رسالة مفتوحة إلى ثوار سوريا
محمد عمر
ليس على الارض كلها قوة يمكنها ان تقف امام زحف الارادة، وليس على الارض كلها من يستطيع ان ينكر او يحاول انكار خصوبة الدماء التي تسيل من اجل بعث وهج الحرية المستمدة من كرامة الحياة والموت، هذه حقائق الوجود، وطبائع التاريخ، وسنن الكون، وانهمارات القطاف للأجيال التي ستقف امام لحظات تضحيتكم بكل اجلال وهيبة واعتراف بجميل لا يضاهيه جميل.
هذا ليس كلام انشاء، ولا صورة ادبية يمكن اختزالها بقصائد المبدعين، او روايات الاعلام، بل هي حقيقة تمنح الشعر والادب مادة من اجل تسجيل العظمة والرفعة والبسوق، التي تكرسها ثورتكم الخالدة على واقع انهكته النتانة وارهقته الدمامل السيالة بصديد الظلم والعدوان والتجبر والنذالة والانحطاط والسقوط والخيانة.
نتانة النظام المتربع على عرش الهزيمة والانحطاط والسقوط، وصديد حزب اللات وزعيمه الذي اشهر خيانته الصريحة ونذالة أهدافه الواضحة يوم اعتلت قواته صهوة الجريمة من اجل سفك الدماء السورية الثائرة من اجل الحرية والعدالة، ومن اجل المساواة والديمقراطية، ومن تحقيق الكرامة التي سلبت من الشعب السوري العريق منذ اعتلى حافظ سدة الحكم وحتى يومنا هذا.
وتجبر دولة الملالي، التي لا تكره ولا تحقد على تاريخ او امة، كما تحقد وتكره تاريخ العروبة والاسلام، هذه الدولة التي اقامت لقاتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه قبرا تحول الى مزار يتمسح به القادة والاتباع، تمسح الذليل امام القوي الذي حقق انتقاما من عدالة الفاروق رضي الله عنه وارضاه.
وهناك ايضا، اتباع واذناب النظام الحكم بالعراق بإرادة الولايات المتحدة الامريكية ودولة الملالي، النظام الذي ازاح بطل العروبة وشهيد التاريخ صدام حسين الذي مرغ وجه وجسد الحلم الفارسي بتراب العراق العريق بالحضارة والعطاء، هذا النظام الذي اعلن راسه بوضوح مطلق وقوفه الى جانب القاتل| القتلة| في النظام السوري وتركيبة حزب اللات الذهنية والعقدية، حين ادعى خوفه من سطوة السنة اذا سقط الفساد وسقطت الجريمة مع سقوط نظام الخيانة والاضطهاد والقتل والجريمة في دمشق.
انتم اليوم تقفون امام مد هائل، لا نقلل من قدرته ومن شهيته المفتوحة للدماء والاجساد البشرية، خاصة اذا علمنا وعرفنا وايقنا، بانه وصل الى درجة من الانحطاط والتردي والسقوط، حيث يقتل جنوده ويمثل بهم تمثيلا لا تقبله أي صفة حيوانية، ويغتصب النساء من كل الطوائف عن طريق مرتزقة دولة الملالي وحزب اللات وقوات المهدي، من اجل تلطيخ ثورتكم الناصعة البيضاء ببقع الرذيلة والصديد الذي يفوح منه ومن تاريخه ومن تكوينه منذ تسلم قاتل اطفال حماة وسافك دماء العلماء ومشرع اغتصاب النساء الحكم بعد انقلابه على الحكم الذي كان يمثل الدولة بكل مؤسساتها في ذلك الحين.
لكننا ايضا، ومن قراءة التاريخ والبحث به وتمحيصه، نعرف بان اقوى الطغاة واعتاهم – كما طاغيتكم – نظام الحكم – حزب اللات – دولة الملالي – قوات المهدي – لم يصمدوا امام انتفاضة الاطفال وثورات الشباب، كما لم يصمدوا امام هتاف فتاة كلمت بشرفها او فقد احبتها، ولم يصمدوا امام ذراعين فتحتهما ام وهي متوجهة الى الخالق البارئ من اجل تخليص حقها.
انتم تملكون الطاقات الخفية الفاعلة من كل أولئك الذين سبقوكم الى عليين، تملكون مددا من تلك الفتاة التي كلمت بشرفها، وجيوشا من عزة تتحرك بين يدي الام المشرعتين نحو الخالق، وتملكون خصوبة الارض التي تتشقق فرحا وتنغمر غيثا فرحا بخفق اقدامكم التي تجول الوطن هنا وهناك بحثا عن كرامة سلبت من اجيال سابقة من اجل استردادها في عصر ربيع ازهر واينع في تونس ومصر وليبيا، وهو في ازهاره في اليمن السعيد وحاضرة الامويين الذين انطلقوا مثلكم من اجل فتح العالم وتحقيق العدالة للناس في كل الكرة الارضية.
لا تأسوا ولا تتوانوا، ان وقفت الجامعة العربية منكم موقف المتفرج، فهي لم تدرك بعد معنى الحرية، ولم تلامس جرح شهيد فغر فاه طالبا منهم التحرك لنجدة الاجساد التي تحفرها القذائف ولم يشققها الرصاص، انتم الجامعة الحقيقية التي تستطيع ان تفرض ارادتها على كل المحيط الذي يتربص بكم، وانتم فقط من يستطيع ان يقول للجامعة العربية واللجنة الوزارية كيف تكون المواقف، وكيف تكون التضحيات، ومتى يمكن الركون للمنطق، ومتى يجب على المنطق ان يكون.
