي درعا وبانياس واللاذقية ودير الزور خرجت عدة مظاهرات رغم الانتشار الواسع للقناصة على أسطح الأبنية.
في غضون ذلك قالت الهيئة العامة للثورة السورية في تقرير عن الأحداث التي رافقت المهل العربية الممنوحة للنظام، إن 771 قتيلا، من بينهم (81 تحت التعذيب) و55 طفلا و33 امرأة سقطوا في حمص وحدها، وأضافت أنه خلال تلك المهل وقعت أكثر من خمس "مجازر دموية" "كمجزرة القصير" و"مجزرة الرستن" و"مجزرة البياضة" و"مجزرة حي الزهراء" التي تعد أكثر المجازر دموية.
وفي استمرار قوات الأمن باستهداف الأطفال والنساء سقط الأحد في حي الميدان بوسط العاصمة دمشق طفلتين برصاص الأمن و الشبيحة هما الطفلة هالة المنجد(9 سنوات)، والطفلة هبة ديراني (13 سنة)، حيث كانتا في طريق عودتهما من المدرسة.
من جهة أخرى ذكرت مصادر أن مئات المنشقين فيما بات يعرف بالجيش السوري الحر اشتبكوا مع قوات حكومية مدعومة بالدبابات قرب بلدة بصرى الحرير، وقام المنشقين بإحراق ثلاث دبابات خلال الاشتباكات. وذكر ناشطون أن اشتباكات عدة وقعت بين عدد من المنشقين وعناصر أمنية في درعا أسفرت عن مقتل 27 من قوات الأمن و الشبيحة، كما ذكر ناشطون أن سبعة من عناصر الأمن قتلوا في اشتباكات مع منشقين في إدلب، وفي إحدى أكبر الانشقاقات في الجيش السوري أعلنت فرقة كاملة انشقاقها مع كامل عتادها في جبل الزاوية بمحافظة إدلب وتشكيل كتيبة شهداء جبل الزاوية لتنضم للجيش السوري الحر.
وعلى صعيد المعارضة، عقد المجلس الوطني السوري - الذي بات يعتبر المظلة الممثلة للشعب السوري - أول اجتماع عام له في تونس منذ تأسيسه في أواخر أيلول/ سبتمبر المنصرم بحضور ما يزيد من 200 من أعضائه، اللقاء الذي افتتحه الرئيس التونسي المنتخب مؤخراً منصف المرزوقي يستمر لمدة ثلاثة أيام يسعى للخروج برؤية للمرحلة القادمة في ظل التغيرات التي طرأت منذ تكوينه.
على الصعيد الدولي قال وزير الخارجية الايطالي: سوريا ليست ليبيا جديدة، فما تم القيام به في ليبيا لا يجب بالضرورة أن يتكرر أيضا في سوريا،، كما صرح في مؤتمر صحافي جمعه ورئيس المجلس الوطني السوري بعد محادثات عقدها مع الأخير في روما إن ايطاليا ستبذل ما بوسعها من اجل العمل مع الأمم المتحدة حتى يتم توضيح الطرح المتعلق بالضغط الاقتصادي، وفي سياق متصل أعلن وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه أن سوريا تقف بلا شك وراء التفجير الذي استهدف الجمعة جنوداً فرنسيين يشاركون في القوة التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، إلا انه أوضح أن لا دليل لديه على هذا الأمر، وقال إن الوقت بدأ ينفد بالنسبة للنظام الحاكم في سورية، كما صرح المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو ان فرنسا "تعرب عن القلق العميق إزاء المعلومات التي تشير إلى استعداد قوات الأمن السورية لشن هجوم عسكري على مدينة حمص".
