الثورة تدفع الناس إلى حياة التحرر

من القيد والظلم و"العصا الغليظة"

رضا سالم الصامت

عام 2011 شهد ثورات عربية و صحوة شعبية ،منذ بدايته و كانت الانطلاقة الأولى من تونس في 14 يناير لتتحول في ما بعد إلى مصر في 25 يناير ثم ليبيا في 17 فبراير و هكذا .

ترتبط الثورة  في أذهان الناس بحالة الفوضى و الانفلات الأمني  و حرق المنشآت و المؤسسات و عمليا نهب الخ...

هذه الفوضى  تحدث عقب انهيار الأنظمة الدكتاتورية  و هي المرحلة الأولى  لولادة الثورة  و هذا طبيعي... هي تحدث خلل في الحياة العامة و في مؤسسات الدولة  اثر تغيير نظام و بالتالي هي تعطي المجال  لطرح أفكار جديدة حول  الدولة و مؤسساتها  الرئيسية  و انتقال السلطة  من حكم استبدادي إلى حكم ديمقراطي ..بصفة مؤقتة ، و انتقال البلاد لمرحلة ثانية  في النظام و المجتمع .

الثورة الفرنسية على سبيل المثال  التي انطلقت عام 1799 حالت  السلطة دون التطورات الاجتماعية و الاقتصادية  التي شهدتها البلاد  . نفس الشيء تقريبا في روسيا  عندما قامت ثورة 1917  بعد  أن نقل الأفكار الماركسية  إلى مجتمع جديد  ، بينما في الصين  نجحت الثورة  لأن المجتمع بحاجة  إلى التغيير ، حيث كان  يعاني من الفساد الضارب أطنابه  و الحكم الإقطاعي الإمبراطوري  مع التدخل الأجنبي . الشعب الصيني كان يدرك تماما  أهمية المحافظة على  ماضيه العريق و  ثقافته الرائدة  و حضارته . فكانت ثورته ناجحة ضد الظلم و ضد الاحتلال الياباني  ، حيث قامت مع بداية  القرن الماضي  و استمرت من سنة 1941 إلى 1949 و قيام جمهورية الصين الشعبية  و دعمت حقوق  العمال و الفلاحين  و تنمية الإنسان الصيني  على كافة الأصعدة .

الثورة الصينية  نقلت البلاد من حالة البؤس إلى حالة الإصلاح و من حالة الانغلاق إلى حالة الانفتاح و ثلما قال الزعيم الصيني دينغ سياو بينغ  : " لا يهم إن كان القط لونه أسود أو أبيض ،  لكن الأهم أن يكون قادرا على صيد الفئران "

هذه فكرة عامة عن أهم الثورات التي حدثت في العالم ، تقريبا  و لكن ثورات  الربيع العربي  أعطت مثالا لدى الشعوب في أن لا حياة لشعب يعيش بين الحفر ، و هي ثورات سلمية حضارية قوبلت بسخط الحكام  الطغاة و بآلتهم العسكرية التي  تقتل و تعيث فسادا على الأرض مثل ما  يحدث الآن في البحرين و سوريا و في اليمن

إن الشعب إذا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب له القدر  هكذا قال الشاعر أبو القاسم الشابي  .. فالثورة تدفع الناس  إلى حياة التحرر من القيد ، تدفع الناس إلى الشعور بالمسؤولية و الكرامة الإنسانية .

تدفعهم  إلى النهضة  و التطور  الصناعي و الاقتصادي  و التحول الحضاري  و الديمقراطية .

هذه الديمقراطية التي  تجعل الأفراد و الجماعات  بالدولة يحتكمون إلى قانون و مؤسسات  و أن يحكم الشعب نفسه بنفسه  دون أي تمييز لا عرقي و لا ديني ،  و يتحقق الانسجام  بين كافة أفراد الشعب . فالثورة اذن هي من تدفع الناس إلى حياة التحرر من القيد و الظلم و العصا الغليظة ، و مع دفع الثمن  الذي يكون باهظا .....