انا فلسطيني، ليس فخرا ادعيه، وان كان يحق لي الفخر بكوني كذلك، عرفت الظلم ولامست قوته وحرارته، حتى بلغ الحلقوم، لكنني اعترف بكل صراحة وصدق وتجرد، باننا في الوطن الفلسطيني لم نعهد مثل هذه الجرائم التي ينفذها النظام السوري من بشار الى اقل متضامن معه، ولم نعرف انواع التعذيب والترويع التي يمثلها بشار وزعيم حزب الله، ولم نرى في حياتنا " شبيحة " قادمة من حزب يدعي الثورية ومناصرة القضية الفلسطينية تمارس ما مارست شبيحة النظام والحزب من جرائم لو قدر لشاعر او اديب ان يصفها، للفظ روحه الما وحسرة على تلك المشاهد والجرائم التي لا توصف.
صحيح انني لا املك الكثير لمساندتكم، وليس في يدي ما اقدم لكم، ولكني على اقل تقدير، استطيع وباسم شهدائكم وجرحاكم، باسم النساء التي اغتصبت، والامهات اللواتي فقدن فلذات اكبادهن، وباسم الشباب الذي سفكت كرامته وعزته وانفته وانسانيته، ومن خلال الجنود التي الذين قتلوا بيد النظام وحزب اللات وخرجت الجنازات وكأنهم قتلوا على ايدي الثوار، باسم هؤلاء الابطال الذين سرقت ارادتهم وهم احياء، وحقهم من الذات وهم اموات، باسم هؤلاء، وجميع الاطفال في سوريا الحبيبة، استطيع ان اقول وبفم مفعم بالصدق والاختيار باننا كشعب فلسطيني، نرفض، بل نخجل ويتملكنا الحياء الشديد، حين يقترن اسم ابطالنا وشهدائنا باسم المقاومة والممانعة التي يدعيها جزاري العصر الحاضر مثل بشار وطغمته وحسن نصر اللات وحزبه، ونجاد ودولة الملالي التي تتربص بالعرب والعروبة.
نحن كشعب فلسطيني، ننأى بشرفنا وطهارتنا وبكارتنا وثورتنا وتاريخنا، ان يكون متصلا باي من القوى التي تقمع الشعب السوري وتسفك دماء الابرياء الانقياء من اجل البقاء على سدة حكم تكالبت من اجل ان تجعل جبهة الجولان جبهة الامان والاطمئنان، وقدمت لبنان وفلسطين كضحية من اجل بقائها وتفتيت العرب والعروبة والاسلام.
حسن نصر اللات – بشار – قوات المهدي – الخدم لدولة الملالي، لا يمكنهم ان يقولوا عن فلسطين أي قول، فأي لسان من تلك الالسنة يذكر فلسطين وثورتها انما هو لسان يلطخ التاريخ الفلسطيني، ونحن نأبى على تاريخنا الباحث عن الحرية ان بلهج به من يشارك في قمع الثورات وسفك دماء الشعوب، نحن لم نطلب مساعدتهم يوما، ولن نطلبها مستقبلا، لأننا نعلم ان السوري في اقصى سوريا، هو ذات الفلسطيني في اقصى فلسطين، وان الدماء التي تسفح من ذا على ايدي الصهاينة هي ذات الدماء التي تسفح من صهاينة النظام ومواليه او بالأصح اسياده.
فلسطين عمر بن الخطاب، وصلاح الدين الايوبي، وسيف الدولة الحمداني، فلسطين عمر المختار، وعبد القادر الجزائري، وصدام حسين، فلسطين يحيى عياش واحمد ياسين ونزار ريان، فلسطين هؤلاء لا يمكنها ان تدنس او تنجس بنظام بشار وحزب اللات وملالي طهران.
كما ان سوريا، الثورة، الشباب، الفتيات، الامهات، الاباء، الاطفال، التاريخ، الحضارة، قلعة الشام الرابضة فوق انفاس التاريخ الماضي كعملاق من الق ونور، لن يتمكن نظام بشار وحزب اللات ودولة الملالي من انهاء عزيمتها وقوتها وفتوتها وانطلاقتها نحو الكرامة والحرية والعدالة والانسانية، لان الانسان الحق لا يحتمل حركات الارهاب وانظمة القتل والدمار.
هي سوريا، التي تستعصي على التاريخ منذ القدم، وهي سوريا، التي بكم يا شباب الثورة ستكون اكثر منعة من ان يتمكن متطفل كبشار وحزب اللات من كسرها وادخالها في ديجور الظلمة التي عاشته الاجيال السابقة.
هي سوريا التي خرجت منها طل الملوحي، وحمزة الخطيب، ومنها خرج الشاب الذي بصق على صورة بشار رافضا السجود لغير الله تعالى وان كلفه ذلك حياته.
هي سوريا التي ستنزع اللثام عن تاريخ قادم، لا يكون السجود فيه لغير الله عز وجل. ومن اعتادت جبهته الصمود للخالق، فليس امامه مفردة الاستسلام او الهزيمة، انما هما مفردتان قالهما عمر المختار يوم اسره، النصر او الشهادة.
النصر على الارض، النصر الدنيوي، والشهادة، هي ايضا نصر، لكنها النصر الذي لا يضاهيه نصر، النصر الذي تمناه خالد بن الوليد رضي الله عنه وارضاه، لكنكم اليوم تقطفون المزدوج، فعبر الشهادة جزما ستحرر سوريا من استعمار جثم على صدرها منذ حافظ الذي حافظ على القتل والجريمة، وحتى بشار الذي بشر الشعب السوري باستمرار محافظته على عهد والده بالقتل والارهاب والجريمة.