من جانبه عبّرت الولايات المتحدة وبريطانيا عن قلقهما العميق من استعدادات نظام الرئيس بشار الأسد لشن هجوم واسع النطاق على مدينة حمص، ودعت الحكومة البريطانية دمشق إلى سحب فوري لقواتها من حمص، واصفة العنف الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الأسد إزاء المتظاهرين بأنه غير مقبول، وقال وزير الخارجية التركي إن بلاده لا ترغب في التدخل في الشأن الداخلي السوري، إلا أنها "لن تقف ساكنة إذا تعرض الأمن الإقليمي في المنطقة إلى الخطر". وأوضح أوغلو إن لدى تركية "المسؤولية" و"السلطة" لأن تقول لدمشق "كفى" إذا تعرض أمن تركيا إلى الخطر بسبب احتدام الأزمة الداخلية التي أجبرت الآلاف على اللجوء إلى أراضيها، وكانت أعلنت الأمم المتحدة في وقت سابق ارتفاع عدد القتلى المدنيين في سورية إلى 5 آلاف شخص منذ بدء الانتفاضة في مارس (آذار) الماضي.
وفي ذات السياق قال وزير الخارجية النمساوي إن الرئيس السوري يجب أن يتنحى عن السلطة على الفور ويُحاسب على أي انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبت أثناء قمع المتظاهرين في سورية، مشيراً إلى أن النظام السوري فقد كل شرعية. وعلق الوزير النمساوي على تصريحات بشار الأسد الأخيرة معتبراً أن الأسد إما إنه ساخر أو واهم، وأضاف الوزير في بيان بعد اجتماعه برئيس المجلس الوطني السوري في فيينا، أن النمسا وبصفتها عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مسئولة عن المساعدة في إلقاء الضوء على "فظائع النظام" وضمان محاكمته على مستوى دولي.
عربياً دعا رئيس الاستخبارات السعودية دمشق إلى التعاون مع جامعة الدول العربية لمعالجة الأزمة، وحذّر من إضاعة الفرص وعدم التعاون مع الجهود العربية، كما قال في تصريح له "نحن لا نريد التدويل، ولا نريد أن تدفعنا دمشق إليه، لأنه سيأخذ الأمور إلى منحنى آخر، ولن تبقى تحت سيطرة أو اختيار دمشق"، من جانبه قال وزير الخارجية الجزائري إنه ينبغي إعطاء فرصة كاملة للمبادرة العربية لحل الأزمة السورية لإحداث تغيير في السلطة عبر الحوار بين الحكومة والمعارضة وتجنب حرب أهلية، وقال أمام البرلمان الفرنسي "تمثل سوريا قلقا بالغا للدول العربية... تجد نفسها اليوم في وضع ما قبل الحرب الأهلية". وفي تصريح لمدير عام هيئة تنظيم النقل البري الأردني، قال إن الهيئة حولت (150) مركبة عمومية تعمل على خطوط المحافظات الأردنية مع سورية باتجاه المملكة العربية السعودية، بسبب الأحداث الجارية في الجانب السوري. وكان وزير الصـــناعة والتجـــارة بين أن 60 % من تجارة الأردن الخارجية تأتي عن طريق الحدود السورية، كما أكد مدير جمرك جابر تراجع نشاط النقل بين سورية والأردن بنسبة 30%.
من جانبه نقل موقع ويكليكس وثيقة تفيد بأن مستشارا للرئيس الفرنسي أفاد أمام دبلوماسيين أميركيين بأن العميد في الجيش السوري محمد سليمان الذي اغتيل عام 2008، إنما قتل لخلافات بين أركان السلطة في نظام الرئيس بشار الأسد.و على الصعيد الاقتصادي قال شاهد عيان يوم الاثنين إن انفجاراً وقع في خط أنابيب للغاز قرب بلدة الرستن في محافظة حمص بوسط سورية وشوهدت ألسنة النيران تتصاعد من الموقع. وهذا ثاني انفجار تحدثت عنه تقارير في خط أنابيب للطاقة في حمص خلال أسبوع، كما أعلنت شركة صن كور إنرجي الكندية أنها بصدد الانسحاب من سورية امتثالا للعقوبات التي أعلنها الاتحاد الأوروبي.